علامات قسوة القلب والغلظة
قال المناوي: (إذ القلب القاسي لا يقبل الحق، وإن كثرت دلائله)
علامات قسوة القلب والغلظة:
1- عدم التأثر بالقرآن الكريم:
قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23].
يقول ابن كثير: (هذه صفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد. والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف، ُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه:
أحدها: أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات، وسماع أولئك نغمات لأبيات، من أصوات القينات.
الثاني: أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدًا وبكيًّا، بأدب وخشية، ورجاء ومحبة، وفهم وعلم، كما قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:2-4] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } [الفرقان:73] أي: لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها، بل مصغين إليها، فاهمين بصيرين بمعانيها؛ فلهذا إنما يعملون بها، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعًا له. الثالث: أنهم يلزمون الأدب عند سماعها، كما كان الصحابة، رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله، لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك؛ ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة) .
2- جمود العين وقلة دمعها من خشية الله:
قال تعالى مادحًا المؤمنين من أهل الكتاب: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].
قال ابن القيم: (متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أنَّ قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي) .
3- عدم الاعتبار بالموت والضحك عند القبور:
قال الغزالي: (الآن لا ننظر إلى جماعة يحضرون جنازة إلا وأكثرهم يضحكون، ويلهون، ولا يتكلمون إلا في ميراثه، وما خلفه لورثته، ولا يتفكر أقرانه وأقاربه إلا في الحيلة التي بها يتناول بعض ما خلفه، ولا يتفكر واحد منهم إلا ما شاء الله في جنازة نفسه، وفي حاله إذا حمل عليها، ولا سبب لهذه الغفلة إلا قسوة القلوب، بكثرة المعاصي والذنوب، حتى نسينا الله تعالى واليوم الآخر، والأهوال التي بين أيدينا، فصرنا نلهو، ونغفل، ونشتغل بما لا يعنينا) .
4- الكبر وعدم قبول الحق:
كما في حديث حارثة بن وهبٍ وفيه أنه سمع النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( «أهل النار كل جواظٍ عتلٍ مستكبرٍ» [البخاري] )) .
قال المناوي: (إذ القلب القاسي لا يقبل الحق، وإن كثرت دلائله) .
5- عدم الاهتمام بما يصيب الآخرين من أذى والسعادة بذلك:
فقد قيل في بيان معنى القساوة: أنها (التهاون بما يلحق الغير من الألم والأذى)
- التصنيف:
- المصدر: