نحن والناس
ومن أخطاء الإنسان المكروره، أنه يقترب ممن يستحق الإبعاد،
كتب : هاني مراد
أقصى ما نحتاج إليه في علاقتنا مع الناس، أن تكون دون حاجة أو مصلحة؛ لفتة حانية، همسة ودودة، كلمة طيبة، بسمة صادقة، دعوة بظهر الغيب، تقدير حقيقي، جملة ثناء وحفز ودفع إلى الأمام، خطاب تثبيت أو تصبير أو تعزية!
فأفضل ما تقدمه لإنسان أن تشعره بأنه إنسان! وعندما ترقّ له، أو تهتمّ له، أو تحتفي به، فأنت تعلن عن إنسانيتك قبل إقرارك بإنسانيته!
وما حاجتنا في رحلة الحياة إلى من يضيف عبئا إلى أعبائها؟ وما حاجتنا إلى من يفاقم وعورة الطريق التي نسلكها؟
أمّا المقرّبون، فإن لم نكن مصدر سعادة وأمان واطمئنان، فما فائدتنا لهم؟ وما جدوى قربنا منهم؟ فإن لم نكن كذلك، فالأبعدون أولى بهم!
ومع انتشار الأثرة، والحسد، والتباغض، والحقد، والشحناء، بين الأقرباء، يصدق قول ربنا "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان."
فأي قرب يستحقه من تلوّث بتلك الصفات؟ وكيف يكون أقرب المقربين مصدر تعاسة أو استياء؟
ومن أخطاء الإنسان المكروره، أنه يقترب ممن يستحق الإبعاد، ويبتعد عمن يستحق الاقتراب! فلا يكن مقياسنا الوحيد للقرب والتقدير والاصطفاء، صداقة منذ صغر، أو قرابة نسب، أو جيرة سكن! بل أولى من ذلك مقياسا، قرب الأفئدة والعقول، وصفاء النيّة، ونقاء الطويّة، وطيب الكلام، وودّ السلوك، وصدق القلوب، وحسن الأفعال!
- التصنيف: