من القفص الذهبي للزوجية إلى القفص المظلم
ابن القيم : "فالآلام والمشاق إما إحسان ورحمة،وإما عدل وحكمة،وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها،وإما لدفع ألم هو أصعب منها"
{بسم الله الرحمن الرحيم }
{وبه نستعين}
كل منا يتمنى العيش في بيت خال من الهموم والأحزان..تملأ أركانه السعادة والأمل بغد أفضل لكن أحيانا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
عندما تكون الحياة الزوجية قائمة على التسلط والتدخل في كل الأمور وفرض الرأي على الآخر بالإكراه وغيرها من الممارسات الخاطئة يبدأ التزعزع في هذه العلاقة وتأخذ منحى آخر ...
وهنا تنظر هذه الزوجة المسكينة إلى حياتها ويبدأ شريط الذكريات في المرور سريعا من أمامها كلمح البصر وترى على وجهها ما خطته هذه السنين العجاف في نفسها وقلبها من آلام وانكسارات وجروح ، فما انكسر قد ترك شظايا وتلك الشظايا أحدثت ندوبا عميقة والتي يظهر أثرها بوضوح عند أقل صدمة.
عندما يتعرض أي إنسان بشكل عام إلى ضغوط نفسية وآلام وكلام جارح بشكل مستمر فإن المشاعر السلبية لديه تتراكم على مر الأيام وتتحول إلى بركان قابل للانفجار في أي لحظة.
فما بالكم إن كانت الزوجة هي التي تتعرض لهذه الضغوط ومن قبل من؟ من شريك حياتها، وحبيب قلبها ، وسند ظهرها..
فإذا به لا يترك أي فرصة إلا وانتهزها فيسمعها أقسى العبارات ويصفها بأبشع الأوصاف ، ويمعن في إذلالها، ولم يقدر لها أنها زوجته وأم أطفاله، ولم تشفع عنده تلك السنين الطويلة التي صبرت فيها عليه وعلى غضبه وسوء خلقه !
، عندما تتحول السعادة إلى شقاء،والحب إلى بغضاء، والراحة والسكينة إلى ألم وحزن ونصب.. فحينئذ يتحول القفص الذهبي للزوجية الذي طالما حلمت الفتاة بدخوله إلى سجن مظلم وقاسٍ ويغدو شريك الحياة" سجانا " !
فهل تستحق المرأة أن تعامل هذه المعاملة القاسية !!
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم " «استوصوا بالنساء خيرا» " وكان صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في تعامله مع زوجاته رضي الله عنهن وحسن معاشرتهن .
ياترى لمَ هذه القسوة ؟؟
مع إن المرأة كائن ضعيف وحساس وأي كلمة قد تؤثر فيها، وهي دائما في حاجة إلى العطف والحنان وإلى قدر كبير من التفهم والاحتواء .
عندما تنكسر المرأة لن تسامح بسهولة ولن تغفر لمن ظلمها،لأنها ببساطة كائن يفيض بالمشاعر الجياشة،بحاجة لمن يجبر كسرها ويطبطب عليها بحنان،خاصة أنها سامحت كثيرا وتغاضت أكثر فرفقا بالقوارير أيها الزوج.
قال تعالى في سورة النساء الآية(١٩)
" {يا أيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما ءاتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} "
إذا بدأ كل زوج في البحث عما يسعد زوجته ويجلب لها أسباب الراحة فحتما سينعكس ذلك على المنزل والأسرة بكاملها وستحل السكينة والسعادة في أرجائه.
عندما يمد الزوج يد العون لزوجته ويتغاضى عن أخطائها وهفواتها سيجد شريكة حياته وراءه تسنده وتشجعه وتشد من أزره.
طبعا كلامي ليس موجها لكل الأزواج،وإنما موجه لكل من ظن أن قوامته سيف مسلط على رقبه زوجته، فهو بذلك لم يتقِ الله فيها بل خان الأمانة التي وكل بها وفرط في حق زوجته وشعورهابالأمان إلى جواره .
وأخيرا :
جبر الله كسر قلب كل زوجة عانت في حياتها وضحت بالكثير لتحافظ على منزلها وزوجها وأطفالها ولكنها لم تعد تحتمل !
وأواسيها بما قاله الإمام الحافظ ابن القيم :
"فالآلام والمشاق إما إحسان ورحمة،وإما عدل وحكمة،وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها،وإما لدفع ألم هو أصعب منها"
سمر والي
- التصنيف: