أهمية ووجوب التفقه في الدين
الواجب على المسلم أن يتعلم ويتفقه في الدين، وهكذا المسلمة؛ حتى يتعلم كيف يعبد ربه، وكيف يؤدي ما أوجب الله عليه، وكيف يتجنب ما حرم الله عليه؛ ولهذا يقول الرسول: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
سئل سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -مفتي عام المملكة- عن أهمية العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة، فأجاب سماحته قائلًا:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فمن المعلوم عند جميع المسلمين، وعند أهل العلم بالأخص، أن التفقه في الدين وتعلم العلم الشرعي من أهم الواجبات، ومن أهم الفروض لعبادة الله جل وعلا،
خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لذلك، وأمر العباد بذلك، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} [البقرة: 21]، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
ولا سبيل لمعرفة هذه العبادة ولا الطريق إليها إلا بالعلم، كيف يعرف هذه العبادة التي هو مأمور بها إلا بالعلم؟
والعلم: إنما هو من كلام الله ومن كلام رسوله
والعلم: قال الله وقال الرسول، وليس العلم بالتهجس والرأي والتخرص، وإنما مأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله بواسطة الأحاديث ونقل العلماء عن الرسول وعن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
فالواجب على المسلم أن يتعلم ويتفقه في الدين، وهكذا المسلمة؛ حتى يتعلم كيف يعبد ربه، وكيف يؤدي ما أوجب الله عليه، وكيف يتجنب ما حرم الله عليه؛ ولهذا يقول الرسول: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» متفق على صحته،
ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»،
ويقول عليه الصلاة والسلام: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
فالواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء التعلم والتفقه في الدين، عن طريق القرآن والسنة، وسؤال أهل العلم والتبصر.
قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، فالذي عنده قدرة وعنده علم، يأخذ من كتاب الله ومن سنة الرسول .
والذي ليس عنده قدرة ولا علم يسأل أهل العلم، ولا يجوز السكوت على الجهل والإعراض والغفلة، بل يجب أن يتعلم ويتفقه في الدين ويتبصر؛ حتى يؤدي الواجب: كيف يصلي؟ كيف يصوم؟ كيف يبيع؟ كيف يشتري؟ وهكذا يعرف المحرمات التي حرمها الله حتى يحذرها.
ومعلوم أن هناك أشياء معروفة من الدين بالضرورة، ويعرف أن الله أوجب عليه الصلاة، فالمسلم يعرف هذا، وأن الله أوجب الزكاة، وأوجب صيام رمضان، وأوجب الحج مع الاستطاعة، هذه أمور معروفة، ولكن يتفقه فيها، وكيفية كل منها.
كذلك من المعروف أن الزنا وشرب المسكر والسرقة من المحرمات، والشرك معلوم أنه من أعظم الذنوب، ولكن يتعلم: ما هو الشرك؟ وما هي تفاصيله؟ كذلك يحذر الزنا وأسبابه، ويحذر المسكرات واجتناب أهلها، يحذر الربا وأنواعه، ويتبصر فيه، ويحذر الغيبة والنميمة، ويتعلم ماهية كل منهما؛ حتى يدع ما حرم الله على بصيرة؛
لأنه مأمور بأداء الفرائض وترك المحارم... والله يقول: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] فالعبادة لله: توحيده، وطاعة أوامره وترك نواهيه، وهكذا قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} الآية [البينة: 5]؛
يعني بطاعة أوامره وترك نواهيه، والإخلاص له، وهذا يعم جميع الدين، وما علَّمَكم إياه وأمركم به التزموا به؛ إن كان أمرًا بالفعل، وإن كان نهيًا بالترك.
هذا هو الواجب على جميع المسلمين المكلفين، أن يمتثلوا لأمر الله وأمر رسوله، وأن يحذروا ما نهى الله عنه ورسوله، وبهذا يؤدون العبادة التي خلقوا لها، فالواجب التعلم والتبصر، والتفقه في الدين، وعدم التشبه بالكفار؛ نسأل الله العافية والسلامة
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-
- التصنيف:
- المصدر: