العوازل الحرارية (2-2)

منذ 2019-07-10

فحري بك يا من تحرص على عدم التعرض للهيب الشمس المحرقة في الدنيا، وتوصي أبناءك بذلك؛ أن تحرص كل الحرص على أن تقي نفسك وأهلك حر هذه الشمس يوم القيامة

العازل الثالث: التحاب في الله عز وجل وليس لأجل مصلحة دنيوية؛ فقد روى أبو هريرة   رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: «أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي» »([1]). وروى معاذ بن جبل  رضي الله عنه  أن رسول الله   صلى الله عليه وسلم قال: « «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» »([2]).

العازل الرابع: حفظُ سورتي البقرة وآل عمران؛ فقد روى بُرَيْدَة الأسْلَمي   رضي الله عنه أن رسول الله   صلى الله عليه وسلم قال: « «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ» »([3]) . وروى النواس بن سمعان    رضي الله عنه أن رسول الله   صلى الله عليه وسلم قال « «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَآلُ عِمْرَانَ» »، وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: « «كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا» »([4]).

 فاحفظ يا أٌخيّ هاتين السورتين بدلاً من حفظ الأغاني التي لا تزيد القلب إلا نفاقًا وفسقًا وبعدًا عن الله.

العازل الخامس: الصدقة على الفقراء والمحتاجين؛ فقد روى عُقْبَة بن عامر  رضي الله عنه  أن رسول الله   صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ»([5]).

فَحَرِيٌّ بكل مسلم أن يكثر من الصدقات ليستظل بها في يومٍ شديدٌ كرُبه؛ يغرق فيه الناسُ في عَرقهم.

أما العازل السادس: حكم الرعية بالعدل.

والعازل السابع: تنشئة الشاب على طاعة الله.

والعازل الثامن: تعلق القلب ببيوت الله.

والعازل التاسع: تجنب دواعي الزنا الذي تبثه معظم وسائل الأعلام ليل نهار.

والعازل العاشر: البكاء عند ذكر الله عز وجل.

والعازل الحادي عشر: إخلاص العمل لله وخشيته، ويجمع هذه الأعمال الجليلة حديث واحد رواه أبو هريرة   رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال: « «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» »([6]).

إنها لأعمال جليلة يستحق كل عمل منها وقفة بل خطبة كاملة.

فحري بك يا من تحرص على عدم التعرض للهيب الشمس المحرقة في الدنيا، وتوصي أبناءك بذلك؛ أن تحرص كل الحرص على أن تقي نفسك وأهلك حر هذه الشمس يوم القيامة، قال أبو موسى الأشعري  رضي الله عنه : (الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، وأعمالهم تظللهم وتصحبهم).

هذه بعض الأعمال التي تظلل صاحبها، وتعزله من حر شمس يوم القيامة، فالأمر جد خطير ولا وقت للمسلم ليضيعه فيما لا ينفع.

( {فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوٰزِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ*  وَمَنْ خَفَّتْ مَوٰزِينُهُ فأُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فِى جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَـٰلِحُونَ*  أَلَمْ تَكُنْ ءايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ * قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ * قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرحِمِينَ  * فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِى جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ} ) [المؤمنون:101-111].

اللهم وفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. 

 

([1])  رواه مسلم (2566).

([2])  رواه الإمام أحمد (22064)، والطبراني (167).

([3])  رواه الحاكم (2075).

([4])  رواه مسلم (805).

([5])  رواه الحاكم (1517)، وابن خزيمة (2431).

([6])  رواه البخاري (660)، ومسلم واللفظ له (1031).