الاعتدال .. وإلا رخصت نفوس
ثم استفتوا في تلك المسائل المتشعبة، وتساءلوا عن إخفاء الجرائم التي ارتكبوها، وحطت رحال الفتيات في نهاية المطاف بالزواج عند شخص يخدعنه؛ فيأخذ بقايا ما تبقى..!
هذه الحياة بُنيت على الاعتدال، ونزلت الشرائع مبنية على الاعتدال وتقصد الى إقامة العدل؛ ﴿ {وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} ﴾.
فإنه لما قست قلوب اليهود وفرّطوا فيما فرض الله وانتهكوا محارمه؛ شدد الله عليهم من العقوبات ما يردعهم ليعودوا الى التوازن والاستقامة.
ولما شدد القساوسة والرهبان على أنفسهم فامتنعوا عن الدنيا وطيباتها وعن النكاح المباح؛ أسرفوا في السر فيما امتنعوا منه، وكانوا قادةً في جمع الأموال وكنزها حتى نزلت بسببهم ﴿ {إن كثيرا من الأحبار والرهبان لَيأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبل الله، والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم. يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} ..﴾ وأمرهم الله بالعدل ونهاهم عن تحريم ما أحل.
ولما سلك بعض متصوفة المسلمين طريق الرهبان من الجوع والسهر تلفت عقول بعضهم وجُن من شدة الجوع وإتلاف النفوس، ومات بعضهم.
ولما شدد الناس اليوم في أمر الزواج المباح وتوسعوا في شروط الزواج حتى اشترطوا من الشقة الى حجرة الأطفال قبل مجيء الأطفال..! وصولا الى "المايكرويف" والتكييف؛ فتعطل الزواج المباح؛ عندئذ باعت البنت نفسها بورقة رخيصة لزميل قذر، أو شخص منحط، في الكلية أو في العمل، بورقة يشهد عليها تافه خبيث مثلهما أو سمسار أعراض..! وباعت أخريات شرفها في محادثة فيديو أو مكالمات صوتية؛ إذ تعطُل القوى الغريزية والتكلف في الموانع وتصعيب وتشديد الطرق المباحة لإروائها لا تستجيب لها الفطرة، ولا تقف الفطرة عند إرادات الأمهات السفيهة والآباء الحمقى، ولكنها كالماء المندفع إذا وجد سبيلا مغلقا سلك آخر؛ فسلكت قوى الناس الغريزية ما تروي به ظمأها لكن بطرق منحطة ومحرمة.
ثم استفتوا في تلك المسائل المتشعبة، وتساءلوا عن إخفاء الجرائم التي ارتكبوها، وحطت رحال الفتيات في نهاية المطاف بالزواج عند شخص يخدعنه؛ فيأخذ بقايا ما تبقى..!
العدل، والتوازن والبساطة وعدم التكلف، وعدم اتباع التنافس البشري مهما كانت ضغوطه، وعدم الاستجابة الى منافسات الأقران والقرينات، والبحث عن السعادة في الحلال واليسر والبركة. هذه أمور فيها خير كثير. ولن تترك بركةُ رب العالمين مثل هذه التوجهات النظيفة.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: