مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - ويل لكل همزة لمزة

منذ 2020-03-21

{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة]

{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } :

توعد سبحانه بالهلاك والعذاب الشديد كل من يهمز الناس بحركاته ويلمزهم بلسانه, ويحرص على جمع المال وكنزه ظناً منه أنه سبيل السعادة وطول العمر ووافر العافية, وهو لا يدري أن غروره بماله سيورثه النار التي تتحطم منها أعضاءه حتى تصل إلى سويداء قلبه, وهي عليهم مغلقة شديدة الإحكام ممتدة المغاليق لا مخرج منها.

قال تعالى:

{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة]

قال السعدي في تفسيره:

{ {وَيْلٌ } } أي: وعيد، ووبال، وشدة عذاب { {لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} } الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله.

ومن صفة هذا الهماز اللماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات وصلة الأرحام، ونحو ذلك،

{ { يَحْسَبُ} } بجهله { { أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } } في الدنيا، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر.

{ { كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ } } أي: ليطرحن { {فِي الْحُطَمَةِ} }

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} تعظيم لها، وتهويل لشأنها.

{ {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ } } التي وقودها الناس والحجارة

{ {الَّتِي} } من شدتها { {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} } أي: تنفذ من الأجسام إلى القلوب.

ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها، ولهذا قال: { { إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} } أي: مغلقة

{ {فِي عَمَدٍ } } من خلف الأبواب { {مُمَدَّدَةٍ} } لئلا يخرجوا منها { {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} } .
نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية .

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
والعصر إن الإنسان لفي خسر
المقال التالي
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل