تسلية النبي ﷺ في سورة الأنعام
وتعرض مصير الأمم السابقة ومصير المكذبين، موجهة الخطاب إلى النبي ﷺ مباشرة! فهؤلاء أيها النبي، ليسوا مغايرين لمن سبقهم، ولن يختلف مصيرهم عن مصير من سبقهم!
كما أن موضوع سورة الأنعام هو التوحيد، فكذلك هو تسلية النبي! يظهر ذلك في تسلسل الآيات ومغازيها، وفي ضمير المخاطبة المباشرة للنبي صلى الله عليه وسلم ، يتردد في جنبات السورة!
تبدأ أولى آيات خطاب النبيصلى الله عليه وسلم ، بافتراض أنه لو أنزل الله تعالى كتابا على المشركين، فلمسوه بأيديهم، لقالوا إن ذلك الكتاب سحر. فهم لا يريدون الإيمان!
ثم تشير الآيات إلى رغبتهم في أن يكون الرسول ملكا من الملائكة، وإلى استهزائهم بالرسل من قبلك أيها النبي، فلست بدعا من الرسل.
ثم تأتي 9 آيات متعاقبة من الآية 11 إلى الآية 19، تبدأ منها 5 آيات بكلمة "قل"، بل تكررت كلمة "قل" 10 مرات في هذه الآيات التسع! وفي ذلك تسلية واضحة وخطاب مباشر للنبي. وكذلك الحال في تكرار الأمر "انظر" ثلاث مرات، في السورة.
ويتجلى لطفه تعالى بنبيه في قوله: " {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} ..." وقد للتحقيق وتفيد التأكيد. وفي الآية لمسة لطيفة لعلمه تعالى بسبب حزن حبيبه النبي، وأنه تعالى هو أعلم به. وتتضمن الآية نفسها تعقيبا مباشرا على سبب التكذيب الذي كان سببا في حزن النبي، وهو أن المشركين يجحدون بآيات الله، فليس لك أيها النبي من الأمر شيء.
ثم تأتي مجموعة بديعة من الآيات الكريمة تبدأ من الآية 34 إلى الآية 39. وقد يبدو أن هذه الآيات تتحدث في موضوعات مختلفة. لكننا إن تتبعناها وجدنا أن إطارها يرسم لوحة بديعة مدادها تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم .
فالآيات تبدأ بأمر النبي إن كان كبر عليه إعراضهم، أن يقدم لهم آية من السماء أو الأرض. لكن هؤلاء موتى لا يسمعون! ثم إنهم يطلبون آيات، لكن الأرض والسماء تمتلئان بالآيات المتمثلة في الدواب التي يرزقها الرب المهيمن على الكون، فهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
وهكذا تسير الآيات تسلي النبي صلى الله عليه وسلم بالحجج الدامغة ليجابه بها المشركين، وتعرض مصير الأمم السابقة ومصير المكذبين، موجهة الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة! فهؤلاء أيها النبي، ليسوا مغايرين لمن سبقهم، ولن يختلف مصيرهم عن مصير من سبقهم!
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: