نصائح للنساء اللاتي لم يتزوجن
سألت فتاة الشيخ: أنها لا ترغب في الزواج؛ لأنها لا تحبُّ أن يفرض أحدٌ سيطرتَه عليها، ولا تُحِبُّ أن تكون مأمورةً عند أي شخص كان
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه بعض النصائح للنساء اللاتي لم يتزوجن, جمعتها من أقوال العلامة ابن عثيمين رحمه الله, أسأل الله أن ينفع بها.
نصيحة للنساء اللاتي تأخَّرْن عن الزواج:
قال الشيخ رحمه الله: النصيحة التي أُوجِّهها إلى مثل هؤلاء النساء اللاتي تأخَّرْنَ عن الزواج - أن يلجأْنَ إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرُّع إليه بأن يُهيِّئ لهنَّ مَنْ يُرضى دينُه وخُلُقُه، وإذا صدق الإنسان العزيمة في التوجُّه إلى الله، واللجوء إليه، وأتى بآداب الدعاء، وتخلَّى عن موانع الإجابة، فإن الله تعالى يقول: ﴿ { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ﴾ [البقرة: 186]، وقال تعالى:﴿ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ﴾ [غافر: 60].فرتَّبَ سبحانه وتعالى الإجابةَ على الدعاء بعد أن يستجيب المرء لله، ويؤمن به، فلا أرى شيئًا أقوى من اللجوء إلى الله عز وجل، ودعائه، والتضرُّع إليه، وانتظار الفَرَج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «واعلَم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العُسْر يُسْرًا» ، وأسأل الله تعالى لهن وأمثالهن أن يُيسِّرَ لهن الأمر، وأن يُهيِّئ لهن الرجال الصالحين الذين يُعينونهنَّ على صلاح الدين والدنيا.
المرأة التي لم يُكتَبْ لها الزواجُ تُثابُ إذا صبرتْ واحتسبَتْ:
سُئِل الشيخ : هل عدم زواجنا هذا بما يُسبِّبُه لنا من ألَمٍ فيه تكفير لذنوبنا؟ فأجاب رحمه الله:لا شكَّ أن هذا الذي حصل نصيب ومكتوب فإن الله سبحانه وتعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، وكتب على العبد أَجلَه وعملَه ورِزْقَه وشقيًّا أم سعيدًا، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } [الحديد: 22، 23]،
ومع كونه مكتوبًا مُقدَّرًا من الله عز وجل، فإن الله تعالى يُثيبُ المرء عليه إذا صبَر واحتسَب، فإذا صبر الإنسان واحتسب على المصيبة، كان في ذلك تكفيرٌ لسيئاته، ورِفْعةٌ لدرجاته، وتكثيرٌ لثوابه؛ قال الله تعالى: ﴿ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ﴾ [البقرة: 155 - 157]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
الزواج فيه خيرٌ كثيرٌ للمرأة:
يقول الشيخ رحمه الله مُوجِّهًا نصيحته لفتاة ترفُض الزواج : المرأة إذا تزوَّجَتْ حصل في زواجها خيرٌ كثيرٌ من إحصان زوجها، ونيل مُتْعتِها، وربَّما تُرزَقُ أولادًا صالحين ينفعونها في حياتها, وبعد مماتها, ثم هي أيضًا تُحصِنُ فَرْجَ زوجِها ويحصل بهذا النكاح الاجتماعُ والتآلُفُ بين الأُسْرتين: أسرة الزوج, وأسرة الزوجة.
لا ينبغي للفتاة أن ترفض الزواج؛ لأنها مُكرمةٌ عند أهلها:
سألت فتاة الشيخ: أنها لا ترغب في الزواج؛ لأنها لا تحبُّ أن يفرض أحدٌ سيطرتَه عليها، ولا تُحِبُّ أن تكون مأمورةً عند أي شخص كان، وأنها كل شيء بالنسبة لأهلها، وأنها لا تطلُب شيئًا إلا ويأتي إليها، وأنها مُكرَّمةٌ عند أهلها، إضافة إلى أنها لا تعرف الطَّهْي مُطْلقًا، ولا تُحِبُّ دخول المطبخ, فأجابها الشيخ رحمه الله: لا ينبغي للمرأة أن ترفُض الزواج بمثل هذه الأعذار التي ذكرتها السائلةُ، بل تتزوَّج، وربما يكون حالُها بعد الزواج خيرًا من حالها قبل الزواج، كما هو الشائع المعلوم، فالذي أُشيرُ به على هذه المرأة أن تتزوَّج، وألَّا تجعل مثل هذه الأعذار عائقًا دون زواجها، وستجد - إن شاء الله تعالى - خيرًا كثيرًا في تزوُّجها، ثم إن كونها تُعوِّد نفسَها ألَّا تكونَ مأمورةً، ولا يُحال بينها وبين مطلوبها، فهذا خطأ؛ بل الناس بعضهم لبعض، يأمُر بعضُهم بعضًا، ويُعِينُ بعضُهم بعضًا، ويمنع بعضُهم بعضًا، فالإنسان ينبغي له أن يصبر، وأن يتكيَّفَ مع الحياة كيفما كانت، إلا في الأمور التي فيها معصية الله ورسوله، فإن هذا لا يمكن لأحدٍ أن يرضى به.
الامتناع من الزواج بحجة إكمال الدراسة نظريةٌ خاطئةٌ:
قال رحمه الله: أقولُ تعقيبًا على السؤال حيث امتنعت المرأة من النكاح بذي الخُلُق والدين من أجل أن تُكمِل دراستها في الجامعة أقول إن هذه نظرية خاطئة لأن تكميل الدراسة في الجامعة بالنسبة للمرأة ليس أمرٌ ضروريٌّ، فهي ليست بحاجة إلى أن تترقى إلى الدراسات العُليا؛ لأنها إذا فعلتْ ذلك...فإن ذلك سيكون فيما بَعْدُ عِبْئًا عليها، فلن ترضى لنفسها إلا بوظيفة تُناسِبُ شهادتَها، وإذا توظَّفَتْ هذه الوظيفة انشغَلَتْ عَمَّا هو أهمُّ من إصلاح أولادها، وإصلاح بيت زوجها، وغير ذلك.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: