مع الأنبياء - وعلم آدم الأسماء كلها

منذ 2021-06-29

هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة ، بما اختصه به من علم أسماء كل شيء دونهم

فضل الله تعالى آدم وذريته على غيرهم من المخلوقات بالعلم, ورفع أهل العلم دون غيرهم إذا ما اقترن العلم بالإيمان, وجعل فضيلة العلم هي أبلغ رد على خوف الملائكة من إفساد آدم وذريته في الأرض أو سفك الدماء فيها.

قال تعالى:

{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [(31) البقرة]

قال الإمام ابن كثير في تفسيره:

هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة ، بما اختصه به من علم أسماء كل شيء دونهم ، وهذا كان بعد سجودهم له ، وإنما قدم هذا الفصل على ذاك ، لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة ، حين سألوا عن ذلك ، فأخبرهم [ الله ] تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ؛ ولهذا ذكر تعالى هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم ، فقال تعالى : ( وعلم آدم الأسماء كلها )

ثم يكتمل المشهد برد الملائكة على الله بكل تقديس ومهابة:

قال تعالى:

  {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) } [البقرة ] 

قال ابن كثير:

{قَالُوا سُبْحَانَكَ} أي: ننزهك من الاعتراض منا عليك, ومخالفة أمرك. {لَا عِلْمَ لَنَا }  بوجه من الوجوه  { إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}  إياه, فضلا منك وجودا، { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}  العليم الذي أحاط علما بكل شيء, فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والأرض, ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. الحكيم: من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق, ولا يشذ عنها مأمور، فما خلق شيئا إلا لحكمة: ولا أمر بشيء إلا لحكمة، والحكمة: وضع الشيء في موضعه اللائق به، فأقروا, واعترفوا بعلم الله وحكمته, وقصورهم عن معرفة أدنى شيء، واعترافهم بفضل الله عليهم; وتعليمه إياهم ما لا يعلمون. أ هـ

وفي هذا بيان بإقرار الملائكة بفضل العلم والعلماء

قال تعالى : 

  {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات

في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: من حديث معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:  «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» 

وقال  صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» .. [رواه الإمام مسلم] .

 قال الشاعر:

العلم يبني بيوتاً لا عماد لها --- والجهل يفني بيوت العز والكرم

#أبو_الهيثم

#مع_الأنبياء

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
إني جاعل في الأرض خليفة
المقال التالي
وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم