من حديث: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله..)

منذ 2021-09-18

فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بعظم حقِّ الجار، وأن الواجب على الجار مع جاره: الإحسان إليه، وكفّ الأذى عنه، هذا هو الواجب على الجيران

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أَن النَّبيَّ ﷺ قَالَ:  «واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ» ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ:  «الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ». وفي روايةٍ لمسلمٍ:  «لا يَدْخُلُ الجنَّة مَنْ لا يأْمَنُ جارُهُ بوَائِقَهُ».


وعنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: «يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ» (متفقٌ عَلَيْهِ).
وعنه رضي الله عنه: أَن رسول اللَّه ﷺ قَالَ: «لا يَمْنَعْ جارٌ جارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في جِدارِهِ،» ثُمَّ يَقُولُ أَبو هريرة: مَا لي أَرَاكُمْ عنْهَا مُعْرِضِينَ، واللَّهِ لأَرمينَّ بِهَا بيْنَ أَكْتَافِكُمْ. (متفقٌ عَلَيهِ).


وعنه رضي الله عنه: أَن رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ» (متفقٌ عَلَيهِ).

 

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:


فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بعظم حقِّ الجار، وأن الواجب على الجار مع جاره: الإحسان إليه، وكفّ الأذى عنه، هذا هو الواجب على الجيران: أن يتعاونوا على الخير، وأن يُحسن كلُّ واحدٍ إلى جاره، وأن يكُفَّ عنه الأذى، ولهذا يقول ﷺ:  «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» ، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال:  «مَن لا يأمن جارُه بوائقَه غُشمه وظُلمه» كما في الرواية الأخرى: قيل: يا رسول الله، ما بوائقه؟ قال: غشمه وظلمه، فهذا وعيدٌ شديدٌ، وفي اللفظ الآخر: لا يدخل الجنة ما دام جاره لا يأمنه؛ لما يرى منه من الغدرات والإساءة والأذى.
فالواجب على الجار أن يُحسن إلى جاره، وأن يكُفَّ عنه الأذى.


ويقول ﷺ:  «يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو فرسن شاةٍ الظلف، ظلف الشاة» ، وفي اللفظ الآخر:  «ولو ظلف محرق».
والمقصود الحثُّ على إحسان الجوار، والتهادي بين الجيران، بين الرجال والنساء، ولو بالشيء اليسير، علامة للمحبة والألفة والصلة بين الجميع.


ويقول ﷺ:  «لا يمنع جارٌ جارَه أن يغرز خشبتَه في جداره» ، وفي لفظٍ آخر:  «خشبَه في جداره» ، فإذا احتاج جارُه إلى أن يغرز خشبَه في جداره فلا يمنعه من ذلك إذا كان الجدار يقوى على ذلك؛ لأنَّ هذا من باب إحسان المجاورة، أما إذا كان لا يتحمل فهذا شيءٌ معروفٌ؛ لقوله ﷺ:  «لا ضَرَرَ، ولا ضِرَار، فالمؤمن يتَّقي الله، ويُراقب الله في جيرانه، في المعاملة وكفِّ الأذى».


ويقول ﷺ:  «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤْذِ جاره»، وفي روايةٍ أخرى: «فليُحْسِنْ إلى جاره»، وفي الرواية الثالثة:  «فليُكْرِم جاره»، فالواجب إكرام الجار، والإحسان إليه، وكفّ الأذى عنه.
وهكذا الضيف: مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِم ضيفه.
وهكذا حفظ اللسان: يجب حفظ اللسان مما لا ينبغي، ولهذا يقول ﷺ:  «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» يعني: الواجب حفظ اللسان عمَّا لا ينبغي، إما الكلام الطيب، وإما الصمت.
وفَّق الله الجميع.
 

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-