إحسان الظن بالله عدة في الشدائد
إن حسن الظن بالله مع العمل الصالح والنافع يفتح باب الأمل، ويشجِّع على الصبر وبذل الجهد والاجتهاد في زمنٍ كثُر فيه الأعداء الطُّغاة البُغاة على المسلمين، وانتشر فيه من الفتن ما يَدَعُ الحليمَ حيرانَ.
أيها المسلمون: إن عين المتأمل لواقع المسلمين لَتَدْمَعُ، وإن قلب المؤمن من الحزن ليتقطَّع على ما يُفعل بأُمَّة الإسلام على مرأًى ومسمع؛ فمن يتابع الأخبار في شتى البلاد يقف على حقائق مرعبة؛ فأمراض وأسقام، وفاقة ونقص من الأموال والثمرات، وقتل وتدمير، وتعذيب وتهجير، وطمس للهُوِيَّةِ الإسلامية، ومحاربة العلماء والْمُصْلِحين، حتى بلغ ببعض الناس ممن نزلت بهم النوازلُ، وزَلْزَلَتْهُم الزلازل العاتية من الفتن والحروب، أن يتساءلوا: ما السبيل لزوال هذه الغُمَّة وذَهاب هذا العناء؟ ولعلي في هذا المقام أكتفي بأعظم دواء لكل ذلك؛ ألَا وهو حسن الظن بالله تعالى، ومعنى حسن الظن بالله تعالى: الثقة في الله ووعده، وحسن التوكل عليه، والرضا بأقداره، والتسليم لتدابيره، والاطمئنان لأفعاله، والسكون لأحكامه، وأنَّ ما ينزل بالناس من نازلة إلا بعلمه وتقديره، يَرفع بها أجرًا، ويدفع بها أكبرَ منها، ويختار بها من يشاء من العباد رِفْعةً لهم في آخرتهم والدنيا.
القرآن والسنة تتحدثان عن إحسان الظن بالله:
أيها المسلمون: لقد اعتنى القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية بغرس حسن الظن بالله في قلب كل مسلم؛ لتؤتِيَ ثمارها من رضًا ويقين، وحسنِ توكُّلٍ على الله، ولتكون حائطَ صدٍّ أمام القنوط والتشاؤم، وعدم الرضا والتسخط من أقدار الله؛ يقول الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 45، 46]، ويقول الله عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 19 - 21]، وعند الضيق والكروب والهموم؛ فالثلاثة الذين خُلِّفوا لم يُكشف عنهم ما حلَّ بهم من الكرب إلا حُسْنُ ظنهم بالله؛ قال الله سبحانه: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118]، كما أوضحت آياتٌ أخرى خطورةَ سوء الظن بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة، ما يدل على وجوب الرضا بما قسمه الله؛ يقول الله تبارك وتعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6]، ويقول الله سبحانه: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]، وفي السُّنَّة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي» ))، وفي رواية لأحمد: «إنْ ظنَّ بي خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله» )).
إحسان الظن بالله ودوره في تثبيت المؤمنين:
أيها المسلمون: إن حسن الظن بالله مع العمل الصالح والنافع يفتح باب الأمل، ويشجِّع على الصبر وبذل الجهد والاجتهاد في زمنٍ كثُر فيه الأعداء الطُّغاة البُغاة على المسلمين، وانتشر فيه من الفتن ما يَدَعُ الحليمَ حيرانَ.
وحسن الظن بالله له أعظم الأثر في حياة المؤمن وبعد مماته؛ فأما في حياته، فإن المؤمن حين يُحسن الظن بربه لا يزال قلبه مطمئنًّا، ونفسه آمنةً راضيةً بقضاء الله وقدره، يتوقَّع الخير منه سبحانه دائمًا في حال السراء والضراء، ينتظر نَصْرَ الله الذي يأتي عند انتفاش البغي والظلم، وتسرُّب اليأس إلى القلوب؛ قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، بشارة من الله بالنصر في شدة الكَرْبِ، ووَعْدٌ من الله لا يُخلِفه، وسيحققه لأوليائه على أعدائه؛ ويقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، فالنصر يأتي عندما يتسرَّب اليأس إلى نفوس أفضل المؤمنين يقينًا؛ وهم الرسل، وينزل الله بأسه الشديد بالمجرمين جزاء بما كانوا يعملون.
وجعل الله من ثمار الصبر وعبادة الصلاة حُسْنَ الظن بالله؛ قال الله سبحانه: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 45، 46]، وقد نال الرسل عليهم السلام المنزلةَ الرفيعة في ظنِّهم بالله؛ ففوَّضوا أمورهم إليه سبحانه وتعالى، فإبراهيم عليه السلام ترك هاجرَ وابنها إسماعيلَ عند البيت، وليس بمكة يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماء، ثم ولَّى إبراهيم منطلقًا فتبِعتْهُ هاجر عليها السلام؛ وقالت: ((يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا: وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يُضيِّعنا))؛ [ (رواه البخاري) ]، فكان من عاقبة حسن ظنِّها بالله ما كان، فنبع ماءٌ مباركٌ، وعمر البيت، وبقِيَ ذكرها خالدًا، وصار إسماعيل نبيًّا، ومن ذريته خاتم الأنبياء وإمام المرسلين.
واشتدَّ الخطب بموسى عليه السلام ومن معه؛ فالبحر أمامهم وفرعون وجنده من ورائهم؛ وحينها قال أصحاب موسى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]، فكان الجواب من النبي الكليم شاهدًا بعظيم ثقته بالله، وحسن ظنه بربه العظيم: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، فأتى الوحي بما لا يخطر على بال: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [الشعراء: 63 - 66].
إن حسن الظن بالله سفينةُ نجاةٍ في بحر المحن والفتن، وهو سموٌّ ورُقِيٌّ للمرء في وقت اليأس والقنوط، وحسن الظن بالله صفة عالية لأهل الإيمان، وبرهان على صدق التديُّن، وعلامة على السموِّ والرِّفعة.
ما أروع حسن الظن بالله حين يُوقِن المؤمن أن بعد الهزيمة نصرًا، وبعد الكسر جبرًا، وأن بعد العسر يسرًا، وأن بعد التعب راحة، وبعد الدمع بسمةً، وبعد المرض شفاء، وبعد الدنيا جنةً عرضها السماوات والأرض، أعدت للمتقين!
قل للذي ملأ التشاؤم قلبـــــــه ** ومضى يضيق حولنا الآفاقا
سرُّ السعادة حسن ظنك بالذي ** خلق الحياة وقسَّم الأرزاقــا
إساءة الظن بالله ودوره في ضعف المؤمنين:
أيها المسلمون: إن بعض الناس إذا رأَوا في الواقع أمورًا تُنكرها عقولهم المريضة، خرج ظنهم السيئ بالله على ألسنتهم؛ قال ابن عقيل رحمه الله: الواحد من العوام إذا رأى مراكبَ مُقلَّدة بالفضة والذهب، ودارًا مشيَّدة مملوءة بالخدم والزينة لفاسقٍ من الناس، قال: انظروا إلى إعطائهم مع سوء أفعالهم، قال: كيف يعطيهم الله هذا وهم لا يستحقون؟ أفعالهم سيئة، ظَلَمة، كَفَرَة، بأيديهم اقتصاد العالم، فيقول بعض أصحاب العقول المريضة: كيف هو يلعنهم في كتابه، ومع ذلك يُعطيهم؟ نقول: افهم يا مسكين، يُعطيهم استدراجًا ليزدادوا إثمًا: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178]، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيت الله تعالى يُعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج»؛ ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]))؛ [ (الألباني) ]، ويقول الله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 34، 35].
والذين يقولون: المسلمون ينتقلون من ابتلاء إلى ابتلاء، المسلمون يخرجون من محنة، ويدخلون في محنة أخرى، المسلمون يُقتلَون في بلد، ثم ينتقل التَّقتيل إلى بلد آخر، المسلمون لا أملَ لهم في الظهور ولا النصر، نقول: هذا من سوء ظنِّك بالله، ألم يتعهَّدِ الله بأن ينصر من ينصره في الدنيا قبل الآخرة؟ {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21]، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، والظانُّ بالله ظنَّ السوء أنَّ الله لا ينصر دينه وأولياءه، فليذهب ويضع الحبل على عنقه وينتحر؛ قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15]، هذا الذي يظن أن الله لن ينصر رسوله، ولن ينصر دينه وأولياءه، فليعلق حبلًا في السقف، ويلُفَّه حول عنقه، فيشنق به نفسه.
ومن سوء الظن بالله أن الله لا يحاسب المجرمين؛ نقول: اسمع إلى قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 42، 43].
ومن سوء الظن بالله تعالى الظنُّ بأنه سبحانه يوم القيامة قد يسوِّي الكافر بالمؤمن، فيجعل المسلم مع النصراني واليهودي والمشرك في مصير واحد؛ وهو القائل: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].
احذروا - عباد الله - سوء الظن بالله؛ فإنه من أعظم الذنوب؛ قال ابن القيم: أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به، فإن المسيء به الظن قد ظن به خلاف كماله المقدس، وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته، ولهذا توعَّد الله سبحانه الظانِّينَ به ظنَّ السَّوء بما لم يتوعد به غيرهم؛ توعدهم الله تعالى بقوله: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6]، وقال الله تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23].
كيف نحقق إحسان الظن بالله في حياتنا؟
1- التدبُّر في خلق الله تعالى وآياته في النفس والكون والحياة؛ قال الله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [الملك: 20، 21]، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 42].
2- معرفة أهمية حسن الظن بالله تعالى، وآثاره الإيجابية على النفس والمجتمع وعلى الحياة بجوانبها المختلفة؛ قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "والذي لا إله غيره ما أُعْطِيَ عبدٌ مؤمنٌ شيئًا خيرًا من حسن الظن بالله عز وجل، والذي لا إله غيره لا يُحسِن عبدٌ بالله عز وجل الظنَّ إلا أعطاه الله عز وجل ظنه؛ ذلك بأن الخير في يده"؛ [ (رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن) ].
3- أن تعلم أن حسن الظن بالله أقربُ الطرق إلى الفَرَجِ: من أحسن الظن بربِّه وتوكَّل عليه حقَّ توكله، جعل الله له في كل أمره يسرًا، ومن كل كرب فرجًا ومخرجًا؛ قال بعض الصالحين: استعمِلْ في كل بَلِيَّةٍ تطرُقك حسنَ الظن بالله عز وجل، في كشفها؛ فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج؛ قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].
4- فهم الدين فهمًا صحيحًا مع الثقة بوعد الله، وعلى هذه الثقة سار الصحابة وتربَّوا وتخلَّقوا بها؛ فكانوا يقينًا يفيض، وثقةً تنبع؛ ففي معركة الأحزاب لما سمعوا بتحزُّب القوم عليهم، وتكالبهم وما قاموا به من حصار على المدينة؛ صوَّر الله حالهم قائلًا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وقوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
________________________________________________________
الكاتب: د. عبدالرزاق السيد
- التصنيف: