حكم شراء العقار المغصوب

منذ 2012-06-11
السؤال:

أنا شابٌّ أبلغ من العمر (38 عامًا) وغير متزوِّج نظرًا لتواضع وضعي المادي، وتيسَّرت الأمور حاليًّا والحمد لله، وقد اشتريت شقَّة لأتزوَّج فيها، والذي يجدُر الإشارةُ إليه أنَّ هذه الشقَّة بإحدى العِمارات التِي اغْتُصِبَتْ من أصحابِها، والذين قد تَمَّ تعويضُهم مؤخَّرًا، مع ملاحظة أنِّي اشتريتُ الشَّقَّة من المقيم فيها حاليًّا، وأنا مُضطرٌّ لسلوك هذا التصرُّف، نرجو إفادَتَنا هل هذا التصرُّف جائزٌ شرعًا؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالغَصْبُ مُحرَّم بالكتاب والسنة والإجْماع، قال الله تعالى: {} [النساء: 29].

وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "" (متَّفق عليه).

وقال صلى الله عليه وسلم: "" (رواه أبو داود عن حنيفةَ الرقاشيِّ).

وروى مسلم في "صحيحه" عن سعيد بْنِ زيد، قال صلى الله عليه وسلم: "".

وبَيْعُ المغصوب باطلٌ؛ فلا يُملك به، ولا ينفذ تصرُّفه فيه، ويضمنه بنمائِه المتَّصل والمنفصل، وعليه أجرةُ مثله مدَّة بقائِه عندَه؛ لأنَّ الفقهاء متَّفقون على أنَّ مِن شروط البيع: أن يكونَ المبيعُ مَملوكًا لِلبائع، أو له عليه وِلاية أو وكالة تُجيزُ تصرُّفه فيه.

ولكن إن أجازه المالكُ الحقيقيُّ صحَّ البيع على أحَدِ قَوْلَيْ أهْلِ العلم.

قال في "فقه السنة": "يَحرم على المسلم أن يشتريَ شيئًا وهو يعلم أنه أُخِذَ من صاحبه بغير حق؛ لأنَّ أخذه بغير حق ينقل الملكيَّة من يد مالكه، فيكون شراؤُه له شراءً مِمَّن لا يَملك، مع ما فيه من التَّعاوُن على الإثْم والعدوان؛ روى البيهقيُّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: "" ... وإذا وقع العقد فإنَّه يقع باطلاً: لأنَّ المقصود من العقد هو انتفاعُ كلِّ واحدٍ من المتبايِعَيْنِ بالبدل، فينتفعُ البائع بالثَّمن وينتفع المشتري بالسِّلعة.

وهنا لا يَحصل المقصودُ من الانتفاع لما يترتَّب عليه منِ ارتكاب المحظور، ولما فيه من التعاون على الإثم والعدوان المنهيِّ عنهُما شرعًا، قال الله تعالى: {} [المائدة: 2]" انتهى.

وعليه؛ فلا يجوز لكَ تملك تلك الشَّقَّة إلا إذا أجازه البيعَ المالكُ الحقيقي للعِمارت، مع دفْعِ ثَمن الشقة إليه، وترجع بِما دفعت على الغاصِب الذي باعك إياها، وسواءٌ عوض أصحابها أم لم يُعوَّضوا إلا إذا خيِّروا بين ردِّها إليهم أو شرائِها منهم فيقبلون بَيْعَها؛ لأنَّ من شرط صحة البيع أن يكون عن تراضٍ؛ قال تعالى: {} [النساء: 29].

ولِما في ذلك البيع من أكْلِ أموال الناس بالباطِلِ، وعون الظالم على ظُلْمِه، والتعاون معه على السرقة التي هي من كبائر الذنوب.

كما تجب عليك التوبة النصوح مما أقدمت عليه من شراء شيء مسرق، ورد الغصب لأصحابه أو ابتياعه منهم،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام