حكم بيع الفضولي
ولا يعتبر هذا كبيع المسروق؛ لأن البائع في الأصل مفوض في البيع، وكانت له عليه ولاية أو وكالة تجيز تصرفه، ولكنه تعدى محل الوكالة وخالف ما اتفق عليه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤال ارجو الرد الشافي فيه اشتريت من شخص بضاعة تبين لي فيما بعد انها ليست ملكه وكان مفوضا ببيعها بمبلغ معين برسم الامانة واشتريتها منه بثمن بخس بعدما انتهت صلاحتيها لقاء تحصيل حساب بيني وبينه، انا تصرفت بجزء منها وبقي جزء اخر ماذا يجب علي ان افعل هل من حقي بيعه ام يجب علي رده لصاحبها وبالنسبة للجزء الذي بعته وقبضت ثمنه مالحكم الشرعي فيه؟ ارجو الرد بالتفصيل مع الاشارة الى البائع المؤتمن انه باعها بدون علم صاحبها بهذا السعر وقبض ثمنها ولم يعطه لصاحبها مالحكم الشرعي فيه هل تعتبر بمقام السرقة ام لا ؟ جزاكم الله خيرا
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أن المفوض في البيع قد باع البضائع بدون علم صاحبها، وبغير الثمن المتفق عليه، ولم يعط لصاحبها شيئًا- فإن صحة البيع موقوفة على إجازة المالك، ويعرف هذا البيع عند الفقهاء ببيع الفضولي، وذهب الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد إلى القول بجوازه، لكن يتوقف نفاذه على إجازة المالك.
جاء في كتاب "العناية شرح الهداية" (7/ 51-54):
"ومن باع ملك غيره بغير إذنه فالمالك بالخيار، إن شاء أجاز البيع وإن شاء فسخ، وهو مذهب مالك وأحمد في رواية.
وقال الشافعي في الجديد وهو رواية عن أحمد: لم ينعقد؛ لأنه لم يصدر عن ولاية شرعية؛ لأنها بالملك أو بإذن المالك وقد فقدا، وما لم يصدر عن ولاية شرعية لا ينعقد؛ لأن الانعقاد لا يكون إلا بالولاية الشرعية.
ولنا أنه تصرف تمليك، وقد صدر من أهله ووقع في محله فوجب القول بانعقاده... وهذا التصرف لما كان موقوفًا لما نذكر أفاد حكمًا موقوفًا، كما أن السبب البات أفاد حكمًا باتًا، أو أن السبب إنما يكون لغوًا إذا خلا عن الحكم.
قال: وأما وجوب القول بانعقاده؛ فلأن الحكم عند تحقق المقتضي لا يمتنع إلا لمانع والمانع منتف؛ لأن المانع هو الضرر ولا ضرر في ذلك لأحد من المالك والعاقدين، أما المالك فلأنه مخير بين الإجازة والفسخ، وله فيه منفعة حيث يكفى مؤنة طلب المشتري وقرار الثمن.
والدليل على ذلك عن عروة البارقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا ليشتري أضحية، فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار وجاء بشاة ودينار، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيعه بالبركة، فكان لو اشترى ترابًا ربح فيه"، لا يقال: عروة البارقي كان وكيلاً مطلقًا بالبيع والشراء؛ لأنه دعوى بلا دليل، إذ لا يمكن إثباته بغير نقل، والمنقول أنه - عليه الصلاة والسلام - أمره أن يشتري له أضحية، ولو كان لنقل على سبيل المدح له". اهـ. موضع الشاهد منه مختصرًا.
إذا تقرر هذا، فالواجب عليك مراجعة صاحب البضاعة، فإن أجاز البيع فهو صحيح ويأخذ الثمن من البائع، وإن لم يجز البيع فيجب عليك ردّ البضائع التي بحوزتك.
أما الجزء الذي بعته فإن استطعت أن ترده إليه كان متعينًا عليك.
ولا يعتبر هذا كبيع المسروق؛ لأن البائع في الأصل مفوض في البيع، وكانت له عليه ولاية أو وكالة تجيز تصرفه، ولكنه تعدى محل الوكالة وخالف ما اتفق عليه،، والله أعلم
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: