أيها الإسلاميون اتحدوا
ما يحدث في مصر يجعل الحليم حيرانًا، الفرصة مواتية لتحقيق الحلم، والأرضية الإسلامية صالحة لإقامة الدولة على أسس جديدة، لكن الأداء الإسلامي لا يتناسب وحجم التحديات، من غير المعقول أن يستمر هذا الانقسام الذي نراه الآن على الساحة السياسية.
ما يحدث في مصر يجعل الحليم حيرانًا، الفرصة مواتية لتحقيق الحلم، والأرضية الإسلامية صالحة لإقامة الدولة على أسس جديدة، لكن الأداء الإسلامي لا يتناسب وحجم التحديات، من غير المعقول أن يستمر هذا الانقسام الذي نراه الآن على الساحة السياسية.
لا أتحدث هنا عن المعركة الدائرة بين الإسلاميين في البرلمان واللجنة التأسيسية وبين خصومهم، والتي لا يمكن الاستهانة بها وبتداعياتها، لكن أتحدث عن الانقسام بين الإسلاميين أنفسهم بسبب المرشحين لمنصب الرئاسة.
نحن أمام حالة غريبة من التعصب، الذي تطور إلى موجة من الهجوم الإعلامي المتبادل بين أنصار الأحزاب والمرشحين خاصة على الإنترنت، وتم تسميم المشهد العام بالتراشق بالكلمات والتنابذ بالألفاظ، وترديد الافتراءات، بل والأكاذيب واستباحة المنافسين بالتشويه.
وبدلًا من أن يتوافق الإسلاميون على مرشح واحد، ووقف هذه المأساة، تفرقوا إلى ثلاث أو أربع كتل، وبعض الشباب المتحمس حوَل المنافسة الانتخابية إلى معركة (أكون أو لا أكون) وامتدت إلى التطاول على بعض العلماء الذين أبدوا -أو لم يبدوا- مواقف سياسية معينة.
ووسط هذا الجدل الذي فرق الصف المسلم شهد الأسبوع الماضي مفاجأة من العيار الثقيل، عندما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، كانت مفاجأة لسببين:
الأول: التراجع عن الإعلان السابق للجماعة بعدم ترشيح أي من أعضائها للرئاسة، بما أتاح للإعلام الليبرالي أن يشن حملة ضارية على الجماعة والإسلاميين.
ثانيًا: زيادة عدد المرشحين الإسلاميين الذين أصبحوا الآن أربعة ما لم يجد جديد.
ربما جاء الشاطر متأخرًا، وربما يرى بعض المحللين أن من الأفضل أن يمتنع عن الترشيح، ولكن قد نكتشف أن كثرة المرشحين الإسلاميين ظاهرة صحية، فهناك محاولات لاستبعاد أكثر من واحد منهم، قد يتحول ما نراه من محنة إلى منحة تجمع ولا تفرق.
يخطئ من يظن أن معركة الرئاسة هي المعركة الأخيرة لإقامة النظام الإسلامي، وأن الحكم الإسلامي مرتبط بشخص، وأن عدم فوز مرشح بعينه يعني فشل المشروع، إن بناء النظام الجديد ليس بالسهولة التي توقعناها، ويبدو أن البناء أصعب من الهدم ويحتاج إلى نفس طويل، وصبر وروح متسامحة تستوعب التنوع، وتسعى للبحث عن التلاقي وحشد الجهود في مشوار طويل قد يستغرق سنوات وسنوات.
لكن أي تقدم مرتبط بالاتحاد والعمل الجماعي، والتخلص من الفردية والسعي من خلال العمل الجبهوي، والخروج من قوالب الجماعات بمفهومها القديم، نرجو أن نرى المجلس الأعلى الإسلامي الذي يجمع هذه الفصائل والجماعات والأحزاب في كيان واحد، يوظف الطاقات الإسلامية للخروج بمصر من أزمتها، ويدير العملية السياسية بمهارة وكفاءة تنقذ البلاد من الفتن، وتحقق لمصر استقلالها ووحدتها.
وهذا المجلس إن تأسس سيلتف حوله الشعب، ويستطيع أن يفرض رأيه على الجميع ويحظي باحترام الأمة. ولتكن مبادرة الدعوة السلفية أساسًا وبداية، لقد طرحت الدعوة مبادرة حول مواصفات الرئيس المرشح وطبيعة الظروف، وخاطبت كل الجماعات والفصائل الإسلامية الحوار، بما يخرج الإسلاميين من الوضع الراهن إلى مساحة رحبة، نرجو أن يتوقف تحميل إخفاقاتنا لغيرنا، فالمشكلة عندنا نحن، وحلها بأيدينا..
إنها حقًا لحظة فارقة، تقتضي أن نعتصم بحبل الله جميعًا، وننسى خلافاتنا ونتسم بالإيثار وإنكار الذات، إن تحقق هذا لانتصرنا في معركة البناء كما انتصرنا في الثورة وأسقطنا النظام الذي لم يتوقع أحد أن يسقط.