رسالة إلى رئيس مصر... مَن أمِن العقوبة أساء الأدب

منذ 2012-07-28

لا بُد من نشر القيم الإسلامية في المجتمع، وذلك عن طريق إِفسَاح الطريق أمام الدُعاة والعلماء، فإن النظام السابق عادىَ أهل العلم والفضل، بل وحاربهم، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ»..


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد:

فهذه قاعدة قالها السابقون: "مَن أمِن العقوبة أساء الأدب"؛ لأنه لا يَجترئ على فِعل المُحرمات والتّعدي على حقوق الناس ومُمتلكاتهم، ونَشر الفوضى وأعمال البلطجة والتمادي في الإجرام إلا مَن أمِن العقوبة. فلا بُد مِن تَفعيل قانون الثواب والعقاب في المجتمع، فلو كانت هناك عقوبات رادعة من السلطان أو الرئيس لكل مَن تسول له نفسه المخالفة والتعدي والفساد؛ لانخفض مستوى الجريمة في المجتمع، وشعر الناس بالأمن والأمان في أوطانهم ومعاشهم؛ لذلك فإن العقوبة في القانون الإسلامي تتناسب مع قدر الجريمة، وهكذا ينبغي أن يكون القانون في تشريعاته في تحديد العقوبات. فإذا نظرنا إلى العقوبة في القانون الإسلامي تجاه جريمة الزنا لوجدنا أن العقوبة هي: الجلد للبكر، والرجم للثيب.


فلماذا كانت العقوبة تبدو قاسية؟!

لأن آثار الجريمة المترتبة عليها أشد ضرراً على المجتمع؛ فهذه الجريمة مِن أسباب انتشار جريمة القتل في بعض الأوقات بسبب الغيرة وهدمِ كَيان الأسرة وقطع العلاقات الأُسرية، واختلاط الأنساب، وتشرُّد وانحراف الأطفال، وانتشار الأمراض الخطيرة التي تُدمر البشر، وغير ذلك... والإسلام يُوازن بيْن الضرر الواقع على المُذنب والضرر الواقع على المجتمع.


وهكذا في جميع الجرائم؛ فعقوبة جريمة القذف ثمانون جلدة، وعقوبة جريمة السكر ثمانون جلدة كذلك، وعقوبة جريمة السرقة قطع اليد؛ لأنه لا يسرق إلا للطمع في الثراء من غير طريق العمل، والثراء لا يطلب من هذا الوجه الذي يروع الجماعة المسلمة في دار الإسلام، ويحْرمها الطمأنينة التي مِن حقها أن تستمتع بها، ويحْرِم أصحاب المال الحلال أن يطمئنوا على مالهم الحلال، والإسلام دائمًا يقوِّم دوافع النفس حتى تنضبط: إما بالترغيب أو بالترهيب.

ومن هنا: حض الإسلام على الكسب الحلال ورغب فيه، ورهب من السرقة بهذه العقوبة؛ حتى يستقيم المجتمع بما فيه مِن بار وفاجر. وعقوبة جريمة الفساد في الأرض القتل أو الصلب أو النفي أو تقطيع الأيدي والأرجل مِن خلاف، وعقوبة الردة القتل. وعقوبة البغي القتل أيضاً؛ فهذه العقوبات كلها تتناسب مع قدر الجريمة ومدى الضرر الواقع على الفرد والمجتمع. فأحوال البلاد والعباد لا تستقيم ولا تصلح إلا بتطبيق شرع الله، وتطبيق قانون الثواب والعقاب، وقد رأينا الحكم العجيب على "جمال وعلاء مبارك" مع ما يعلمه العالم كله عنهما من الفساد والتربح بطريق غير مشروع، والبراءة كذلك لأعوان وزير الداخلية السابق؛ وذلك لأن القوانين تحتاج إلى تعديل جذري؛ لأنها قوانين مغلوطة لا تتناسب مع قدر الجريمة!


وهناك في القانون الإسلامي ما يعرف أيضاً بالتعزير، وهو يُطلق على ما دون الحدّ وله ضوابط، وهو عقوبة تأديبيّة يَفرضها الحاكم أو القاضي على جِناية أو جريمة لم يُعيِّن لها الشارع عقوبة، والتعزير يكون بالقول مثل: الزجر والتوبيخ، ويكون بالضرب والحبس والنفي، وغير ذلك.

فنحن نُطالب الرئيس د."محمد مرسي" بتطبيق الشريعة وتفعيل القانون الإسلامي، وتشديد العقوبات على مُثيري الشّغب والفَوضى والبَلطجة في المجتمع، ولا بُد من تَشديد العُقوبات على تُجَّار المخدرات واللُّصوص وقاطعيّ الطريق، وغيرهم ممن يَسعون في الأرض فساداً، ومِن الخارجين على القانون والنظام العام في شتى المجالات في الدولة. لا بُد أن تَعود للدولة هَيبتها، وأن يكون لها يَدٌ على مُواطنيها، وألَّا يكون هناك أحدٌ فوق القانون، فلن تَنعم مصر ولا شَعبها بالأمن والأمان إلا بتطبيق شرع الله تعالى، وتفعيل القانون الرادع، وصدق عثمان رضي الله عنه عندما قال: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".


أيها الرئيس...
لا بُد من نشر القيم الإسلامية في المجتمع، وذلك عن طريق إِفسَاح الطريق أمام الدُعاة والعلماء، فإن النظام السابق عادىَ أهل العلم والفضل، بل وحاربهم، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ» [رواه البخاري].

أيها الرئيس... إن الله تعالى أَمرَ الذين يُمكِّن لهم في الأرض أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41]. فلابُد من إقامة الدِّين، وسياسة الدنيا بالدِّين.

أيها الرئيس... "من أَمِنَ العقوبةَ أساءَ الأَدب".

والله المستعان.


زين العابدين كامل

3-رمضان-1433هـ 21-يوليو-2012 م
 

  • 3
  • 1
  • 4,285

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً