القدر الليلة العظيمة التي شرفها الله

منذ 2012-08-08

سعيد بن مسفر أحمد الزهراني


بسم الله الرحمن الرحيم

القدر هي الليلة العظيمة التي شرفها الله سبحانه وتعالى بقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَالَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِخَيْرٌمِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر].

سبب تسميتها بليلة القدر:
فقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عزّ وجل وبيان إتقان صنعه وخلق .
وقيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف، لقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر].
وقيل: لأن للقيام فيها قدرًا عظيمًا ، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: {من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه} (صححه الألباني).

من فضائل ليلة القدر:
- أن الله أنزل فيها القرآن.
- أنها خير من ألف شهر.
-أن الله سبحانه وتعالى وصفها بأنها مباركة قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} [الدخان:3]
- أن الملائكة تتنزل فيها، وهم لا ينزلون إلاَّ بالخير والبركة والرحمة.
- أنها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل.
- أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة.
- أن من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

متى تكون ليلة القدر؟
ليلة القدر في رمضان؛ روى الإمام أحمد والنسائي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله أخبرني عن ليلة القدر أهي في رمضان أم في غيره؟ قال: بل هي في رمضان».

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تَحَرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (متفق عليه).

اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأولى من رمضان يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل: إنها في العشر الأواخر، وأريها صلّى الله عليه وسلّم، وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وكان معتكفًا صلّى الله عليه وسلّم فأمطرت السماء فوكف المسجد -أي: سال الماء من سقفه- وكان سقف مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم من جريد النخل؛ فصلى الفجر صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه، ثم سجد على الأرض، قال أبو سعيد: فسجد في ماء وطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته.. فتبيَّن بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين.

• لفته : في أحد الرمضانات في السنوات الفائتة شعرت بليلة إحدى وعشرين أنها كانت ليلة مميزة وبراحة وطمأنينة عجيبة، فسألت أحد مشائيخي فأجاب أنها في تلك السنة شعروا بها في ليلة إحدى وعشرين.
وليلة القدر لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل.
وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» (رواه البخاري).
أي في ليلة: إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، والله أعلم.
وأرجاها عند أهل العلم: ليلة سبع وعشرين.
*وليلة القدر تكون في الأوتار وغير الأوتار.

الحكمة من إخفاء ليلة القدر:
رحمة للعباد؛ ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء؛ فيزدادوا قربة من الله وثوابًا.

سؤال وجواب:
سألت أمنا عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول فيها؟ قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» ( صحيح، أعلام الموقعين لابن القيم).

ليلة القدر لها علامات تعرف بها منها:
1- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيدًا عن الأنوار.
2- الطمأنينة، أي: طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
3- قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسبًا.
4- أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة.
5- أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطًا، أكثر مما في غيرها من الليالي.
6- أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام.

إخواني:
اجتهدوا في طلب هذه الليلية الشريفة العظيمة المباركة، وقولوا بلسان العبد الفقير الخائف الذليل المنكسر بين يدي مولاه اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

-------------------------------
المراجع:
1- الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين رحمه الله.
2- مجالس شهر رمضان لا بن عثيمين رحمه الله.

سعيد بن مسفر

دكتوراه في العقيدة من جامعة أم القرى بمكة المكرمة

  • 11
  • 4
  • 18,358

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً