(دماء المصريين) بين المؤامرات والمواءمات
منذ 2012-08-21
على الدكتور مرسي أن ينفذ أجندته التي انتخب على أساسها بمن يرى فيهم الكفاءة دون الالتفات لأحد، فلو غرقت البلد سيتحمل المسؤولية وحده، ومن ورائها التيار الإسلامي الذي يمثله.
جاء حادث الاعتداء على الجنود المصريين في رفح المصرية على الحدود مع الكيان الصهيوني ليلقي ظلالا قاتمة على المؤامرات التي تشهدها البلاد منذ الثورة، التي أطاحت بنظام مبارك وازدادت بشدة بعد أن وصل الرئيس محمد مرسي إلى الحكم، كانت المؤامرات منذ الإطاحة بنظام مبارك يقف وراء معظمها فلول النظام السابق وشلة المنتفعين وأصحاب الأموال الحرام الذين جنوها من عمليات الفساد والنهب..
وكان المجلس العسكري الحاكم وقتها يقف موقفا غير حاسم تجاه هذه المؤامرات؛ لاعتبارات عديدة ناقشناها سابقا، ثم جاء الرئيس محمد مرسي كأول رئيس من التيار الإسلامي في تاريخ البلاد، وبدأت المؤامرات تأخذ طابعا مختلفا حيث انضم للمتآمرين تيارات سياسية ادعت انتماءها للثورة، واعتبرت وصول الدكتور مرسي للرئاسة تراجعا عنها وأصبح من أهم أهدافها تعطيل مسيرته، وللأسف ساعدها الدكتور مرسي بتأخره الشديد في تشكيل الحكومة الجديدة؛ بسبب موائمات رآها مرة تجاه المجلس العسكري ومرة تجاه القوى السياسية، التي حاول إرضاءها لتشكيل جبهة وطنية واسعة، ولكن وكما هو متوقع لم يفلح في ذلك..
وخرجت الحكومة تحمل فكرا ثوريا مع الاحتفاظ بعدد من الوزراء المحسوبين على النظام القديم، وهو ما أحبط قطاع عريض كان ينتظر بعد هذا التأخير تغييرا جذريا، وبعد فترة قصيرة من تشكيل الحكومة وقعت حادثة رفح بعد تحريض إعلامي مستمر على الدكتور مرسي، الذي قابل في وقت سابق رئيس الوزراء الفلسطيني التابع لحركة حماس (إسماعيل هنية) وأوامره بفتح معبر رفح لرفع العبء على قطاع غزة المحاصر، وخرجت قنوات التحريض تقول إن الفلسطينيين سيحتلون سيناء، وأن حماس ستتلقى السلاح عبر المعبر بدعم من الرئيس مرسي، ثم جاءت (إسرائيل) وادعت مهاجمتها بالصواريخ من سيناء، وأمرت مواطنيها بالخروج منها حتى وقع الحادث الذي سقط ضحيته 16 من جنود مصر..
إن مجريات الأمور تشير إلى تقصير أمني واضح يُسأل عنه الجيش، الذي يتولى قيادته المجلس العسكري وقيادات وزارة الداخلية، خصوصًا مع تصريح رئيس المخابرات السابق بأنه كان يعلم بحدوث الهجوم قبل وقوعه، وحذر السلطات المعنية.. والسؤال: لماذا لم تتحرك الجهات المعنية رغم خطورة المعلومات؟!
الغريب أن أجهزة الإعلام الخاصة والتيارات السياسية العلمانية التي تقف بالمرصاد للرئيس مرسي غمزت ولمزت الرئيس دون أن توجه أي انتقادات للمجلس العسكري وقيادت الداخلية، التي للأسف تأخر مرسي كثيرا في عزلها، وفي جنازة الضحايا تعرض رئيس الوزراء المحسوب على مرسي، والدكتور أبو الفتوح المرشح الإسلامي السابق للرئاسة، ونادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي للاعتداء دون أن يتعرض أحد من المجلس العسكري أو القيادات الأمنية لذلك..!
رغم أن المسؤولية الحقيقية مسؤوليتهم وما يوجه للرئيس من انتقادات يتلخص في بطئه في اتخاذ قرارارت جذرية لضبط الوضع الأمني في البلاد، وعلى رأس هذه القرارات تطهير وزارة الداخلية من أركان الفساد، والحسم مع المجلس العسكري وانتزاع صلاحياته كاملة منه.
لقد اتخذ الدكتور مرسي عدة قرارارات جيدة بعزل عدة قيادات أمنية بعد الحادثة، ولكن كالعادة جاءت متأخرة! فلماذا لم يتخذها من قبل، رغم أهميتها ومطالبة الملايين بها منذ نجاح الثورة؟ لقد ظهرت حقيقة المؤامرة عندما حرض صاحب أحد القنوات الفضائية المحسوبة على نظام مبارك على قتل الرئيس مرسي، وهدده في حال ذهابه للجنازة..
وكان نفس هذا الشخص قد حرض الجيش على الانقلاب على مرسي بعد فوزه بالانتخابات، يأتي ذلك وسط صمت مريب من أبواق الإعلام الخاصة، بل والحكومية التي كانت تسبح بحمد الرئيس مبارك في وقت سابق مهما ارتكب من أخطاء، ثم تأتي هنا لتقف هذا الموقف من رئيس جديد يسعى للم الشمل ويتعرض لمحاولات للنيل من صلاحياته..
أظن أن الدكتور مرسي تأكد من أن المواءمات أثبتت فشلها، وأن الاهتمام بما سيقوله هذا أو ذاك أو محاولة إرضاء أطراف معينة لن يجدي نفعا، فهي دائما ضده حتى لو جعل مصر القوة الأولى في العالم، كما ينبغي الوقوف بحزم مع الجميع وإلا ستسقط هيبته ومعها هيبة الدولة؛ فالتسامح في مثل هذه الظروف سيفهم على أنه ضعف أو محاولة لستر عيوب خفية..
على الدكتور مرسي أن ينفذ أجندته التي انتخب على أساسها بمن يرى فيهم الكفاءة دون الالتفات لأحد، فلو غرقت البلد سيتحمل المسؤولية وحده، ومن ورائها التيار الإسلامي الذي يمثله.
خالد مصطفى - 23/9/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر:
Amine Kader
منذ