المؤامرة الكونية
إن نفاق الغرب بات مفضوحاً فاضطر ساسته إلى الخروج من وقارهم المصطنع والتكلم بلغة مهرجي السيرك، ظانين أن هذه الألاعيب قادرة على خداع السوريين وملايين المؤيدين لثورتهم المظفرة بإذن الله..
في تاريخ النظام الأسدي الشديد السواد من أَلِفِه إلى يائه، لم يقل كلمة صدق واحدة، باستثناء جملتين تفضحان جوهره القبيح، أولاهما تلك التي يكتبها جنوده المأجورون على جدران المباني التي تنجو من حقدهم كما يردوونها بصفاقة لم تعرفها البشرية على امتداد تاريخها، وهي: الأسد أو نحرق البلد.
وها هم كلاب النظام ينفذون كلامهم الرهيب على رؤوس الأشهاد بلا حياء، لأنهم ليسوا سوريين إلا بالجنسية فلو كان لديهم أدنى شعور بالوطنية الفطرية المعهودة لدى سائر الأمم لما عملوا على تهديم الوطن وإحراقه!! فقولهم الأثيم وفعلهم الخياني شهادة منهم على أنفسهم بأنهم زمرة من الخونة والمحتلين لحساب سادتهم الصهاينة والصليبيين والصفويين.
والجملة الأثيرة الثانية التي يتشدق بها أزلام النظام وأبواقه، بالحديث المكرور إلى حد إثارة الملل عن مؤامرة كونية ضد وجود عصابة الأسد فوق رقاب الشعب السوري المنتفض على الظلم المقيم. فهنالك مؤامرة أممية حقاً لكنها مؤامرة إلى جانب النظام ضد الشعب الذي تركه العالم فريسة بين أنياب عصابة مسعورة عميلة.
واشنطن التي ترتدي زياً تنكرياً يزعم تأييد الشعب السوري، ترفض إقامة منطقة آمنة للسوريين المهجرين من ديارهم، وهي في الوقت ذاته تمنع تسليح السوريين للدفاع المشروع عن أنفسهم لكنها مستعدة للتدخل حتى بجنود على الأرض السورية إذا نجح السوريون في إسقاط عصابة بشار وأصبحت ترسانة الأسلحة الكيميائية والحيوية "البيولوجية" في خطر الوقوع في أيدٍ غير أمينة، فـ"أمانة" النظام السوري في خدمة اليهود ليست موضع شك البتة!!
والبيت الأبيض يشارك في مهزلة الأخضر الإبراهيمي ليكون خليفة كوفي عنان بالرغم من فشل مهمة عنان فشلاً اضطره إلى الاستقالة بعد أربعة شهور من مهمته كشاهد زور سقط فيها اثنا عشر ألف شخص -أي:أكثر من نصف عدد ضحايا النظام منذ اندلاع الاحتجاجا الشعبية ضده- وكأن المشكلة في الشخص وليس في تقاسم الأدوار في داخل مجلس الأمن الدولي بين الأمريكيين والروس.
وحتى لو غضضنا البصر عن الجانب الموضوعي ونظرنا في الجانب الشخصي فإن الإبراهيمي شر خَلَفٍ لشرّ سَلَفٍ فهو مثل سابقه عنان، إذ إنه يعترف منذ البدء باستحالة مهمته لكنه مع ذلك وافق عليها بعد يومين من التظاهر بالتمنع حتى يحصل على توافق دولي وتفويض جاد يختلف عن تفويض عنان من قبل!! والحقيقة أن حاضر الإبراهيمي التعس الآن ليس سوى استمرار لتاريخه المظلم فكثير من الناس لم يتنبهوا -أو: لم يسمح لهم الإعلام المضلل أن يتنبهوا- إلى أن هذا الرجل ارتضى أن يشغل منصب وزير خارجية الجزائر في الفترة التي يسميها الشعب الجزائري (الفترة القذرة) وذلك عقب انقلاب عملاء فرنسا في قيادة الجيش على انتخابات حرة ونزيهة في عام 1991م فألغوا نتائجها وأقالوا الرئيس الشاذلي بن جديد ووضعوه تحت الإقامة الجبرية وشنوا على الشعب حرب إبادة رهيبة.
وفرنسا على غرار أمريكا تصر على تشجيع عصابات بشار على مواصلة نحر سوريا وأهلها، تبلغ سياستها درجة من الإسفاف تستفز أكثر البشر حِلْماً، إذ تتوهم أنها قادرة على إقناعنا بأن سلاح الطيران الأسدي"القوي" هو السر وراء الفرق الشاسع بين موقف الغرب من مأساة الشعب الليبي ومحنة الشعب السوري!! ولسنا ندري إن كان هذا التهريج يستدعي ضحكاً كالبكاء أم بكاء كالضحك، فسلاح الطيران الأسدي -كسائر أسلحة عصابات بشار- لم يكن في يوم من الأيام قوياً إلا على شعبه وعلى الفلسطينيين واللبنانيين العزل أو شبه العزل. فأين كانت هذه القوة المفتراة يوم حلّق طيران العدو الصهيوني فوق قصر الطاغية في "حفلة" احتقار علنية، وكذلك عندما اخترق الطيران اليهودي أجواء سوريا حتى شمالها الشرقي ليدمر ما قيل: إنه مشروع مفاعل نووي بالقرب من دير الزور؟
إن نفاق الغرب بات مفضوحاً فاضطر ساسته إلى الخروج من وقارهم المصطنع والتكلم بلغة مهرجي السيرك، ظانين أن هذه الألاعيب قادرة على خداع السوريين وملايين المؤيدين لثورتهم المظفرة بإذن الله. فالجميع أصبحوا على يقين من أن المؤامرة الأممية على الشعب السوري هي مؤامرة غربية أصلاً، وأن مهمة موسكو ليست سوى دور باهت ومكشوف لمصلحة واشنطن وتل أبيب بالدرجة الأولى!
4/10/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر: