دم (كوري) رخيص عند (إسرائيل) .. ودمنا؟؟
..وفي الوقت الذي تقتل إسرائيل كوري وتتبرأ من مقتلها وهي الأمريكية التي تساند بلدها الكيان الصهيوني بشكل أعمى ضد العرب والمسلمين فليس من المستغرب ما تقوم به كل من واشنطن وتل أبيب من ظلم وقتل واستباحة لأعراض المسلمين، فإذا كان دم كوري رخيصا فما حال دماؤنا نحن المسلمين؟؟
لم يكن من المستغرب أن تتنصل (إسرائيل) من دم الناشطة الأمريكية راشيل كوري التي قتلتها عام 2003 حيث أصدرت محكمة (إسرائيلية) في حيفا قرارا بتبرئة قاتلها بحجة أنها هي التي عرضت نفسها للخطر عندما حاولت منع جرافة تابعة لجيش الاحتلال من هدم منزل فلسطيني في مخيم رفح للاجئين بالقرب من الحدود بين غزة ومصر.
ويأتي الحكم مثال آخر على الإفلات من العقاب وإغلاق لأبواب العدالة لضحايا المدنيين، بما في ذلك الأجانب، وقد اعتبرت منظمة (هيومن رايتس ووتش) أن الحكم يخالف القانون الدولي، الذي يشدد على حماية المدنيين في مناطق الحرب.
وقد أقر القاضي بأن مقتل كوري جاء في وقت الحرب عندما زعم في قراره أنه لا يوجد إهمال من قبل سائق الجرافة، وأن (إسرائيل) غير مسئولة عن أي أضرار وقعت، لأنها حدثت خلال "أنشطة وقعت في وقت حرب"!
ويشكل القرار المذكور مخالفة صريحة للقانون الدولي وكافة المواثيق والإعلانات العالمية؛ لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حيث نصت صراحة على عدم جواز المساس بالمدنيين وقت الحرب.
ورغم أن قرار محكمة العدو كان متوقعاً بالنسبة لذوي الضحية الذين لجأوا لرفع دعواهم عن طريق محام فلسطيني؛ أو حتى النشطاء والحقوقيين المتابعين للقضية؛ فإنه أثار موجة واسعة من التنديد والاستنكار؛ حيث وصفت وزارة العدل في غزة قرار محكمة الكيان بأنه مسرحية هزلية ودليل إضافي على استهتار "إسرائيل" بالقوانين الإنسانية، وعدم مبالاتها بحياة المتضامنين في الأراضي المحتلة.
مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ونائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان راجي الصوراني ألقى باللائمة على الولايات المتحدة التي تنتمي إليها الناشطة الضحية، وبجانبها العواصم الأوروبية والغربية، مؤكداً أن الاحتلال لم يكن ليتجرأ على مواصلة انتهاكاته لولا الدعم الذي يتلقاه من هذه الأطراف.
ودعت منظمات حقوقية فلسطينية إلى نقل هذه القضية إلى المحافل الدولية بحثاً عن طريق العدالة لملاحقة المتسببين في الجريمة مطالبة المحكمة الجنائية في (لاهاي) بمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق المدنيين الفلسطينيين والنشطاء المتضامنين معهم.
وبدورها أدانت منظمة العفو الدولية الحكم، واعتبرته نمطاً للإفلات من العقاب لانتهاكات الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورغم أن المحكمة الإسرائيلية برأت جيشها من تهمة قتل كوري، بعد رفضها الدعوى المدنية التي رفعتها العائلة وتتهم فيها إسرائيل بقتل ابنتها عمداً أو بسبب الإهمال، فإن العائلة لا زالت مصرّة على أخذ حق ابنتها، التي قالت لوالدتها في إحدى رسائلها إنه يجب "علينا جميعاً تكريس حياتنا" لمنع "إبادة" الفلسطينيين.
وبحسب أحد شهود العيان وقتها وهو الناشط في "حركة التضامن الدولية" توم دايل الذي كان يبعد عشرة أمتار عن راشيل يوم مقتلها فإنه من المستحيل ألا يكون سائق الجرافة قد رآها، فهي "كانت واقفة في الصباح، على ارض مفتوحة وترتدي سترة بالغة الوضوح، مشيرا إلى أنه قبل لحظات من سحقها، وقفت راشيل لفترة قصيرة على أعلى تلة ترابية تجمّعت أمام الجرافة".
وبعد الحادث، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون الرئيس الأمريكي جورج بوش بإجراء تحقيق موثوق في الحادث، ولكن لم يتم إصدار أي تقرير طبي بعد التشريح الذي أجراه المركز الوطني للطب الشرعي في تل أبيب.
ولكن منظمة (هيومان رايتس واتش) قالت: "إن نتيجة التحليل هي أن الوفاة نتجت عن ضغط كبير على الصدر، وكسور في الأضلاع والعمود الفقري، فضلاً عن تمزق في الرئة ونزيف داخلي".
وأغلق جيش الاحتلال تحقيقاته الخاصة في القضية في العام 2003 من دون اتخاذ أي إجراءات مدعياً أن طاقم الجرافة لم يتمكن من رؤية كوري، لأنها كانت وراء كومة من الأنقاض. كما زعم أن "موت كوري لم يكن نتيجة لعمل مباشر من الجرافة أو للدهس بل بعد سقوط مواد البناء والتراب عليها"، كما اتهمها ونشطاء آخرين (بتصرفات غير قانونية وغير مسؤولة) ساهمت في وفاتها.
هذا التجرؤ والتبجح ليس بالغريب على الكيان الصهيوني الذي يستهين بالقوانين والقيم الإنسانية بل والدينية أيضا ولعل أبرز مثال على ذلك ما يحدث في المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من انتهاكات والتي بلغت ذروتها ومداها ووصلت إلى حد إقامة مهرجان للخمور في باحة مسجد بئر السبع الشهر المقبل وسط إدانات فقط دون التحرك أو الضغط لوقف هذا الانتهاك الصريح لحرمة بيوت الله.
وفي الوقت الذي تقتل إسرائيل كوري وتتبرأ من مقتلها وهي الأمريكية التي تساند بلدها الكيان الصهيوني بشكل أعمى ضد العرب والمسلمين فليس من المستغرب ما تقوم به كل من واشنطن وتل أبيب من ظلم وقتل واستباحة لأعراض المسلمين، فإذا كان دم كوري رخيصا فما حال دماؤنا نحن المسلمين؟؟
إيمان الشرقاوي - 13/10/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر: