المؤذن وبرج بيزا

منذ 2005-07-21
كان المؤذن منصتاً السمع لما يتلوه ابنه من أخبار ومقالات نشرت على صفحات الجرائد اليومية، التي اعتاد على سماعها يومياً عن طريق ابنه لأنه كفيف البصر, وبينما هو كذلك سمع الابن يقرأ خبراً مفاده إن برج بيزا بإيطاليا مائل مما يعني أنه آيل للسقوط, فرد قائلاً وكأنه يستدرك الخبر: برج بيزا, إنا لله وإنا إليه راجعون..

أعد يا ابني القراءة, فأعاد الابن البار قراءة الخبر مرة أخرى, فطفق الأب يهمهم بكلمات لم يفهم منها الإبن إلا الحوقلة والاسترجاع وعلم إن والده حزن لسماع ذلك الخبر، ولكنه لم يفهم سبباً لحزنه؛ فبرج بيزا رمزاً من رموز الحضارة النصرانية وفي عاصمة بابويتها, فالأجدر بنا إن نفرح لسقوطه لا أن نحزن لمجرد ميوله، الأمر الذي قد يتداركه الطليان بالترميم ويصلحوا وضعه, هكذا كان يفكر الابن, وتبديداً لما يدور في ذهنه توجّه إلى والده قائلاً: يا أبتي منذ قرأت عليك خبر برج بيزا وأنت تحوقل وتسترجع، وأرى الحزن بادياً على قسمات وجهك, وهذا يذكرني برد فعلك عند ما قرأت عليك العام الماضي خبر هدم المسجد البابري بالهند, مع الفارق لما يعنيه أمر الخبرين؛ فالأول يعني هدم بيت من بيوت الله, فحق لك ولكل مسلم الحزن لهدمه, أما الثاني فهو يعني سقوط رمز من رموز النصرانية التي نتمنى سقوطها من العالم أجمع ليس من إيطاليا فحسب, فعلى ماذا تحزن يا أبي.

فسكت الوالد برهة من الوقت, ثم رد قائلاً, بني لعلك تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا بفتح رومية, وإن لم تذكره فسأورده لك: ( روى الحاكم في مستدركه بسنده « عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلاَءَ ). ثُمَّ قَالَ: (يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ)، قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، قَالَ: (إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الأَصْفَرِ وَيُقَاتِلُهُمُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الإِسْلاَمِ، أَهْلُ الْحِجَازِ. الَّذِينَ لاَ يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. فَيَفْتَـتِحُونَ الْقُسْطُنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ. فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا. حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالأَتْرِسَةِ.
وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلاَدِكُمْ. أَلاَ وَهِيَ كِذْبَةٌ. فَالآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ)
».

فكنت يا بنيَّ أحلم إني أرفع الأذان من على هذا البرج الذي ورد به الخبر, إذا فتحت روما, وكنت سعيداً بهذا الحلم، راجياً من الله العلي القدير أن يحقق لي هذا الشرف العظيم, وقد حزنت لسماع الخبر, فأخشى أن يسقط قبل أن يتحقق حلمي بالأذان فوقه.

انتهى كلام المؤذن.. وبقي أن نقول إن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بإعداد القوة لأعدائنا { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال:60], ومن أهم وسائل الإعداد إعداد النفس, فلو كنا ذلك الرجل الذي حمل بقلبه همَّ الإسلام واستيقنت نفسه إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق, وقد يكون عنده من علو الهمة مايجعله يحلم أن يرفع نداء التوحيد من أعلى أبراج عاصمة النصرانية, فلو عاش المسلمون هذا الشعور كما عاشه ذلك الرجل, واستيقنت أنفسهم أن رسول الله لا ينطق عن الهوى فما قال أنه سيكون كائناً لا محالة, لتغير حالهم عن ما هم فيه من ذل وخذلان, وتبدل ضعفهم إلى قوة وهزيمتهم إلى نصر وكان في ذلك غنى لهم عن إستجداء النصر من هيئة الأمم المتحدة, وغيرها من قوى البغي, والله المستعان.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 18
  • 4
  • 23,846
  • nour

      منذ
    [[أعجبني:]] كل شي أعجبني وإستغربت في روح الإسلام التي عند الشيخ يا ريت يعطي ربع هذه الروح لشباب المسلمين الذين يسمعون اغاني النصرانية ويلبسون ثيابهم
  • روز

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم ... بصراحه المقاال رااائع وبارك الله بكاتبه .. بصراحه شد انتباهي وخلاني اعيش معه جو الحوار واعطاني الفضول لأوصل لهدف المؤذن .. والله امنيه رائعه وجواب اروع ما بيخطر على البال .. بارك الله فيكم
  • م.م

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاك الله خيراوادام عليك نعمة العافية ارجوا منك ان تستمر في العطاء والبذل من اجل هذا الدين العظيم
  • سامح حسين

      منذ
    [[أعجبني:]] ايمان الشيخ الشديد برسولنا الصادق المصدوق، وهذا ما يجب ان يكون عليه كل مسلم على وجه الارض
  • أبو ابراهيم

      منذ
    [[أعجبني:]] المقال بفكرته اعجبتني [[لم يعجبني:]] لو انك قلت ان المؤذن بعد ان ذكر ابنه المثال عن المقال العام الماضي... ان العام الماضي كان الاعلام مهتم بالدين ... ام الان فالتفت الاعلام الى اشياء سخيفة وترك المهم
  • مها

      منذ
    [[أعجبني:]] ولا شي المقال يدل على رجعية عقول هؤلاء الناس فلم يجعلنا نأتي بعد الكافرين الا هذا الاسلوب فبدلا من محاولة التفوق عليهم نشتمهم ونقلل من حضاراتهم فهذه الحضاره سواء كانت مسلمه اوكافره هي حضاره يعرفها الغرب والشرق وبدل ان نتمنى زوالها وسقوط برج بيزا دعونا نقوم بالبحث والاختراع بدل النوح والتمني فبنظري هذا المفهوم هو غباء محض وكسل وغيرة [[لم يعجبني:]] نفس الموجود في الاعلى
  • عبدالفتاح

      منذ
    [[أعجبني:]] غدا نرفع الاذان فوق بيزا وفوق ايفل وفوق البيت الابيض باذن العلي القدير
  • أبوعبدالله

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولا : أحب أن أشكركم على ما تقومون به من نشر للعلم الشرعى والدعوة الأسلامية . ثانيا: أما بالنسبة لهذه المقالة ...فكم يحتاج المسلمين لمثل هذه المقالات فى تلك الايام العصيبة التى نعيشها ونتجرع فيها كأس الذل والهوان على يد أعدائنا وما ذلك الا لاننا ابتعدنا عن تعاليم ديننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فألقى الله عزوجل الوهن فى قلوبنا ونزع مهابتنا من قلوب أعدائنا . ثالثا: والله الذى لا اله الا هو انى أشعر بالسعادة الغامرة والثقة فى أن نصر الله قريب عند سماعى أو قرآتى لمثل هذه الأخبار..... فجزاكم الله خيرا,وأنشدكم الله أن تفيضوا علينا بمثل هذه الاخبار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  • ابو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] اولا انا اقل بكثير من ان اعطى تقيمى ولكن اود فقط ان اشارك كمسلم فيما اسمع من اخبار المتقين نحسبهم كذلك والله حسيبهم وتقييمى ان هذا الرجل قلبة حاضر بالله بمعية الله وان الله يشهد الحدث ويعلم النهاية ونصرة ات ولكن لمن كان لة قلب مثل قلب هذا الرجل يعتقد فى الله وفى علم الله وعلى معرفة بالله فالله اكبر الله اكبر الله اكبر ان يكون فى امتنا قلب مثل قلب هذا الرجل...يرى الاخرة قد اتت بنواصيها قبل ان تاتى [[لم يعجبني:]] لم يعجبنى فى المقال انكم لم توضحو تفسير الحديث جيدا وربطة بالواقعة والحدث كما ينبغى..... اخوكم ابو عبد الرحمن
  • اية

      منذ
    [[أعجبني:]] الذي اعجبنى انها بهدف وهو يريد تحقيقه والله معه في خدمة الاسلام والمؤمنين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً