التحوّل الاستراتيجي في المنطقة مع غزة
وفود حزبية وشعبية مصرية تتقاطر على قطاع غزة.. كل هذا أثناء القصف! ما الذي تغير؟
نبيل العربي يرأس وفد الجامعة العربية إلى غزة، والذي يضم عدداً من الوزراء من بينهم وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، وَوزير خارجية لبنان، عدنان منصور وَوزير خارجية العراق هوشيار زيباري، وَوزير خارجية السودان علي أحمد كرتي، وَوزير خارجية فلسطين، رياض المالكي، وَوزير خارجية تونس رفيق عبد السلام، ومن السعودية نزار بن عبيد مدني وَوزير خارجية الأردن ناصر جودة، وخالد بن محمد العطية، وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري..
ينضم إلى الوفد وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو..
قبلها زيارة رئيس الوزراء المصري على رأس وفد رسمي وكذلك وزير خارجية تونس على رأس وفد رسمي تونسي.
وفود حزبية وشعبية مصرية تتقاطر على قطاع غزة.. كل هذا أثناء القصف!
ما الذي تغير؟
إن مقارنة بسيطة بين عدوان 2008م وعدوان 2012م يظهر أن تحولاً هائلاً قد طرأ على المنطقة قيد حركة "إسرائيل" تجاه غزة، ورسائل تترا من أكثر من عاصمة عربية وإقليمية فيما الغائب عن الوجود هما العاصمتان الإقليمية والعربية، طهران ودمشق..
"محور الاعتدال" ظهير المقاومة.. "محور الممانعة" المدّعاة بعيد عن المشهد.. بالأحرى لا فاصل دقيق بين "الاعتدال" و"الممانعة" بين ممثلي الدول التي زارت غزة، فبعضها لها موقف متحفّظ حيال التأييد والمساندة لغزة وأهلها..
بعضها ساند بقوة، وبعضها تشجع بغيره، وبعضها حضر "مكرهاً"، تدفعه ضغوط من الداخل والخارج، حيث المزاج الشعبي العربي أضحى رقماً في المعادلة، وغلبة فكرة المساندة والتصدي زادت وتيرتها على الأقل في غزة "ما زالت تراوح ذاتها في سوريا"..
إننا إذن أمام تحوّل استراتيجي هائل يمكن تلمسه من إشارات تلك المواقف التي جعلت "إسرائيل" مترددة في تطوير هجومها وتشعر أنها تخسر معركة دبلوماسية وسياسية بالتوازي مع خسرانها العسكري..
بالتأكيد، بدا الفعل الغزاوي أكثر قدرة على التغيير في الحسابات الصهيونية؛ فما فاجأت به كتائب عِزّ الدين القسام والأجنحة الموازية جعل من "إسرائيل" تُعيد النظر في عمليتها وتفكر ملياً في أخذ هدنة للتفكير وإعادة ترتيب أوراقها من جديد، ومراجعة خططها العسكرية وقدراتها لاسيما في صعيد صد الهجمات الصاروخية، ومدى جدوى ضرباتها العسكرية من جهة، وفعالية القبة الفولاذية من جهة أخرى.
الصواريخ انهمرت بغزارة على كثير من بلدات فلسطين المحتلة 48، وقفزت القدرة الردعية لحكومة حماس وقوى المقاومة خطوات كبيرة للأمام.. صحيح أن إيران ساهمت في شيءٍ من هذا؛ لكن اليقين أن الثورات العربية قد فتحت أبواباً إلى الدعم النوعي من أكثر من دولة أو شعب..
وضعت معادلة الرعب، وارتأى الصهاينة أن عليهم الاحتماء من الصواريخ بالولايات المتحدة، وحتى مصر التي ينتمي رئيسها إلى جماعة الإخوان المسلمين، فجعلت تتوسل هدنة تبدو أنها باتت قريبة بوساطة مقدرة هذه المرة من مصر، وغيرها، لا لكونها تُمثّل عنصر ضغط على المقاومة مثلما كان أيام المخلوع وَ وزراء خارجيته لاسيما أبو الغيط، وإنما تُجسِّد أحلام المساندة والتأييد الطبيعية..
نعم هذا هو التطبيع الحقيقي.. أن تعود بعض الدول العربية إلى المساندة والدعم.
- التصنيف:
- المصدر: