الدولة العلوية القادمة

منذ 2013-01-11

ما الدولة العلوية القادمة؟، ما أهدافها، حدودها، داعموها؟، وسُبُل القضاء عليها قبل ولادتها.


ملاحظة: هذا المقال في الصميم، يسمي الأشياء بأسمائها دون مواربة، وهو مُوجّه للسوريين الشرفاء، وليس لجماعة (يااااي إنتا واحد تائفي)!


ملاحظة أخرى: كتبتُ في بداية الثورة مقالاً مُشابهاً، فهوجمتُ بشدّة، فالبعض يعتقد أنّه يستحيل إقامة دولة كتلك. حسناً يا قوم! دعونا لا نختلف، فإن كنتُ مخطئاً أو مُبالغاً فلن يضرّكم ذلك في شيء، وعليّ إصري، وإن كنتُ على صواب فإني قد حذّرتُ وبَلّغت قبل فوات الأوان، وهذا واجبي الأخلاقي والوطني، مع العلم أن التاريخ القريب شهِدَ إقامة دولٍ لا تمتلك أي مقومات الدولة، (تيمور الشرقية مثلاً)!

ها قد بدأت إرهاصات الدولة العلوية تظهر للعيان واضحة لكلّ لبيب، فاستخدام السلاح الكيماوي في حمصَ وحماةَ وريفهما، وارتكاب المجازر تلو الأخرى بدءًاً من مجزرة الحولة والقبير وحلفايا وغيرها كثير، وليس انتهاءً بمجزرة دير بعلبة ثم صمتُ المجتمع الدولي المتواطئ، بل حتى تجاهل الإعلام العالمي لأفظع مجازر يشهدها هذا القرن، كلّ ذلك مدروسٌ ومخططٌ له، حتى لو فغرتَ كلينتون فاهًا عن آخره من شدّة الصدمة لاستخدام سفاح دمشق السلاح الكيماوي، فإن تلك الصدمة مُخطط لها أيضًا، وحتى لو عبّر الساسة عن عظيمِ استيائهم، فإنه استياءٌ مدروس سلفًا ومُتفقٌ عليه.

ففي عُرفِ السّاسةِ الخُبثاء، وما أخبثهم، فإنكَ إن أردتَ تنفيذ مخططٍ على الأرض فما عليكَ سوى إلهاء الآخرين بالتصريحات السياسية النارية، ولفتِ انتباههم بتبادل الاتهامات وتراشقها، ثم الدفعُ بالمبادرات والتسويات وحشدها، وبين هذا وذاك يُعمى العالم بالتصريحات والمبادرات والاتهامات، ويغيبُ العقلُ عما يجري على الأرض من وقائع ومؤامرات! لذلك فإنّ من السذاجة أن لا يربطَ المرءُ ذلك كله مع ما يجري في حمص من إبادة منهجيةٍ مدروسة بإتقان في دوائر السياسة العالمية المُتصهينة برعاية روسية غربية.

فما يجري إنما يُشكّل حلقةً متكاملة تهدفُ في نهاية المطاف إلى إنشاء ذلك الكيان العلوي الدخيل.

ولكن ما هو الهدفُ من إنشاء الدولة العلوية؟
الدولة العلوية القادمة قد تكون أهمّ دولة في العالم! وقولي هذا ليس من قبيل التهويل ولا التـنـدّر في شيء يا سادة! فهذه الدولة يُنتظر منها أن تلعبَ في المستقبل القريب دوراً كبيرا يعجزُ عنه الآخرون، ولكن كيف ولماذا؟

التاريخ العلوي حافلٌ بالتعاون مع المحتلين والغزاة، بدءًا بالتتار والتعاون الوثيق معهم على استباحة البلاد وسفك دماء أهل السنّة في سوريا، ثم وقوفهم مع الصليبيين ومؤازرتهم وتسليمهم مناطق نفوذهم إليهم، مروراً بالاحتلال الفرنسي لسوريا، وليس آخر تلك السلسلة بيعُ الجولان ولا تدمير المدن، ولا ذبح الإنسان والحيوان في سوريا من الوريد إلى الوريد، فقائمة العمالة والخيانة والإجرام أطول من أن تُحصى أو تعد!

فكيف للعالم أن يُغفل ذلك التاريخ الحافل بالإجرام وسفك الدماء والخيانة دون الاستفادة منه؟!
وأين للعالم -بالله عليكم- أسفل وأحطّ وأقذر وأنذل وأخسّ من ذلك؟!

إنها فرصة تاريخية، وأيّما فرصة! فالمطايا جاهزة، والعَمَالة مُتجذرة، ودماء الخيانة تجري في عروقهم منذ قرون.

أهداف إنشاء الدولة العلوية:
لعلّ أهم هدف من إنشاء ذلك الكيان هو تلبية رغبات وتطلعات الدوائر الصهيونية العالمية، فالدولة العلوية الوليدة لن تكون معزولة عن العالم كما قد يعتقد البعض، فحدودها ستبدأ من لبنان حتى تخوم تركيا على طول الشريط الساحلي للبحر الأبيض (وقد تشمل جزءاً من الساحل). فتلك الدولة ستكون على تواصل جغرافي (ولو كان جزئيا) مع إسرائيل، وإذا ما علمنا أن في لبنان صهاينة أشدّ تصهيناً من الصهاينة أنفسهم، فإنها، لعمري فرصة من أكبر الفرص السانحة التي لن تتخلى عنها إسرائيل! وإن كانت إسرائيل تشكلُ نقطة في قلب الوطن العربي، فإنها مع نشأة الدولة العلوية ستصبح سرطاناً في عمق محيطها العربي.

كذلك فإن الدولة العلوية القادمة لن تكون إلا دولة وثيقة الصلة والروابط مع إسرائيل وحلفائها كأمريكا وروسيا وإيران وأوروبا، وستشكل الدولة الموعودة اليدَ الصهيونية الضاربة، والأداة القذرة لتنفيذ كل الأجندات القذرة في المنطقة، لتلعبَ دورًاً محوريًاً وحيويًا في زعزعة الاستقرار في المنطقة وتنفيذ الأجندات العالمية المرسومة لها بما في ذلك وضعٌ حدّ للطموحات التركية وإعادة رسم خارطة المنطقة بما يتناسبُ ومصالح الدول العظمى.

من هو الخاسر الأكبر في هذه الصفقة؟
الخاسرُ الأكبر هم السوريون الشرفاء دون شك، والدول العربية خاصة المجاورة منها، وكذلك تركيا!

فالدولة العلوية ستقوم على أشلاء سوريا الممزقة المدمّرة، فمناطق نفوذ العصابة الحاكمة لم يمسسها الخراب والدمار، والبنية التحتية لم يمسسها سوء، يترافقُ ذلك مع عودة رؤوس أموالٍ ضخمة من أرجاء سوريا إلى تلك المناطق -علاوة على الأموال المنهوبة المُهرّبة للخارج- لتبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران.

ففي الوقت الذي ستنشغل فيه سوريا المُحرّرة بتضميد الجراح وإعادة الإعمار، ستكون الدولة العلوية في حالة من النمو والازدهار، لتوظفَ عشرات المليارات من الدولارات المنهوبة في تقوية شوكة الكيان الجديد وإرساء قواعده، ثم الاعتراف به دوليا، ثم تقديم الحماية المطلوبة له (من أعدائه) تحت مظلة قبعات الأمم المتحدة الزرقاء، والجحيم كل الجحيم لمن يعتدي على تلك القبعات، فإنه كمن اعتدى على العالم أجمع، ثم يلي ذلك سحبُ كل المخزونات الكيميائية من أرجاء سوريا إلى ذلك الكيان، حيث الأيادي الأمينة التي تعرف كيف تصونه وأين ومتى وضدّ من تستخدمه!

أما الخاسر الثاني والأكبر: فهي تركيا، فالمُتأمّل في سياسة تركيا الخارجية وخاصة مواقفها الأخيرة، يعلمُ أنها باتت مصدر قلق للعديد من الدّول التي لا تريد لها أن تلعب دور الريادة في المنطقة وعلاوة على تصدّرها، بل وقيادتها الناجحة للمنطقة في المجال السياسي وسحبها للبساط من تحت أقدام العرب فيما يخص القضية الفلسطينية، باتت تركيا تشكلُ تهديدًا وتحدّيًا إقتصاديًا متعاظمًا تتخوفُ منه القوى العظمى وتحسب له ألف حساب، فتركيا ليست خصماً سياسياً للغرب فحسب، بل أيضاً عدوّ إقتصادي أصبح يقرعُ أبواب أوروبا وبقوة.

إنّ ما يُحاك لتركيا في الخفاء عظيم، وما يُراد لها من سوءٍ إنما هو أعظم، فالدول الإقليمية العظمى، ومعها إسرائيل وإيران، معنيّة بشكل كبير لتبقي المارد العثماني في قمقمه، وها هي الفرصة السانحة لتحجيم (الخطر العثماني الجديد) الذي لا يُخفي أحدٌ امتعاضه منه، ولن تجد تلك القوى الإقليمية والدولية وسيلة للقضاء على ذلك الخطر الذي بات يتهددها أفضل من دولة علوية تكون خنجراً في خاصرة المارد التركي القادم بقوة.

إنّ الدور التركي هامٌ وجوهري في وأدِ الدولة العلوية القادمة لما تشكله من خطر داهم عليها، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وجود حوالي ثمانية ملايين علوي تركي! إنّ على تركيا بذل الغالي والنفيس لإجهاضِ تلك المؤامرة حتى لو كلفها ذلك تضحياتٍ عِظام! فبداية نجاح مخطط الدولة العلوية، هو بداية سقوط تركيا في براثن المؤامرات وما يلي ذلك من سقوطٍ إقتصادي وسياسي.

ختامًا: فإني لم أهمل متعمّداً الجزءَ الخاص الذي أشرت إليه في عنوان المقال (سُبُل القضاء عليها قبل ولادتها)، إذ ليس من الحكمة أن يتحدث المرء في ذلك أمام الملأ، فالحرب خدعة، ومن لديه حيلة فيلحتل، وليس كلّ ما يُعرفُ يُقال، والقرار متروك لأصحاب الخبرة العسكرية، من ذوي الحنكة والدراية والتخطيط الإستراتيجي، لوضع الخطط المناسبة للتعامل مع المخطط القادم، والضرب بيد من حديد على يدِ كل من تسوّل له نفسه التآمر على السوريين.

كل ما ورد أعلاه هي مخططاتٌ تحاكُ بدهاء، ويُعملُ عليها بخفاء، والغباءُ، بل الانتحار والله، هو السماح بتمرير أي من تلك المخططات الشيطانية الصهيونية.

يجبُ على جميع السوريين الوقوف صفًاً واحدًاً في مواجهة تلك المؤامرة العالمية التي تحاك ضدهم، والتصدّي بشراسة لهذا المخطط المشؤوم حتى لو اضطروا لدفع أضعافِ الثمن الذي دفعوه حتى الآن، فإن قيام ذلك المِسخِ ستكون له عواقب وخيمة لا يعلمُ مداها إلا الله، وسيدفعُ أبناؤنا ثمناً باهظاً، تماماً كما ندفعُ نحن الآن فاتورة أخطاء آبائنا وأجدادنا.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.


ساري بن وادي

https://www.facebook.com/SariBenWadiLiterature?ref=stream
 

  • 2
  • 0
  • 1,585

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً