إلى أصحاب المحطات الفضائية

منذ 2006-01-19
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله..

أما بعد، يقول الله تعالى في كتابه المحكم:
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: « الدين النصيحة، الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم » [رواه مسلم].

لذلك أكتب إليكم هذه الكلمات التي خرجت من قلبي خالصة لإخوتي في الله، لعلها تكون منطلقاً إلى الهداية والإصلاح، والعز والنجاح في الدنيا والآخرة، وذلك هو الفوز العظيم. فآمل أن يتسع صدركم لسماع هذه النصيحة...

قال صلى الله عليه وسلم: « من سنّ سنة حسنة فعمل بها، كان له أجرها و أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سنَّ سنة سيئة فعمل بها، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئاً » [رواه مسلم].

ولقد تهافتت المحطات الفضائية على عرض البرامج التي تدور حول الشهوة واللذة وما عادت تقليداً أعمى للغرب فقط، بل فاقتهم في قلة الحياء والرعونة بما تقدمه من نساء عاريات، وبرامج هدّامة لا تدعو إلى صلاح الأمة والرفعة؛ بها بل إلى إفسادها وانحلالها، وأغانٍ ماجنة تخدر المشاعر ولا تدور سوى حول الهوى والنساء، مع ما تحويه من استخفاف بالدين واستهزاء بالله عز وجل وأوامره ونواهيه، فأصبحت وسيلة لفعل الزنا والفواحش.

فكم من أعراض قد انتهكت..
وكم من شباب قد ضاعوا..
وكم من فضيلة قد تلاشت..
وكم من أموال قد أهدرت على ما حرم الله..

فكانت سبباً لهلاك شبابنا وأطفالنا، وسبباً في العقوبات الإلهية؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور » [رواه الترمذي].. تماماً كما هو حاصل في هذا العصر.

كما كانت هذه الفضائيات وما تعرضه سبباً لهلاك أصحابها ومدرائها في الآخرة، فإنهم بهذا يحملون سيئاتهم وسيئات من تبعهم ومن أثّروا فيهم، كما قال سبحانه: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } [النحل:25].

ونحن يحزننا أن يكون إخواننا في الإسلام، هذا الدين القيم الذي أتى بالفضيلة والرحمة والصلاح، أصحاب هذه المحطات أو مدراءها من الذين أنعم الله عليهم وأسبغ عليهم، فلا تجعلوا هذه النعم وهذا العلم الذي تحملونه وسيلة لإشاعة الفاحشة في المؤمنين، وتشويه صورة الإسلام، بل وتحطيمها كما قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } [النور:19]..
بل لما لا تكون هذه الوسائل الإعلامية التي يصل صداها إلى العالم بأسره طريقة لبيان حقيقة هذا الدين وسموه وإبعاد الشبهات عنه، التي يتعرض لها في كل يوم آلاف المرات.


إخوتي في الله..
تخيلوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم داخل عليكم، يسألكم حالكم في هذه الدنيا، هل ستخجلون بعملكم؟ هل ستندمون؟ هل ستطلبون منه أن يستغفر الله لكم؟؟

فكيف بكم والله مطّلع عليكم ليل نهار؟؟ كيف بكم يوم الوقوف بين يديه عز وجل؟؟؟
{ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }، و { يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }، و { هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ }، { لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }.


إخوتي في الله..
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، واستعدوا للموت وللقبر وظلمته، وليوم القيامة وأهواله { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }
{ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }


غـداً توفّى النفوس ما كسبت *** ويحصــد الزارعـون ما زرعوا
إذا أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا

كما قال الشاعر:

يا نفس توبي فإن الموت قد حانا *** واعص الهوى فالهوى ما زال فتّانا
فــي كـل يـوم لـنـا مــن نـشـيـّعه *** ننسـى بـمـصـرعـه آثــار مـوتــانـا
يــا نفـس مـالي وللأمـوال أكنزها *** خلفـي وأخـرج مـن دنيـاي عريانا
ما لنــا نتـعـامى عـن مصـارعـنــا *** ننسى بغـفلتنا من ليس ينسانا

فعودوا إلى ربكم وحكّموا دينكم، واحذروا تضييع أماناتكم، وغش أبنائكم وبناتكم؛ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. و اعلموا أن الله يغفر الذنوب جميعاً فقد قال في كتابه الكريم: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.

وكما جاء في الحديث القدسي: « يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم انك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً غفرت لك ولا أبالي ».

فنسأل الله أن يغفر لنا ولكم، ويرحمنا بواسع رحمته، كما نسأله الهداية والتوفيق لما يحبه ويرضاه، و اعلموا أن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

والحمد لله رب العالمبن، وأصلي وأبارك على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.

المصدر: أم أحمد من لبنان - موقع صيد الفوائد
  • 4
  • 0
  • 12,027
  • أبو مروان

      منذ
    [[أعجبني:]] حرص الأخت على دعوة الغافلين ممن من الله عليهم بالمال ، فاستخدموه فى محاربة دين الله، و خوفها على مسلمين من عذاب الله عز و جل و هوأمر طيب و حسن أفتقده أناشخصياً و أشعر بديلاً عنه بالغضب و المشاعر السلبية تجاههم. نسأل الله أن يجعل فى دعوتها لهم مرداً طيباً بإذن الله [[لم يعجبني:]] النداء لهم يفترض أنهم يعلمون أنهم على خطأ، و لالأسف أن معظمهم يختلف مع المجموع فى هذا ، و يرون أنهم يقدمون رسالة هادفة و إبداع فكرى و أدبى ، و غير ذلك من المسميات التافهة لثقافة قذرة. أشعر أن الأمر يجب أن يبدأ مع هؤلاء من بداية البداية ، و أن يعلموا أولاً قدر الخالق قبل أن يعلموا قدر عذابه، فمن لها ؟؟
  • محمد الحارس

      منذ
    لم يعجبني: لا شيء لم يعجبني
  • رجب الشناوى

      منذ
    [[أعجبني:]] مزيد من التوجه الدعوى لإرجاع أصحاب المال (الذى لم ولن يكون ثمرة جهد منهم) عن فساد أخلاق عصب الأمه وإخراجهم من حالة اللاوزن والأمل قادم بإذن الله [[لم يعجبني:]] نفســـــــى فقط

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً