الفوضى خيار الضعفاء..

منذ 2013-01-25

من طبائع الشعب المصري الذي هو خير أجناد الأرض ركونهم إلى السلام، حتى إذا غضبوا تجدهم نارًا على أعدائهم، والجندية هنا تلك التي تمارس لصالح الأوطان ضد الأعداء، فلم يكن المصريون أبدًا أعداء لأنفسهم، ولن يكونوا بإذن الله..


من طبائع الشعب المصري الذي هو خير أجناد الأرض ركونهم إلى السلام، حتى إذا غضبوا تجدهم نارًا على أعدائهم، والجندية هنا تلك التي تمارس لصالح الأوطان ضد الأعداء، فلم يكن المصريون أبدًا أعداء لأنفسهم، ولن يكونوا بإذن الله، لكنهم دائمًا هم من أنقذ العالم الإسلامي والعربي مرارًا وتكرارًا على طول التاريخ من اعتداءات الأعداء مهما تغيروا؛ لذا تبدأ الحملة على العرب والمسلمين باستهداف مصر أولاً، فضعفها وقوتها للعرب والمسلمين.

إذن هناك حملة ضخمة ضد الثورة المصرية التي حطمت أقوى عروش الطغيان في المنطقة، والمُدعَّم من كل أعداء الأمة إقليميًّا ودوليًّا؛ ولذا وجب الانتباه لما يحدث في مصر اليوم من دفع في اتجاه الفوضى، تحت شعارات: (حق وعدل وحرية..!).

وإلا فماذا يعني ما حدث؟
أولاً: البدء في هجوم شديد على السلفيين وتلفيق التهم لهم تخويفًا وتفزيعًا للشعب المصري -مسلمين ومسيحيين- من الخطر الإسلامي القادم الفظ الغليظ العنيف! لكن خاب فَأْلهم وفسدت طبختهم، ثم صمتوا صمت القبور، فمن يؤكد خطورة من؟

ثانيًا: حملة شديدة على الإخوان المسلمين تأثيمًا وتخوينًا وتفزيعًا، مع تهم الاستعلاء والعنجهية واستبداد الإدارة، وترويجًا لانشقاقات وصراعات لا توجد إلا في أذهان الكارهين للحركات الإسلامية، التي تملك مساحة كبيرة في قلوب المصريين، ثم مع هدوء الإخوان في ردود أفعالهم، خفت حدة الحملة وإن لم تنته! وكان محور الحملة: (الانتخابات أولاً أم الدستور أولاً) ثم استقرت الأمور وسلم الجميع بإرادة الشعب..

ثالثًا: استمرار قيادات الحزب الوطني خاصة رجال الأعمال منهم في تجميع الشباب والفلول، فعاد نشاط الحزب الوطني المنحل تحت لواء حزب جديد يحمل اسمًا للثورة، وقد كانت آخر لقاءاتهم في الإسكندرية منذ أيام في شقة أجّرها لهم أحد أبناء عائلة (والي) في حضور شباب جمعية المستقبل، مما يؤكد إصرارهم على التواجد بقوة للوقوف ضد تحقيق أهداف الثورة..

رابعًا: بيانات الفتنة التي تدعو لاستعمال العنف من أجل أرواح الشهداء، وقصاصًا للمصابين تحت عنوان: (البيان الأول لكتائب شهداء الثورة!) ولم نسمع للمصري اليوم اعتراضًا كما اعترضت على الميليشيات سابقًا كأمانة إعلامية! وقد جاء محرضًا على استعمال العنف بكلمات خادعة لشباب مصر المتحمس الوطني، الذي كان بطلاً حقيقيًّا وقت الأزمة وبشكل سلمي، ومن البيان الذي لم يشغل أحدًا بل أذاعه أحد الأساتذة، فتصدى له الشرفاء منهم رفضًا واستنكارًا، والذي جاء فيه:

"حيث إنه وتحت كل الضغوط التي يتعرض لها قيادة المجلس العسكري ورئيس الوزراء فنحن نتقدم برفع الحرج عنهم، وأن يتركوا الشعب يقتص لنفسه؛ لأن دماء شهدائنا أغلى من كل الخونة وأغلى من أن يقال عنا: إننا متطرفون أو محبون للعنف، فلن يذهب دمهم سدى، ولن يتنازل الشعب المصري عن قطرة دم واحده سالت من شهيد مصري، سواء كان مسلمًا أم مسيحيًّا..

ومن هنا نعلن أنه تم بحمد الله تكوين الخلايا الأولى من كتائب شهداء ثورة مصر، وهي كتائب مسلحة مهامها الرئيسية ما يلي:
1- تجميع بيانات كاملة عن أسماء وعناوين عناصر الشرطة، سواء من الضباط أو أمناء الشرطة أو المجندين أو المخبرين، الذين تلوثت أيديهم بدم شهداء مصر، أو استخدموا العنف المفرط الذي أدى إلى وقوع إصابات خطيرة في صفوف الثوار، وتتبعهم وتصفيتهم جسديًّا والتمثيل بجثثهم؛ لجعلهم عبرة لزملائهم جزءًا بما أتت أيديهم وما زالوا على عهدهم، وسوف نجعل أفراحهم بالإفراج عن زملائهم مآتم يذكرونها طوال حياتهم.

2- تجميع بيانات عن البلطجية ورجال الأعمال وعناصر الحزب الوطني السابق، وكل من تلوثت أيديهم بدم الشهداء أو موّلوا أو جنّدوا آخرين لإلحاق الأذى بشباب الثورة، أو نهبوا من ثورات البلد ولم يردوا ما سلبوه، وأيضًا تصفيتهم جسديًّا والتمثيل بجثثهم وجعلهم عبرة للباقين منهم، ولكل من تخول له نفسه عمل الفساد بأرض مصر.

3- تشكيل مجموعات انتحارية مهمتها النيل بأي وسيلة من رموز الفساد البائد، سواء الذين ما زالوا طلقاء أو تحت الحراسة، ومهما بلغت قوة الحراسة أو بين جدران السجون، فسوف ننال منهم بعون الله، سوف يتم تصوير عمليات التمثيل بالخونة وعرضها على موقع اليوتيوب، ونرجو من ضعاف القلوب عدم مشاهدة هذه الأفلام لما ستحتويه على مناظر صعبة، ونعتذر لشعبنا عن استخدامنا هذا الأسلوب، ولكننا اضطررنا إليه لتنظيف بلدنا من هؤلاء الخونة، وإن دماءهم ليست أطهر ولا أغلى من دماء شهدائنا، القيادة العامة لكتائب شهداء الثورة".

هكذا ينطق الباطل المتخفي وراء دماء الشهداء لممارسة الإجرام والبلطجة والتمثيل، معتبرًا نفسه الخصم والحكم كأننا نعيش في غابة، وننشر ذلك تعريفًا لشعبنا بحقيقة المؤامرة التي يريدون أن نصل إليها هؤلاء المتلبسون بشعارات الحق وهم له كارهون، وشعارات العدل وهم منه نافرون!

خامسًا: الاستفتاء الذي وزعته جريدة المصري اليوم، وبدلاً من لملمة الصفوف وتهيئة الأجواء لانطلاقة نحو الاستقرار، تستمر عملية التشكيك والإغواء، فإذا بي أجد استطلاعًا للرأي على ورقة يعلوها شعار (المصري اليوم من حقك أن تعرف) وعليه تنبيه هام، هذا الاستطلاع للأغراض الصحفية به عشرة أسئلة هي ألغام، بل هي تطبيق لسياسة الجريدة التحريرية التي تنشر خمسة أخبار صادقة وخبرين مكذوبين، ومن تلك الأسئلة المثيرة للجدل والتي كنا نظن أنها حسمت عند الجميع بعد جمعة الثورة ما نصه:

أولاً: هل أدليت بصوتك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة؟ (نعم) (لا) لو الإجابة بنعم فأنت اخترت: (نعم) (لا) ولو تم إعادة الاستفتاء فستختار: (نعم) (لا) هل ستشارك في التصويت على انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟ (نعم) (لا) لو تم إجراء انتخابات مجلس الشعب في سبتمبر، فماذا عن تأمين اللجان الانتخابية؟ الشرطة تستطيع تأمينها بسهولة أو يصعب تأمينها وسيزيد العنف؟

في رأيك الوقت المطلوب للتوعية بنظام الانتخابات: (لا تحتاج لوقت) أو (3 شهور) أو (6 شهور) أو (سنة).
في الخلاف حول الانتخابات أولاً أم الدستور أولاً: ترى إجراء (الانتخابات أولاً) أو (الدستور أولاً).
وتستمر الأسئلة لمعرفة السبب، وتنتهي الأسئلة بسؤال مهم؛ شعورك بالنسبة لمستقبل مصر أنت متفاءل أو متشائم؟! ماذا يعني هذا الاستطلاع؟ وما الذي ينبني عليه؟ ومن وضع أسئلته؟ لأنه يبدو أنه بعيد عن المصريين أو يريد لخبطة المصريين وتشكيكهم في كل خطوة يخطونها..!

أرى -والله أعلم- أن كل هذه المحاولات مصيرها الفشل، وليس في هذا دفاعًا عن المجلس الأعلى أو وزارة شرف التي اتخذت إجراء غير قانونيًّا في مواجهة الضغوط التي تمارس من أصحاب الأصوات الزاعقة في الصحافة أو الفضائيات أو حتى ميدان التحرير، ورغم شرعية الطلبات لكن نذكّر حكومة شرف بأن كنا ما نطمح إليه وقف الضباط وسرعة المحاكمات، وتقديم مَن لم يقدم وليس إحالتهم للتقاعد دون أحكام نهائية، فذاك تصرف يشبه بيان كتائب شهداء الثورة الذي ألغى المحاكمات ليجريها هو وينفذ الأحكام تمثيلاً وتفزيعًا للمصريين..

كل ما نطلبه عودة الحوارات الجادة التي ينبني عليها قرارات، أما احتكار القرار وتهميش العقلاء والحكماء وكل القوى الشعبية المخلصة الصادقة في حبها لمصر، والتي لم تحرض على انفلات أو تخوِّن الآخرين فهو أمر غير مقبول.

لكن ماذا نقول غير: لله في خلقه شئون.


د. محمد جمال حشمت.
 
  • 1
  • 0
  • 1,668

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً