تقرير مؤدلج لا إستراتيجي عن العدو!

منذ 2013-03-24

صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية -المعروف اختصاراً باسم: مدار- تقرير إستراتيجي عن الأوضاع في الكيان الصهيوني في عام 2011م، وإن هذا التقرير يجمع بين نقيضين هما: دقة المعلومات وسوء القراءة بسبب التحيزات الإيديولوجية الجلية.


صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية -المعروف اختصاراً باسم: مدار- تقرير إستراتيجي عن الأوضاع في الكيان الصهيوني في عام 2011م، وهو من إعداد الباحثين: (د. مهند مصطفى، د.عاطف أبو سيف، د. أمل جمّال، أ. أنطوان شلحت، د. فادي نحاس، د. حسام جريس، أ. نبيل الصالح، وأ. أمطانس شحادة، وتولت تحريره: د. هنيدة غانم).

وقد خلصتُ من قراءة التقرير إلى نتيجة أقولها بكل أمانة: إن هذا التقرير يجمع بين نقيضين هما: دقة المعلومات وسوء القراءة بسبب التحيزات الإيديولوجية الجلية مثل استعمال مصطلح (الإسلامويين)، فالمعلومات موثقة بصورة جيدة وعلمية حول الأحوال الاقتصادية والسياسية والقانونية في الكيان الصهيوني من رصد عدد السكان وانتماءاتهم الدينية ومستويات الدخل الفردي والعام، وكذلك التوليفة الحزبية وتوقعات الخبراء لتغيرات الخريطة السياسية في هيكل السلطة الحاكمة.

وفي قراءة السيناريوهات لكل مسألة حيوية -مآلات الثورة السورية- الملف النووي الإيراني- الانتخابات الأمريكية المقبلة- يظل الطرح معقولاً وشبه محايد، لكن نقطة الضعف الخطيرة في التقرير تكمن في التأويلات لكل قضية تتعلق بالرؤية الإيديولوجية لواضعي التقرير، فالعمل العلمي يوجب شروطاً أساسية على رأسها الموضوعية وتنحية المواقف السياسية الذاتية أو الشخصية، وما يزيد من قبح الانحياز هنا أنه لا يتعلق بموضوع البحث فهو انحياز مرفوض حتى لو كان التقرير مثلاً يرصد واقع التيارات الإسلامية واحتمالات تقدمها، أو تراجعها في الساحة العربية، فكيف وموضوع البحث يتعلق بالعدو الذي لا يختلف على عداوته عربيان باستثناء حفنة من مأجوري التغريب البجحين؟

ولاحظنا كذلك تجاهلاً مريباً لعلاقة حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالمشهد الإستراتيجي، بالرغم من علاقتهما التي اضطربت مع نظام بشار منذ اندلاع الثورة السورية في ربيع عام 2011م! فلا يذكرهما التقرير إلا في معرض احتمال تفكيك تحالفهما مع النظام الأسدي.

ويقفز التقرير فوق أي إشارة إلى حرص تل أبيب على عدم اتخاذ المجتمع الدولي أي موقف جاد لكبح الأسد عن مواصلة جرائمه في حق شعبه، ولعل من يتاح له الاطلاع على تقارير مماثلة تصدر في الغرب أو في الكيان اليهودي نفسه يدرك الفرق الشاسع بين العمل العلمي والعمل المؤدلج، ففي الدراسات الصادرة في فلسطين المحتلة يجري ذكر أسماء القوى والتيارات الفكرية والأحزاب السياسية بالأسماء التي تعتمدها تلك الجهات وليس بصفات ملفقة تنبع من عداء واضعي التقرير لها.

ومن مفارقات التقرير في هذا الشأن أنه يصف الإسلاميين بأنهم (إسلامويون) في نبز غير علمي يستعمل وصفهم الصحيح (الإسلاميون) في الترجمة إلى اللغة الإنجليزية! فهل خشي واضعو التقرير من نقد الغربيين لهم فاجتنبوا المصطلحات والتسميات الإيديولوجية والأقرب إلى الشتم والإساءة المتعمدة؟

كما أن موضوع التقرير -أصلاً- يوجب على واضعيه التقيد برصد مواقف العدو وساسته والنخبة المهمة في مجتمعه، وليس تقديم وجهات نظر مُعِدّي التقرير أنفسهم الذين يمكنهم عرض آرائهم في مقالات مستقلة، وليس في نطاق تقرير يفترض أنه يعرض أفكار العدو ومواقفه ورؤاه، بصرف النظر عن صحتها من كذبها، فما فعله (الخبراء، والمختصون) عبارة عن تدليس وخيانة لأمانة الكلمة وشرف القلم، وما هذا بغريب من أناس يلتزمون الموضوعية مع جميع خلق الله عز وجل ما عدا الدعاة إلى الله وحدهم دون سواهم.

وتلك هي النقطة التي تقصم ظهر التغريبيين وتجعل كل عاقل يقف من أطروحاتهم موقف الشك المنهجي، لأنهم يستحلون الكذب والتزوير وتقديم الرأي في موضع المعلومة، وعرض الهوى وتمنيات النفس المريضة في موقع الخبر.




مهند الخليل
 

  • 0
  • 0
  • 1,032

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً