أطفال غزة بين مخيمات حماس وألعاب الأونروا
وتبدو المنافسة حاميةً بين الطرفين على اجتذاب الأطفال في ظل مميزاتٍ تفضيليةٍ كثيرة تحظى بها الأونروا وهي التمويل الضخم لأنشطتها، وهو ما تفتقر إليه حماس. كما أن للأونروا مدارس تُديرها في القطاع، ما يجعل فرصة وصولها إلى التلاميذ وتسجيلهم في دورة الألعاب التي تُقيمها أيسر.
"نُصِرتُ بالشباب" هذا هو العنوان الذي اختارته حركة المقاومة الإسلامية حماس لمخيماتها الصيفية للأطفال قبل سنة؛ بما ينسجم مع الدور المطلوب من الشباب عماد الوطن وأمل الأمة في تحقيق التغيير والإصلاح وسبيلها للنهوض والريادة، حسبما قالت اللجنة المنظمة للمخيمات.
موسى السماك عضو اللجنة المركزية للمخيمات، والقيادي بحماس، أشار إلى أن الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس في القطاع أطلقت اسم عام الشباب على العام السابق 2011، مستلهمة الثورات التي قام بها الشباب في كافة أنحاء العالم العربي، وهو ما جعل مخيمات هذا العام تركز على فكرة تنشئة شباب قادرين على نُصرة الأمة.
ويجري تنظيم المخيمات على عدة مراحل، حيث تُقام في عددٍ من المدارس والمراكز الأهلية، ويُشارك فيها هذا الموسم 350 مُشرِف.
وتهتم المخيمات بتنمية الأطفال وطلاب المدارس في النواحي الرياضية والثقافية والتربوية والاجتماعية، كما تشمل على أنشطة ترفيهية للمشاركين في فترة الصيف، تحتفظ تلك المخيمات بطابعها المدني، فلا تُقيم أي أنشطة ذات طابع سياسي أو عسكري.
وتنفذ المخيمات في أماكن مفتوحة وعلى شواطئ غزة، وهو ما يجعلها جاذبةً للطلاب والشباب من أبناء غزة عموماً، حيث لا تقتصر على أبناء مؤيدي حماس.
وأدّت تلك المخيمات في السنوات السابقة إلى تعزيز شعبية حماس وحصد مزيد من التأييد لها، كما أدّت إلى تقوية ارتباط الشباب بتلك الحركة التي نجحت إلى حدٍ كبير في ضبط أوضاع القطاع وتنميته في ظل ظروفٍ قاسيةٍ من الحصار والاحتلال والحرب.
وتقول حماس: إنها حريصة على إنجاح هذه المخيمات للحفاظ على الأجيال الناشئة ورعايتها والنهوض بدور الشباب نحو الأفضل وتنفيذ البرامج الهادفة. كما تسعى الحركة إلى توجيه طاقات الشباب فيما يُفيدهم حتى لا يبحثوا عن بذل تلك الطاقات فيما قد يضر بهم.
وإلى جانب الأنشطة الرياضية والترفيهية التي تقوم بها المخيمات، تستضيف دور تحفيظ القرأن في غزة وخاصة تلك التي تُشرِف عليها حماس، مخيمات صيفية في المساجد المنتشرة في القطاع.
فقد بدأت دار "القران الكريم والسنة" التي يرأسها القيادي في حماس عبد الرحمن الجمل مخيمها الصيفي بعنوان: تاج الوقار 3، الذي يهتم بتحفيظ القران، ويُشارك فيه 20 ألف تلميذ. وكان عشرون ألف تلميذ شاركوا في مخيمات نظمتها حماس في قطاع غزة الصيف الماضي.
ويرى صالح حمدان عضو اللجنة المركزية للمخيمات الصيفية لحماس أن السبب في هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المنتسبين إلى المخيمات هي أنها مخصصة لكل أبناء الشعب وليس أبناء حماس فقط إضافة إلى أن مخيمات الأعوام الماضية حققت الأهداف التربوية والتثقيفية بنجاح.
وكانت حملة المودة التي نظمتها الحكومة في غزة وشملت زيارة آلاف الأُسر في القطاع قبل عدة أشهر، قد تركت أثر إيجابي، حسبما قال حمدان، وأدّت إلى إقبال المزيد من التلاميذ على المخيمات الصيفية.
وانطلقت أيضاً فعاليات مخيمات "الوفاق" لحفظ وتثبيت القرأن الكريم في جميع محافظات قطاع غزة. وتستمر تلك المخيمات لمدة شهرٍ ونصف، كما تُشرِف عليها الإدارة العامة للتحفيظ التابعة لوزارة الأوقاف والشئون الدينية في حكومة غزة.
وتسعى الأوقاف من خلال تلك المخيمات إلى استغلالٍ جيدٍ للإجازة الصيفية من خلال مخيمات القرأن لبناء جيلٍ قرآنيٍّ يحمل همَّ الدعوة إلى الله، بالإضافة إلى مساعدة الأُسر في تربية أبنائهم تربيةً إسلاميةً قائمةً على الأخلاق الحسنة النابعة من القرأن، حسبما صرَّح بذلك الدكتور وليد عويضة مدير عام التحفيظ.
وعلى صعيد الأنشطة الخاصة بالفتيات، سجلت ألاف الفتيات هذا الأسبوع في الأنشطة الصيفية، حيث تهتم المخيمات في غزة بالفصل بين التلاميذ والتلميذات في الأنشطة حفاظاً على القِيَم والأخلاق واحتراماً لمبادئ الدين.
أما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أونروا؛ فهي تنفذ أنشطة تختلف في طبيعتها عن الأنشطة التي تنفذها حماس. فالوكالة تُقيم دورة ألعاب للأطفال لا مخيمات، كما أنها لا تفصل بين الصبية والفتيات في أنشطتها، ما يجعل كثير من الأهالي يتحفظون على إشراك أبنائهم بها. ولا تقوم الوكالة بأي أنشطة دينية أو أي أنشطة تسهم فعلياً في حثَّ التلاميذ على الالتزام بالأخلاق والتقاليد.
وتبدو المنافسة حاميةً بين الطرفين على اجتذاب الأطفال في ظل مميزاتٍ تفضيليةٍ كثيرة تحظى بها الأونروا وهي التمويل الضخم لأنشطتها، وهو ما تفتقر إليه حماس. كما أن للأونروا مدارس تُديرها في القطاع، ما يجعل فرصة وصولها إلى التلاميذ وتسجيلهم في دورة الألعاب التي تُقيمها أيسر.
وإلى جانب ذلك، تُعلن الأونروا عن دورة الألعاب التي تُقيمها في معظم وسائل الإعلام الموجهة للأطفال، وتُنفِق أموالاً كثيرةً على تلك الإعلانات، فهي تُبَث في قنوات الأطفال على مختلف أطيافها بدءاً "إم بي سي 3" وحتى قناة "طيور الجنة" ذات الطابع الإسلامي. وأسفرت هذه الحملة الإعلانية باهظة الثمن عن مشاركة 250 ألف طفل في أنشطة الأونروا هذا العام.
وتبدو المنافسة أيضاً واضحةً خاصةً أن كلّاً من الأونروا وحماس يبدأ أنشطته في ذات الأثناء، دون تنسيق بين الجانبين في حال أراد بعض الطلاب الاشتراك في النشاطين.
تم افتتاح دورة الألعاب بحفل رفع الشعلة الذي شارك فيه نحو 57 طفلاً ركضوا لمسافة 2 كيلومتر بِدءاً من رفح وانتهاء بمدينة غزة. وانتهت الدورة يوم 28 يوليو بإقامة حفل إطفاء الشعلة.
ومن أبرز نشاطات هذه الدورة الرسم والرياضات والمسرح والموسيقى والرقص، وهذه الأخيرة أيضاً تجعل الكثير من الأهالي يتحفّظون على إشراك أبنائهم بهذه الدورة. واستمرت هذه الأنشطة لمدة ستة أسابيع في أكثر من 300 موقع بالقطاع ما بين المدارس والمستشفيات والشواطئ والملاجئ.
وكانت دورات سابقة للأونروا اهتمت بأنشطة تُمكِّن فيها الأطفال من كسر رقم قياسي في موسوعة غينيس، وهو إطلاق أكبر عدد من الطائرات الورقية في السماء. وسعى المشاركون إلى تصميم أكبر لوحة مرسومة بالأيدي، إضافة إلى تحطيم الرقم القياسي الذي حققوه سابقاً في هذا المجال.
نسيبة داود
- التصنيف:
- المصدر: