هل أصبت أم أخطأت؟

منذ 2013-05-08

للتقنية الحديثة أهمية بالغة في حياتنا، ومع اعترافنا بدورها المهم ينقصنا الوعي بخطورتها ومزالقها، فإن كان التعامل بها أمراً مقرراً لا نستطيع رفضه وتجاهله؛ إلا أن الواجب يحتم علينا الحذر كل الحذر منها.


للتقنية الحديثة أهمية بالغة في حياتنا، ومع اعترافنا بدورها المهم ينقصنا الوعي بخطورتها ومزالقها، فإن كان التعامل بها أمراً مقرراً لا نستطيع رفضه وتجاهله؛ إلا أن الواجب يحتم علينا الحذر كل الحذر منها.

من غير المقبول أن نتصرف كما يتصرف غيرنا دون تدبر ونظر، فكشعوب وأمم لكل منا خصائص، متباينة تارة ومتوائمة تارة أخرى، فلا نحن متشابهون ولا نحن مختلفون بالجملة، واختلافنا قد يكون في حد ذاته دافعية فاعلة للعمل، وحبذا لو بقي في هذا المنظور ولم يتحول إلى اختلاف تعارض وتشاحن يهلك الأخضر واليابس، كما أننا لا نرفض التعايش مع معطيات هذا العصر الحضارية، بل نسعى لذلك، وندفع بأولادنا لمعرفة أسرار هذا العالم المتجدد، لعلنا يوما ما نجد منهم إضافة متميزة ونافذة في هذا المجال، بل قد ندفع بأبنائنا للغربة في سبيل ذلك، وسنجد من بيننا من لا يتمنى أن يعود ابنه بشهادة تثبت مهارته في علم ما، بل بشهادة تثبت تميزه في أحد هذه العلوم، ونتمنى جميعا وبحول المولى سبحانه، أن نشهد بصمات أبنائنا وقد غدت واضحة وإيجابية في شتى العلوم.

ولكن الذي أخشاه على أبنائنا وعلى رجالنا ونسائنا، بل على أطفالنا كذلك، هو أن نسير في خنادق ضيقة اعتقادا منا أنها واسعة رحبة، فمعطيات التقنية الحديثة وشبكة الإنترنت المصاحبة لها، والتي أصبحت بقدرة قادر عاملا أحاديا لكل تحركاتنا اليومية، فمن خلالها نتعلم ونبحث، ونشتري ونبيع، بل من خلال هذه الشبكة نعبد ونتقرب، تقنية قصرت المسافات وأنجزت الأعمال وسهلت الطرق، فما كان إنجازه يتطلب جهد ساعات، يتطلب اليوم جهد دقائق، ومع أهمية التقنية في حياتنا، ومع اعترافنا المعلن أو المبطن بدورها، ينقصنا الوعي بخطورتها ومزالقها، فإن كان التعامل بها وفيها أمراً مقرراً لا نستطيع رفضه وتجاهله؛ إلا أن الواجب يحتم علينا الحذر كل الحذر...

فهذا العالم مليء بالأسرار والخنادق، والولوج إليها يتطلب الكثير من الوعي والإدراك ببواطن الأمور.

فعلى سبيل المثال من منا لا يتعامل مع محرك بحث (جوجل)؟ ومن منا لم يسمع بالموقع الاجتماعي (الفيس بوك)؟ أعتقد أن الغالبية العظمى من المتعاملين بالإنترنت يعرف كلا منهما معرفة وثيقة، ولا يجد أي غضاضة في تصفحهما بل والمساهمة فيهما، وأنا هنا لا أعترض على ذلك، لكني أطالب بالحذر منهما، ومن أي موقع إلكتروني غربي، فعلى سبيل المثال، كلا الموقعين المشار إليهما يملكهما شباب يحملون الجواز الأميركي، أما انتماؤهما وولاؤهما الديني فيوجه للكيان الصهيوني!

فلقد أعلنت المنظمة الأميركية اليهودية (هياس)، وهي المعنية بمساعدة المهاجرين اليهود حول العالم للاستيطان في إسرائيل والولايات المتحدة، عن تلقيها تبرعا بمبلغ مليون دولار من (سيرجي برين) مؤسس شركة (جوجل)، وهو يهودي من أصل روسي، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لخروج أسرته من الاتحاد السوفيتي واستقراره في أميركا، وجدير بالإشارة هنا أن المنظمة أظهرت امتعاضها، فالمبلغ من وجهة نظرها ضئيل ولا يتناسب مع ضخامة ثروة (برين)، الذي بدوره أعلن أنه سبق له أن تبرع بما يزيد على 30 مليون دولار، ومن هنا يظهر لنا علو تطلعات هذه الجمعية، التي تهدف في الأساس لتهجير اليهود إلى فلسطين المحتلة وإلى أميركا، فهي تتعامل مع (برين) وكأنه ابن لها، لها الحق كل الحق في مطالبته، وفي مساءلته.

أما (الفيس بوك) فهو ملك مؤسسه (مارك تسوكربيرج) اليهودي، ونائبه (ديفيد فيشر) يهودي أيضاً، وهو ابن محافظ بنك (إسرائيل) المركزي (ستانلي فيشر)، وأنا في الواقع أشارك الكثيرين من العرب والغرب الذين يعتقدون أنه أداة فاعلة بيد أجهزة الاستخبارات الصهيونية والأميركية، فمن خلاله يعرف تحركاتك وطباعك ومعارفك، يعرف طبيعة عملك وأسرارك وطموحاتك ومشاكلك، بل يعرف ما تحب وما تكره، وحتى ما تفضل زيارته من مدن، وعنوان سكنك وأرقام هواتفك ومعلومات عن عملك وحتى أصدقائك ومعلومات شخصية عنهم، بل يعرف شركات الطيران والفنادق والمطاعم التي تفضل، ويعرف توجهك الفكري والسياسي، وإمكانية تجنيدك من عدمه لحساب دولة معادية أو لجهة معينة، فمن خلال انضمامك إلى (الفيس بوك) قد يعرف أين تقف الآن، وإلى أين ستتوجه بعد ساعات، وما هي خططك المستقبلية، وما هي المعوقات التي تقف حائلا دون تنفيذها، من خلال هذه الشبكة يستطيع أحدهم كتابة تقرير كامل عنك وعن توجهاتك العامة، بل قد يتمكن من الإيقاع بك -حفظك الله- ثم ابتزازك!

وغني عن البيان أن أوساطا إعلامية غربية معتمدة نشرت منذ سنوات أن (الفيس بوك) موقع استخباراتي صهيوني، مهمته تجنيد العملاء والجواسيس لصالح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية، بل قد يستخدم أشخاصا عاديين ودون علمهم لتوفير معلومات تبدو عادية للغاية إلا أنها بالغة الأهمية، وقد شهد شاهد من أهلها على ذلك، فقد نشرت مجلة (لوما غازين ديسراييل) الفرنسية اليهودية ملفا كاملا بهذا الخصوص، مما أثار حفيظة سفير الكيان الصهيوني في فرنسا فاعترض على النشر، ولكنه لم ينكر لا من بعيد أو قريب أيا من المعلومات الواردة فيه.

وإذا أردنا الاستشهاد بالواقع فمواقف (الفيس بوك) المؤيدة والمناصرة للكيان الصهيوني أكبر من أن ترصد، فهو دوما مع توجهات الكيان الصهيوني السياسية والإعلامية، ففي الاحتفالات التي تقام بمناسبة احتلال هذا الكيان لفلسطين يبادر (الفيس بوك) بتوفير كافة طاقاته لدعم هذه الغاية، كما قام مؤخرا بحذف الصفحة التي كانت تطالب بانتفاضة فلسطينية داخل الأرض المحتلة، ما أن تلقى طلبا رسميا من الكيان الصهيوني بذلك، في حين أفسح المجال لكافة الصفحات التي تروج لانتفاضات عربية، وهكذا نجد أن ولاء (الفيس بوك) ليس للعملاء المتعاملين معه بل لهذا الكيان الغاصب.

وكل ما أتطلع إليه في هذا المجال ليس هجر هذه القنوات بل ترشيد التعامل معها، والنظر فيما يكتب فيها وفيما لا يكتب، فليس من المقبول نشر دقائق الأمور عن حياتنا وبهذا الشكل العلني، وقد لا يصدق البعض... فأنا إذا ما تقدم أحدهم لخطبة بنت من بناتي، أبادر وقبل السؤال عنه بفتح (الفيس بوك) لأعرف توجهه العام وتوجه أصدقائه، إلى هذا الحد أجد (الفيس بوك) جهازا استخباراتيا ناجحا، بل أدعوا طالباتي لإضافة هذا الأسلوب عند السؤال عن الخاطب.

فما رأيك أيها القارئ، هل أصبت أم أخطأت؟

 

المصدر: صيد الفوائد
  • 0
  • 2
  • 2,256

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً