معركة اليرموك معركة غيّرت مسار التاريخ
اليرموك معركة وقعت بين المسلمين والروم، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الوادي الذي وقعت فيه، وهو وادي (اليرموك)، واليرموك: "نهر ينبع من جبال حوران..
اليرموك معركة وقعت بين المسلمين والروم، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الوادي الذي وقعت فيه، وهو وادي (اليرموك)، واليرموك: "نهر ينبع من جبال حوران، يجري قرب الحدود بين سوريا وفلسطين، وينحدر جنوباً ليصب في غور الأردن ثم في البحر الميت، وينتهي مصبه في جنوب الحولة، وقبل أن يلتقي بنهر الأردن بمسافة تتراوح بين ثلاثين وأربعين كيلومتراً يوجد وادٍ فسيح تحيطه من الجهات الثلاث جبال مرتفعة بل شاهقة الارتفاع ويقع في الجهة اليسرى لليرموك.
اختار الروم الوادي؛ لأنه المكان الذي يتسع لجيشهم الضخم، الذي يبلغ عدده مائتين وأربعين ألف مقاتل تقريباً، وأما المسلمون فقد عبروا النهر إلى الجهة اليمنى، وضربوا معسكرهم هناك في وادٍ منبطح يقع على الطريق المفتوح لجيش الروم، وبذلك أغلقوا الطريق أمام الجيش المزهو بعدده وعدته، فلم يعد للروم طريق يسلكونه، أو يفرون إذا اضطروا للفرار؛ لأن جيش المسلمين قد أخذ عليهم مسلكهم الوحيد" (جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين، د. محمد السيد الوكيل، [ص:57]).
سنة وقوعها: 13 هجرية (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج ابن الجوزي، ج4، [ص:123]).
القائد العام لجيش الدولة الإسلامية: خالد بن الوليد رضي الله عنه.
عدد مقاتلي الجيش الإسلامي: (36-40) ألف مقاتل، يزيد أو ينقص قليلاً.
التقسيم التنظيمي للجيش الإسلامي:
قَسَّم قائد الجيش الإسلامي خالد بن الوليد رضي الله عنه الجيش إلى (36-40) كردوساً، كل كردوس فيه 1000 مقاتل، ثم قسم كراديس الجيش إلى قلب وميمنة وميسرة وجعل على كل منها أميراً.(المنتظم المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج ابن الجوزي، ج4، [ص:118].)
قادة الجيش الإسلامي (تاريخ الأمم والرسل والملوك، ابن جرير الطبري، ج2، [ص:336]) :
1- أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه يقود كراديس القلب.
2- عمرو بن العاص رضي الله عنه يقود كراديس الميمنة.
3- يزيد بن أبي سفيان يقود كراديس الميسرة.
بعض قادة الكراديس:
- عياض بن غنم رضي الله عنه.
- القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه.
- هاشم بن عتبة رضي الله عنه.
- زياد بن حنظلة رضي الله عنه.
- امرؤ القيس رضي الله عنه.
- عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه.
- عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وهو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة.
- حبيب بن مسلمة رضي الله عنه.
- صفوان بن أمية رضي الله عنه.
- عبد الله بن قيس رضي الله عنه.
- عمرو بن عبسة رضي الله عنه.
- الزبير بن العوام رضي الله عنه.
- ضرار بن الأزور رضي الله عنه.
عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري رضي الله عنه، قال: "شهدت اليرموك، وعليها خمسة أمراء أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض، -وليس عياض صاحب الحديث الذي يُحدّث سماك عنه-" (صحيح ابن حبان، كتاب السير، باب التقليد والجرس للدواب، ذكر ما يستحب للإمام أن يستنصر بالله جل وعلا عند قتال العدو).
القاضي: أبو الدرداء رضي الله عنه.
القاص: أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه (1).
جيش الروم:
قائد جيش الدولة البيزنطية (الرومية): باهان وهو رجل من أبناء فارس تنصر ولحق الروم (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين الذهبي، ج3، [ص:140]).
عدد مقاتلي جيش الروم: بحدود 240 ألف مقاتل (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج ابن الجوزي، ج4، [ص:118]).
التقديم للمعركة:
بعد الخسائر التي تكبدتها جيوش الدولة البيزنطية (الرومية) برئاسة هرقل (2)، في المعارك مع جيوش الدولة الإسلامية التي يرأسها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في إقليم الشام، كانت إقامة هرقل في أنطاكية فقرر جمع ما يستطيع من مقاتلي الروم من القسطنطينية وبلاد الشام وروميا، لخوض معركة فاصلة يوقف من خلالها المد الإسلامي في أراضي الشام، وبالفعل استطاع أن يجمع حشود هائلة من الجند أتوه من جميع أنحاء مملكته وتجمعوا في وادي اليرموك في الشام.
وكان موقف جبلَّة بن الأيهم العربي الغساني مخجلاً ومعيباً، فقد تنكّر لأخلاق أهله وأجداده، وتنصّل من تلك العروق العربية الأصيلة، وانحرف عن قيم الفضيلة، وتنازل عن الشهامة والنخوة العربية، وجاء بسابقة لم يسبقه إليها إلا أبا رغال (3) ومن على شاكلته، حين انظم مع جيش الروم لقتال أبناء عمومته من العرب المسلمين، فلقد "خرج جبلّة بن الأيهم الغساني في ستين ألفاً من متنصرة العرب فقدمهم الروم، فانتقى لهم خالد رجالاً من أشراف العرب فقاتلوهم يوماً كاملاً ثم نصر الله المسلمين وهرب جبلّة ولم ينجُ منهم إلا القليل" (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي، ج1، [ص:27]).
أما فيما يتعلق بالجيش الإسلامي، فقد وقع اختيار أمير المؤمنين أبو بكر الصديق رضي الله عنه على خالد بن الوليد رضي الله عنه لقيادة جيوش المسلمين، وقال الصديق رضي الله عنه مقالته المشهورة: "والله لأشغلن النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد" (البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقي، ج9، [ص:547]).
أصدر أبو بكر رضي الله عنه أوامره لخالد بن الوليد رضي الله عنه بأن يترك العراق، ويتوجه على وجه السرعة إلى بلاد الشام ويستلم القيادة من أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، "وبعد وصول خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بلاد الشام، أمر الخليفة أبو بكر رضي الله عنه خالداً أن يتولى أمر القيادة فيها، حيث كانت قوات المسلمين موزعة في الأقاليم المخصصة لها، أما القوات الرومية فقد توزعت في ناحيتين: الناحية الأولى على الساحل وهدفها ملاقاة عمرو بن العاص في أرض فلسطين، أما الناحية الثانية فوجهتها حمص وبعلبك ودمشق، والهدف من ذلك هو شل قوات عمرو بن العاص ثم الالتفاف حول بقية قوات المسلمين وتدميرها، لذلك قرر خالد بن الوليد رضي الله عنه أن تتجمع جيوش المسلمين في سهل اليرموك على أن تبقى بعض قوات عمرو بن العاص في فلسطين لصد تقدم القوات الرومية تجاهه" (أطلس الخليفة أبي بكر الصديق، سامي عبد الله المغلوث، [ص:95]).
مشاهد من المعركة:
موقف الزبير بن العوام رضي الله عنه:
كان موقف الزبير بن العوام رضي الله عنه موقفاً مشهوداً، ومثالاً رائعاً في الصدق في العمل والإخلاص والتفاني من أجل القضية والاستبسال في القتال، فهو علامة فارقة للرجولة، والشجاعة الفائقة، ورباطة الجأش، وصدق العزيمة والزهد في الدنيا، فلقد شدَّ الزبير بن العوام رضي الله عنه على جحافل الجيش البيزنطي لوحده فاخترق مقدمته حتى طلع من الجهة الأخرى، ثم عاد من مؤخرة الجيش حتى طلع من مقدمته، فعن هشام بن عروة، عن أبيه، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك؟ فقال: "إني إن شددت كذبتم، فقالوا: لا نفعل، فحمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلاً، فأخذوا بلجامه، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة (ولده): "كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير" وقال: "وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلاً" (صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل).
وهكذا فإن القادة العظام يعلّمون أبناءهم اقتحام الصعاب، والرجولة والعيش في ظروف شديدة وقاسية، ويمنحونهم الفرصة للمرور في ظروف الأزمات والتجارب المريرة، والخوض في عباب المعضلات، ومواجهة الشدائد والوقوف بوجهها، ويكونون لهم القدوة الحسنة، وهكذا فعل الزبير بن العوام رضي الله عنه حين اصطحب ولده الصغير عبد الله معه في معركة ليست كباقي المعارك، إنها معركة فاصلة وهائلة، ولكن الكبار يُنَشِّئون كباراً.
- النظرية والتطبيق:
ضَربَ قادة وجنود الجيش الإسلامي نماذج رائعة في التطبيق العملي لمبادئ ما آمنوا به، فلقد كان من تلك المبادئ أن الإسلام يشجع أن يقوم المسلم بتقديم الآخرين على النفس في المصالح، أو على الأقل أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، فعن حبيب بن أبي ثابت: "أن الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبي جهل، وعياش بن أبي ربيعة ارتأوا يوم اليرموك، فدعا الحارث بماء ليشربه فنظر إليه عكرمة، فقال الحارث: ادفعوه إلى عكرمة، فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة، فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم، حتى ماتوا وما ذاقوه"(المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنه، ذكر مناقب عكرمة بن أبي جهل واسم أبيه مشهور).
- نساء المسلمين يشاركن في القتال:
فقد كُنَّ نماذج رائعة للشجاعة والبطولة ونافسن الرجال في خدمة الإسلام، فقد قتلت أسماء بنت يزيد بن السكن سبعة من جيش الروم، فعن عمرو بن مهاجر، عن أبيه: "أن أسماء بنت يزيد الأنصارية شهدت اليرموك مع الناس، فقتلت سبعة من الروم بعمود فسطاط ظلتها"(سنن سعيد بن منصور، كتاب الجهاد، باب ما جاء في سهمان النساء).
- استثمر بعض الصحابة رضي الله عنهم ظروف المعركة:
واشتداد خطوبها للوفاء بالعهود التي قطعوها لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، ومن أولئك عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه؛ حيث نزل من فرسه وقاتل قتال الأبطال الأفذاذ وضحّى بحياته من أجل إعلاء كلمة الله عز ورجل، فإنه كان: "لما أسلم عكرمة بن أبي جهل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: والله لا أترك مقاماً قُمته ليُصدَّ به عن سبيل الله إلا قمتُ مثليه في سبيل الله، ولا أترك نفقة أنفقتُها ليُصد بها عن سبيل الله إلا أنفقتُ مثلها في سبيل الله، فلما كان يوم اليرموك نزل فترجل فقاتل قتالاً شديداً فقُتِل، فوجد به بضع وسبعون من بين طعنة ورمية وضربة" (مصنف ابن أبي شيبة، كتاب فضل الجهاد، ما ذكر في فضل الجهاد والحث عليه).
- بالنظر لأهمية الفتوحات الإسلامية وفضل الجهاد في سبيل الله عز وجل، فقد كان كبار الصحابة من أوائل المشاركين في معركة اليرموك.
يقول ابن جرير الطبري رحمه الله: "شهد اليرموك ألف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم نحو من مائة من أهل بدر رضي الله عنهم، وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس فيقول: اللهَ الله إنكم ذادة العرب وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك، اللهم إن هذا يوم من أيامك اللهم أنزل نصرك على عبادك" (تاريخ الأمم والرسل والملوك، ابن جريرالطبري، ج2، [ص:336]).
- موقف أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه كان مثالياً:
فلقد كان الجندي المقاتل في سبيل قضيته، فقبوله بأن يكون جندياً تحت راية ولده يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما لهو مشهد مؤثر ويؤكد صحة العمل وسلامة الصدر من حظوظ الدنيا، وهذه هي حقيقة الإيمان المقترن بالعمل، فليس المهم أين يكون الفرد ليخدم دينه، المهم أن ينتصر الجمع ويرتفع شأن الدين، وكان أبو سفيان رضي الله عنه قد فقد عينه الثانية في هذه المعركة بعد أن كان فقد الأولى في غزوة الطائف.
- معركة اليرموك بيّنت أسباب انتصار المسلمين في معاركهم ضد الروم:
وذلك من أفواه خصومهم، يقول ياقوت الحموي رحمه الله: "نصر الله المسلمين بفحل وقدم المنهزمون من الروم على هرقل بأنطاكية، فدعا رجالاً منهم فأدخلهم عليه، فقال: حدثوني ويحكم عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا بشراً مثلكم؟ قالوا: بلى، قال: فأنتم أكثر أو هم؟ قالوا: بل نحن، قال: فما بالكم؟ فسكتوا، فقام شيخ منهم وقال: أنا أخبرك، أنهم إذا حملوا صبروا ولم يكذبوا، وإذا حملنا لم نصبر، ونكذب وهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويرون أن قتلاهم في الجنة وأحياءهم فائزون بالغنيمة والأجر، فقال: يا شيخ لقد صدقتني ولأخرجن من هذه القرية وما لي في صحبتكم من حاجة، ولا في قتال القوم من أرب فقال ذلك الشيخ: أنشدك الله أن لا تدع سورية جنة الدنيا للعرب وتخرج منها ولم تعذر، فقال: قد قاتلتم بأجنادين ودمشق وفحل وحمص كل ذلك تفرون ولا تصلحون، فقال الشيخ: أتفر وحولك من الروم عدد النجوم؟ وأي عذر لك عند النصرانية!"
"فثناه ذلك إلى المقام، وأرسل إلى رومية وقسطنطينية وأرمينية، وجميع الجيوش فقال لهم: يا معشر الروم إن العرب إذا ظهروا على سورية لم يرضوا حتى يتملكوا أقصى بلادكم ويسبوا أولادكم ونساءكم ويتخذوا أبناء الملوك عبيداً، فامنعوا حريمكم وسلطانكم، وأرسلهم نحو المسلمين فكانت وقعة اليرموك وأقام قيصر بأنطاكية فلما هُزِمَ الروم وجاءه الخبر، وبلغه أن المسلمين قد بلغوا قنسرين فخرج يريد القسطنطينية، وصعد على نشز وأشرف على أرض الروم، وقال: "سلام عليك يا سورية سلام مودعٍ لا يرجو أن يرجع إليك أبداً"، ثم قال: "ويحك ما أنفعك أرضاً، ما أنفعك لعدوك لكثرة ما فيك من العشب والخصب" ثم إنه مضى إلى القسطنطينية" (معجم البلدان، ياقوت الحموي، حرف السين، [ص:280]).
كما كان قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد رضي الله عنه يوضح لأفراد جيشه بأن النصر من الله عز ورجل، فقد قال رجل لخالد: "ما أكثر الروم وأقل المسلمين!، فقال خالد: ما أقل الروم وأكثر المسلمين!، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال" (تاريخ الأمم والرسل والملوك، ابن جريرالطبري، ج2، [ص:337]).
- أصابَ جيشَ الروم اضطرابٌ ورعبٌ شديدان من شدة قتال الجيش الإسلامي:
فعن أبي واقد الليثي، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في حديث رواه وهو قد شهد اليرموك، قال: "وكانت أسماء بنت أبي بكر مع الزبير، قال: فسمعتها وهي تقول للزبير: "يا أبا عبد الله؛ والله إن كان الرجل من العدو ليمر يسعى فتصيب قدمه عروة أطناب خبائي فيسقط على وجهه ميتاً ما أصابه السلاح " (الطبقات الكبرى لابن سعد، طبقات البدريين من الأنصار، تسمية النساء المسلمات المبايعات من قريش وحلفائهم ومواليهم وغرائب نساء العرب، أسماء بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة).
إسلام القائد الرومي (جرجة بن توذرا):
ومن أحداث معركة اليرموك اللافتة للنظر إسلام القائد (جرجة) وهو أحد قادة الجيش البيزنطي؛ حيث خرج من أجل المبارزة وكان خالد بن الوليد رضي الله عنه قد خرج له، وقبل القتال دار حديث جميل بينهما كانت نتيجته أن أسلم جرجة وعاد مع خالد رضي الله عنه مقاتلاً في سبيل الله عز وجل كجندي من جنود جيش المسلمين.
روى ابن جرير الطبري رحمه الله: "وخرج جرجة حتى كان بين الصفين ونادى ليخرج إلي خالد فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه، فوافقه بين الصفين، حتى اختلفت أعناق دابتيهما وقد أمن أحدهما صاحبه.
- فقال جرجة: يا خالد أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاكه فلا تسله على قوم إلا هزمتهم؟
- قال خالد رضي الله عنه: لا.
- قال جرجة: فبِمَ سُمِّيت سيف الله؟
- قال خالد رضي الله عنه: إن الله عز وجل بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعاً، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا باعده وكذبه، فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتابعناه، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين»، ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين.
- قال جرجة: صدقتني، ثم أعاد عليه جرجة: يا خالد أخبرني إلامَ تدعوني؟
- قال خالد رضي الله عنه: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله.
- قال جرجة: فمن لم يجبكم؟
- قال خالد رضي الله عنه: فالجزية ونمنعهم.
- قال جرجة: فإن لم يعطها؟
- قال خالد رضي الله عنه: نؤذنه بحرب ثم نقاتله.
- قال جرجة: فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟
- قال خالد رضي الله عنه: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا.
ثم أعاد عليه جرجة: هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الأجر والذخر؟
- قال خالد: نعم وأفضل.
- قال جرجة: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟
- قال خالد رضي الله عنه: إنا دخلنا في هذا الأمر، وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا.
- قال جرجة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني؟
- قال خالد رضي الله عنه: بالله لقد صدقتك، وما بي إليك ولا إلى أحد منكم وحشة وإن الله لولي ما سألت عنه.
- فقال جرجة: صدقتني، وقلب الترس ومال مع خالد، وقال علمني الإسلام.
فمالَ به خالد إلى فسطاطه فشن عليه قربة من ماء ثم صلى ركعتين، وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم، عكرمة، والحارث بن هشام، وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس فثابوا وتراجعت الروم إلى مواقفهم فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف، فضرب فيهم خالد، وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، ثم أصيب جرجة ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما" (تاريخ الأمم والرسل والملوك، ابن جرير الطبري، ج3، [ص:398–400]).
أحداث المعركة:
حاول قادة جيش الروم مسك زمام المبادرة في المعركة، مستثمرين الفرق العددي الهائل بينهم وبين جيش المسلمين، فباشروا بالهجوم من أول أيام المعركة، وبالفعل استطاعوا اختراق كراديس الجيش الإسلامي في أول الأمر من الميمنة والميسرة والنفاذ إلى مقر القيادة خلف القلب، والاقتراب كثيراً من خيمة القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه، والتحم خيالة الجيش الإسلامي ورجاله مع الروم واظهروا صوراً عجيبة في القتال، والتضحية والفداء.
فمن المواقف المشهودة موقف عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه حيث:قال عكرمة بن أبي جهل يومئذ: "قاتلت رسول الله في كل موطن وأفرّ منكم اليوم، ثم نادى من يبايع على الموت فبايعه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور، في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جراحاً وقُتلوا إلا من برأ ومنهم ضرار بن الأزور، قال: وأتي خالد بعدما أصبحوا بعكرمة جريحاً فوضع رأسه على فخذه وبعمرو بن عكرمة فوضع رأسه على ساقه، وجعل يمسح عن وجوههما ويقطر في حلوقهما الماء" (تاريخ الرسل والملوك، ابن جرير الطبري، ج2، [ص:338]).
كما قاتلت نساء المسلمين قتالاً مشرفاً ودافعن كمقاتلات مؤمنات عن حياض الإسلام وشوكته، وقد سئل إبراهيم النخعي (4) رحمه الله عن جهاد النساء فقال: "كن يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيداوين الجرحى، ويسقين المقاتلة، ولم أسمع معه بامرأة قتلت، وقد قاتلن نساء قريش يوم اليرموك حين رهقهم جموع الروم حتى خالطوا عسكر المسلمين، فضرب النساء يومئذ بالسيوف في خلافة عمر رضي الله عنه" (مصنف عبد الرزاق الصنعاني، كتاب الجهاد، باب جهاد النساء والقتل والفتك).
وواجه خالد رضي الله عنه ميسرة الروم التي حملت على ميمنة المسلمين، فقتل منهم ستة آلاف، والتفت إلى أصحابه وقال: "والذي نفسي بيده لم يبقَ عندهم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم، ثم اعترضهم فحمل بمائة فارس على مائة ألف منهم، فلم يكد يصل إليهم حتى أنفضَّ جمعهم، وحمل عليهم المسلمون حملة صادقة، فانكشفوا لا يلوون على شيء وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون" (جولة تاريخية في عصر الخلفاء الراشدين، د. محمد السيد الوكيل،[ص:67]).
بعد هذا الاستبسال استطاع مقاتلي الجيش الإسلامي دفع الكتل البشرية من الروم، وإرجاعهم إلى ما كانوا عليه وليعود القتال طبيعياً، واستمر القتال لمدة ستة أيام متتالية، كانت الأيام الأربعة الأولى أيام شدة وضيق على الجيش الإسلامي، مثلما هي على جيش الروم.
وتخفت الأصوات في أرض المعركة، فقد حمي الوطيس، ولا يُسمع إلا صوت صهيل الخيول وصليل السيوف، ويسمع صوت مدوٍ يحفز الرجال ويبعث الهمة والعزيمة فيهم، إنه صوت أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه، فعن سعيد بن المسيب، عمن حدثه أنه: لم يسمع صوتاً أشد من صوته -يعني أبا سفيان- يوم اليرموك وهو تحت راية ابنه يقول: "هذا يوم من أيام الله، اللهم أنزل نصرك" (المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني، كتاب المناقب، فضل أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية).
حتى كان اليوم الخامس والسادس، انهارت فيهما قوى جيش الروم، وبانت بوادر نصر المؤمنين المسلمين وهزيمة الروم المشركين.
ومن الأمور التي لابد من ذكرها: أن قادة الروم قد ربطوا كل عشرة -أو أقل من ذلك- من جنودهم في سلسلة حديدية واحدة من أجل أن لا يهربوا أثناء المعركة فراداً، فلما كان اشتداد القتال استطاع المسلمون أن يسحبوهم للقتال إلى قرب وادي فحين يقتل من الروم جنديٌ أو يُدفع ليقع في الوادي يسحب معه بقية العشرة فيسقطوا جميعاً، فسقط كمٌ غفيرٌ بلغوا عشرات الألوف من مقاتلة الروم في الوادي.
يقول الذهبي رحمه الله: "وكانت الروم قد سلسلوا أنفسهم الخمسة والستة في السلسلة لئلا يفروا، فلما هزمهم الله عز ورجل جعل الواحد يقع في نهر اليرموك فيجذب من معه السلسلة حتى ردموا في الوادي واستووا فيما قيل بحافتيه، فداستهم الخيل وهلك خلق لا يحصون" (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين الذهبي، ج3،[ص:139-140]).
وهكذا فإن من يُقاتل بلا مبدأ أو عقيدة، ومن يعوزه الإيمان الراسخ ليربطه بقضيته، سيحتاج إلى سلاسل يُربط بها من أجل أن لا يهرب مما جيء به من أجله.
صدور الأمر بتغيير القيادة في الجيش الإسلامي:
كانت المعركة على أشدها في حوض اليرموك، وأمير المؤمنين أبو بكر رضي الله عنه في المدينة عاصمة الدولة الإسلامية، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد مرض وأوصى إن مات فالخليفة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وكانت سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تختلف عن سياسة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقرر استبدال قيادة الجيش الإسلامي في إقليم الشام من خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، وبعث بكتابه الذي يتضمن الأمر بذلك.
يقول ابن الأثير: "قدم البريد من المدينة واسمه محمية بن زنيم وأخذته الخيول فسألوه الخبر، فأخبرهم بسلامة وإمداد، وإنما جاء بموت أبي بكر وتأمير أبي عبيدة، فبلغوه خالداً فأخبره خبر أبي بكر سراً، وأخبره بالذي أخبر به الجند، قال: أحسنت فقف، وأخذ الكتاب وجعله في كنانته وخاف إن هو أظهر ذلك أن ينتشر له أمر الجند" (الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج2، [ص:260]).
فلما انتهت المعركة جاء خالد رضي الله عنه ليعلن مضمون الكتاب على الملأ، ويضع نفسه جندياً مطيعاً للقائد الجديد للجيوش أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه الذي عينه أمير المؤمنين.
وكانت رؤية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تغيير منصب القائد لسببين:
السبب الأول:
تَعلُّق المسلمين بخالد بن الوليد رضي الله عنه شخصياً، وافتتانهم به، فخالد بن الوليد رضي الله عنه لم يدخل معركة في الإسلام ولا في الجاهلية إلا وانتصر فيها، وذلك لقوته وخبرته العسكرية وحسن تدبيره رضي الله عنه ودهائه بتوفيق الله عز وجل، حتى أن بعض قادة الفرس صار يعتقد أن خالداً كان يحمل سيفاً أنزله له الله عز وجل من السماء، وهكذا كانت تروج الإشاعات، ومن أُسس السياسة في الإسلام أن يأخذ الناس بالأسباب ثم تكون النتائج على الله عز وجل فتتعلق القلوب بالله وليس بالبشر، لذلك فقد كتب عمر رضي الله عنه كتب إلى الأمصار: "إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع" (البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقي، ج10، [ص:47]).
السبب الثاني:
إنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرف بشدته وقوته، وكذلك خالد بن الوليد رضي الله عنه عرف بهما، فرأى عمر أن يكون الخليفة شديداً وقائد الجيوش شديداً أمر ليس فيه مصلحة للأمة.
ومن خلال قراءة لهذا الحدث نتوصل إلى حقائق ناصعة تمثل قيم عالية في الطاعة والوفاء ومنها:
1- إن المنصب الذي يكلف فيه القائد المسلم هو (تكليف وليس تشريف)، فالهدف منه خدمة القضية والناس والدولة وليس المنافع الشخصية الدنيوية.
2- رقي وسمو أنفس أصحاب النبي رضي الله عنهم، وقبولهم لأي وظيفة يكونون بها من غير تمرد ولا شكوى ولا تبرير، ولقد كان موقف خالد رضي الله عنه موقفاً رشيداً.
3- حرص خالد بن الوليد رضي الله عنه على عدم إشاعة خبر وفاة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه مخافة أن تتزعزع معنويات مقاتلي الجيش الإسلامي ويتقهقروا أثناء القتال.
4- كفاءة حامل البريد إلى الجيش الإسلامي وحكمته، وهو (محمية بن زنيم) حيث لم يخبر مقاتلي الجيش الإسلامي بأخبار تزعزع ثقتهم بأنفسهم، بل على العكس أسمعهم ما يعزز تلك الثقة، ثم قبوله برأي خالد رضي الله عنه بتأجيل الإعلان عن ما هو حامله.
هروب قيصر الروم هرقل:
بعد انتهاء المعركة وقد قُتل عشرات الآلاف من الروم، وأُسر الآلاف، قرر قيصر الروم هرقل أن يهرب نحو القسطنطينية، وهي عاصمة الدولة البيزنطية، يقول ابن الأثير في الكامل: "وسار هرقل فنزل بشمشاط ثم أدرب منها نحو القسطنطينية فلما أراد المسير منها علا على نشز ثم التفت إلى الشام فقال: السلام عليك يا سورية، سلام لا اجتماع بعده، ولا يعود إليك رومي أبداً إلا خائفاً" (الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج2، [ص:341-342]).
وهذا خطاب صادر عن رجل عالم بالكتب السماوية، فلقد كان يعرف أن المسلمين على الحق، لأنهم يعتنقون الدين الحق وهو دين الإسلام، فإذا فتحوا أرض سوريا خاصة والشام عامة وحرروها من براثنه فلن تعود إلى سلطانه أبداً، لقد كان هرقل يعلم أن الإسلام دين الحق ولكنه الصلف والتكبر والظّنُّ بالملك وحب الذات، كل ذلك كانت موانع في طريق هدايته ولكن كان الثمن بالنسبة للروم كبيراً.
الشعراء يتغنون باليرموك:
ولأن اليرموك ملحمة من ملاحم التاريخ، ولأنها سفر سطر بمداد المخلصين من المسلمين، فقد تغنى الشعراء بها إكباراً وتقديراً وفخراً.
فقال أبو الفضل الوليد عنها:
أدِمَشقُ ما أمضى سيوفَ بنيكِ *** تِلكَ التي شَلَّت عُروشَ ملوكِ
ولكلِّ أرضٍ من جمالِكِ قِسمَةٌ *** وجمالُ كلِّ الأرضِ في ناديك
إن الضّحايا في هواكِ كثيرةٌ *** فَتَذكّري ما كانَ في اليَرموك
اللهُ راضٍ عن شِهادةِ فِتَيةٍ *** بعُيونِهم وقُلوبهم حَجَبوك
أبناؤك العربُ الكِرامُ تَطوّعوا *** واستهلكوا ليقوكِ أو ليفوك
سالت لدَيكِ دِماؤُهم فَتَعطّفي *** بتحيَّةٍ لِشبيبةٍ تفديك
وقال الأسود بن مقرن التميمي رضي الله عنه وهو أحد أبطالها:
وَكَم قَد أَغرنا غارَة بعد غارَة *** يَوماً وَيَوماً قَد كَشَفنا أَهاوِلَة
وَلَولا رجال كان عَشر غَنيمَة *** لَدى مَأقط رجت عَلَينا أَوائِلَة
لَقَيناهُم اليَرموك لما تَضايَقت *** بِمَن حَلَّ بِاليَرموك منهُ حَمائِله
فَلا يَعدَمن منا هرقل كتائِباً *** إِذا رامَها رامَ الَّذي لا يحاوِله
وقال محمد بن الحسن الكلاعي:
فحَلّت بأرضِ الرومِ منهم سحايِبٌ *** فظَلَّت علَيهِم بالمصائبِ تمطِرُ
فكانَ لدى اليرموكِ منهُم مواقِفٌ *** وقائِعُها فيهِم على الدهرِ تكبرُ
هوَوا في هوىً كانوا أرادوا اتّخاذها *** لمَكرٍ وكُلُّ هالِكٌ حيثُ يمكُرُ
وما زالَ منهُم موقِفٌ بعدَ موقِفٍ *** ورايَةُ نصرٍ بالهدايَةِ تُنشَرُ
إلى أن حَووا أرضَ الشامِ وقتّلوا *** علوجَ بني ليطِيّ فيها ودَمَّروا
وأرضُ فلَسطينَ وحازوا دمَشقِها *** وأضحى هرَقلُ وهوَ بالذُلِ مُجحَرُ
وقَد سُلِبَت تيجانهُ وتُقُسِّمَت *** مساكِنهُ فيها الصليبُ المُكَسَّرُ
(1)- جاء في معرفة الصحابة لأبي نعيم الصبهاني: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو سفيان سيد البطحاء، وأبو الأمراء عاش ثمان وثمانين سنة، وقيل: ثلاثا وتسعين، مولده قبل الفيل بعشر سنين، وإسلامه عام الفتح ليلة الفتح، شهد حُنيناً والطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصيبت عينه فيهما، وأصيبت الأخرى يوم اليرموك، كان ربعة عظيم الهامة، أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل، وأربعين أوقية تألفاً، وأعطى ابنيه: يزيد ومعاوية مثله، فقال أبو سفيان: فداك أبي وأمي، والله إنك لكريم، ولقد حاربتك فنعم محاربي كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، فجزاك الله خيراً، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان عامله على نجران، امرأته: صفية بنت حزن من بني مالك بن عامر بن صعصعة، توفي سنة إحدى وثلاثين، وقيل: اثنتين وثلاثين بالمدينة وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه بعدما عمي بصره وكان غلامه يقوده).
(2)- هرقل: هو اسم ملك الدولة البيزنطية في تلك الحقبة الزمنية، وأما القيصر فهي تعني ملك الدولة الرومية البيزنطية).
(3)- أبو رغال: رجل من ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف، فلما أراد إبرهة هدم الكعبة ومعه الفيلة كان قد مرّ بالطائف، فعرضت عليه ثقيف من يدله على الطريق إلى مكة لهدم الكعبة، فأرسلوا معه أبا رغال، ومات أبو رغال في الطريق وبقيت العرب ترجم قبره لخيانته، وصار مثالاً يضرب به لمن يخون بني جلدته)
(4)- إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، قال عنه الذهبي في الكشاف: "الفقيه كان عجباً فى الورع والخير، متوقياً للشهرة، رأساً في العلم").
الكاتب: عبد الستار المرسومي.
- التصنيف:
- المصدر: