كيف تكون من أهل التقوى في رمضان؟ (خطبة مقترحة
العمر مرحلة ستنتهي يومًا، والإنسان يموت كل يوم، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42]، ولذا فأمرنا الله بالتزود من الدنيا للآخرة؛ قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة: الدنيا مرحلة سفر وتزود:
- العمر مرحلة ستنتهي يومًا، قال الله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: 49].
- الإنسان يموت كل يوم، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر: 42]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ» [متفق عليه].
- أمرنا الله بالتزود من الدنيا للآخرة؛ قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
1- رمضان خير زاد من التقوى:
- التقوى الغاية من هذه العبادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وختم آيات الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
- لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان هنأ أمته وبشرها بالخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» [رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني].
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ» [متفق عليه].
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [متفق عليه].
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» [متفق عليه].
- وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» [متفق عليه].
- وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
2- كيف تكون من أهل التقوى؟
1- احفظ لسانك:
- الصائم التقي يحفظ جوارحه ولا سيما اللسان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» [متفق عليه]، وقال: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ والشُّرْبِ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَلْتَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ» [رواه ابن خزيمة والحاكم، وصححه الألباني].
- سبب ضياع أجر الصيام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [رواه البخاري].
- خطورة اللسان:
1- سلاح ذو حدين:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإِن الأعضَاءَ كُلهَا تكَفِّرُ اللِّسَانَ -تذل وتخضع له- فَتَقُولُ: أتقِ اللهِ فِينَا، فَإنَمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمتَ استقَمْنَا، وَإِنِ أعْوَجَتَ أعْوَجَجْنَا» [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].
2- أقوال اللسان تحدد مصير الإنسان:
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» {رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني}.
3- كلمة من اللسان قد تضيع الإنسان:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا فَيَهْوِى بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا» [رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني]، ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلاَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَىَّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلاَنٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» [رواه مسلم].
4- الملك يرصد كل شيء يخرج من لسانك:
قال ابن كثير رحمه الله: "ذُكِر أن الإمام أحمد رحمه الله كان يئن في مرضه فبلغه قول طاووس أنه قال: "يكتب الملك كل شيء حتى الأنين"، فلم يئن حتى مات رحمه الله".
- خوف السلف من خطر اللسان:
قال ابن بريدة: "رأيت ابن عباس رضي الله عنهما آخذ بلسانه وهو يقول: "ويحك قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم".
- وكان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف: "بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لساني".
- ودخل بعض أهل أبي بكر عليه وهو آخذ بلسانه ويقول: "أنت الذي أوردتني الموارد!".
- والعامة يقولون: "لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن هنته هانك".
- علاج اللسان:
1- جاء عقبة بن عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله: مَا النَّجَاةُ؟ قال: «{C}{C}أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ{C}{C}» [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
2- السكوت خير من الكلام إن كان بالشر، قال صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ{C}{C}» [متفق عليه].
3- الذكر خير علاج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ{C}{C}» [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني]، وقال: «{C}{C}لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي{C}{C}» [رواه الترمذي، وضعفه الألباني].
2- تلاوة القرآن:
- رمضان شهر القرآن والذ?ر، قال الله تعالى: {{C}{C}شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ{C}{C}} [البقرة: 185].
- جبال الحسنات مع تلاوة القرآن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ{C}{C}» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
- أكثر من ثلاثة ملايين حسنة في الختمة الواحدة، وهي تمحو ثلاثة ملايين سيئة: {{C}{C}إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ{C}{C}} [هود: 114].
- كان السلف إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن وتركوا غيره. (ذكر بعض أمثلة).
3- إحياء ليالي رمضان بالقيام والتهجد:
- رمضان شهر القيام:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ{C}{C}» [متفق عليه].
- أجر قيام الليل كله بصلاة التراويح:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ{C}{C}» [رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني].
- تعب الأبدان يزول ويبقى الأجر:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «{C}{C}كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا{C}{C}» [متفق عليه].
4- الصدقة والإحسان:
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص رمضان بزيادة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «{C}{C}كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ{C}{C}» [متفق عليه].
- هل تريد أن تصوم رمضان مرتين؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «{C}مَنْ فَطَّر? صَائِماً كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَىْءٌ» [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
فاللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك في رمضان.
سعيد محمود
- التصنيف:
- المصدر: