ماذا تعلمنا من مدرسة الصيام؟

منذ 2013-08-31

هذه بعض الاستفادات التي تربينا وتدربنا عليها في مدرسة الصيام السنوية فهل نكون من الفائزين؟ أم أننا نضيِّع ما تدربنا عليه؟! الله نسأل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يتقبل منَّا الصيام والقيام وصالح الأعمال.

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فيا أيها الأخوة الأحباب؛ يا مَنْ مَنَّ الله عليهم بحضور ومشاهدة مدرسة الصيام التي تعلمنا فيها الكثير والكثير، ذقنا فيها حلاوة الطاعة، تعرفنا فيها على قبح المعصية والذنب في حق الله وحق الناس، صمنا فيها رغم أن حرارة الجو كانت شديدة، قمنا لله طالبين رحمته وراجين هداه، تصدقنا من أموالنا، وعلمنا أن عبادتنا لا تكتمل إلا إذا أدخلنا السرور والبهجة على نفوس إخواننا من الفقراء والمساكين، عرفنا فضل القرآن وتذوقنا حلاوة تلاوته والوقوف مع آياته، أحسسنا بتغير حقيقي في نفوسنا، وتيقنا من شفائه لصدورنا ورحمته لنا وخسارته على أعداءنا ولكي تؤتي هذه المدرسة ثمارها فلابد لنا أن نعرف الآتي:

- الصيام كشف لنا عن قدراتنا الحقيقية:

نعم هذا أول ما تعلمناه من مدرسة الصيام أننا نمتلك قدرة هائلة، فبعضنا تحمل مشاقة الصيام، وبعضنا ختم عشرات الختمات، وبعضنا لم ينم إلا ساعات بسيطة من أجل ألا تفوته لذة التهجُّد والقيام؛ بل فينا من لم تفته تكبيرة الإحرام.

- هِمَّةٌ عالية وطاقة هائلة:

ألا يدل ذلك كله على أن المسلم لديه قدرات هائلة؟ وهِمَّةٌ عالية، وعزيمةٌ راسخة أصلب من الجبال الرواسي وأعلى من القِمم الشاهقة! ولذلك باهى الله به ملائكته "وينظر إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم الملائكة".

هل تعود من جديد؟

ولكن السؤال بعدما تعرّف المسلم على قدراته هل يعود المسلم من جديد إلى ما كان عليه قبل رمضان؟ هل يستفرغ المسلم هذه القدرات في عمل لا ينفع؟ ويُضيّع أوقاته في أعمال فارغة لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

ما هو الحل إذن؟

الحل أن يستثمر المسلم هذه القدرات والطاقات في العمل النافع، والتجارة الرابحة بينه وبين الله وإليك بعض الوسائل:

1- حدّد هدفك في هذه الحياة.

2- استثمر كل دقيقة من وقتك وليكن شعارك دائماً: الوقت هو الحياة.

3- حدِّد بدقة ما استفدته من رمضان.

4- لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

5- ابدأ بخطوة فستجد أن الله أيّدك بخطوات.

6- لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي.

7- كل مشكلة صغيرة مادامت أنها ليست في جنب الله.

8- اشحن طاقتك بالدعاء والاستغفار ومباركة الصالحين.

- تعلمنا في مدرسة الصيام أن نعيش بروح العبادة:

وهذا ما تعلمناه من نهج نبينا صلى الله عليه وسلم فقد حكت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن حاله في عبادته لربه فقالت كان يلاعبنا ونلاعبه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه، وتحكي رضي الله عنها في موضع آخر عن حاله لربه في قيام الليل أنه كان ساكناً خاشعاً لربه ومولاه حتى كانت تظن أن الله تعالى قد قبض روحه الكريمة، وها هو صلى الله عليه وسلم يقوم ليلة كاملة بآية واحدة من القرآن مستشعراً معناها خائفاً وجلاً أن يصيبه وأمته مضمونها: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118].

ويحكي ابن عباس رضي الله عنهما عن حاله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل قول الله تبارك وتعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود:112]، "ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية أشد ولا أشق عليه من هذه الآية"؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «شيبتني هود وأخواتها» (أخرجه الألباني في صحيح تخريج مشكاة المصابيح عن أبي جحيفة).

ونحن بفضل الله عز وجل كنّا نقف الركعات الطويلة فمنا من يقرأ بجزء، ومنَّا من يقرأ بجزأين فلم يزدنا ذلك إلا حباً في طاعة الله عز وجل، وكنَّا بفضل الله نصوم اليوم الطويل الحار فلم يزدنا ذلك إلا إيماناً واحتساباً لأجرنا عند الله عز وجل وإذا كان هذا حالنا في رمضان فليكن هذا حالنا بعد رمضان، وإليك أخي بعض الوسائل المعينة على العيش بروح العبادة:

1- حدِّد لنفسك هدفاً في عبادتك.

2- اربط هذا الهدف بطاقتك الحقيقية.

3- اجعل لك في كل يوم أوراد ثابتة.

4- كن متجاوباً مع آيات القرآن (ادعُ عند الدعاء استغفر عند الاستغفار اسأل الله الجنة عند ذكرها وهكذا).

5- جاهد نفسك في الصلاة ولا تجعل الشيطان يهزمك.

6- الاستعداد للعبادة جزء منها فلا تضيعه.

7- لمن تصلي؟ ولماذا تتصدق؟ هذا شعارك قبل كل عبادة.

8- اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك دعائك دائماً.

- تعلمنا أن الإيمان والخُلق قرناء.

لا إيمان لمن لا خُلق له:

هل تنفع الصلاة والصيام، وقراءة القرآن؟ إلا إذا تبعها عمل وإصلاح للمجتمع من حولنا.

امرأة عجيبة:

هل تعرف من هي؟ إنها امرأة تكثر من الصلاة والصيام والصدقة ولكن.. تؤذي جيرانها فهل تصح لها عبادة؟ قال صلى الله عليه وسلم: «هي في النار»، وها هي امرأة أخرى عُرِفَت بقلة الصلاة والصوم ولكنها تتصدّق على جيرانها فأخبرها صلى الله عليه وسلم أنها: «هي من أهل الجنة» (رواه أحمد).

نِداء إلى المصلين:

كثير من الناس يفضل التعامل مع من هو أقل منك في الالتزام زعما منه بأنه يُراعي عمله، ويُؤديه على الوجه الأكمل.

هل هذا صحيح؟ لو كان صحيحاً فهذه كارثة لأن الإيمان والخلق قرناء.

- وصايا عملية:

1- الله الله قبل كل شيء.

2- القدوة لا تعني الرياء.

3- أفضل الأعمال سرور تدخله على مسلم.

4- خير الأعمال أدومها وإن قل.

5- هل تصلي؟ ما هو دليلك على ذلك؟

6- سبق أهل الدثور بالأجور.

7- اعلم جيداً: أن صاحب المعروف لا يقع وإذا وقع لا ينكسر أو وجد متكئاً.

أخي؛ هذه بعض الاستفادات التي تربينا وتدربنا عليها في مدرسة الصيام السنوية فهل نكون من الفائزين؟ أم أننا نضيِّع ما تدربنا عليه؟! الله نسأل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يتقبل منَّا الصيام والقيام وصالح الأعمال.

 

 

حسام العيسوي إبراهيم
 

 

  • 0
  • 0
  • 1,186

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً