حكم مهرب ومروج المخدرات
بالنسبة للمهرب للمخدرات، فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم، لا يقتصر على المهرب نفسه، وأضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها، ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج فيمون بها المروجين.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض، بتاريخ 9/6/1407هـ وحتى 20/6/1407هـ، قد اطلع على برقية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله، ذات الرقم: س/8033، وتاريخ 11/6/1407هـ.
والتي جاء فيها: "نظرا لما للمخدرات من آثار سيئة، وحيث لاحظنا كثرة انتشارها في الآونة الأخيرة، ولأن المصلحة العامة تقتضي إيجاد عقوبة رادعة لمن يقوم بنشرها وإشاعتها، سواء عن طريق التهريب أو الترويج.. نرغب إليكم عرض الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء بصفة عاجلة، وموافاتنا بما يتقرر".
وقد درس المجلس الموضوع، وناقشه من جميع جوانبه في أكثر من جلسة، وبعد المناقشة والتداول في الرأي، واستعراض نتائج انتشار هذا الوباء الخبيث، القاتل تهريبا واتجارا وترويجا واستعمالا، المتمثلة في الآثار السيئة على نفوس متعاطيها، وحملها إياهم على ارتكاب جرائم الفتك وحوادث السيارات، والجري وراء أوهام تؤدي إلى ذلك، وما تسببه من إيجاد طبقة من المجرمين، شأنهم العدوان، وطبيعتهم الشراسة وانتهاك الحرمات، وتجاوز الأنظمة، وإشاعة الفوضى، لما تؤدي إليه بمتعاطيها من حالة من المرح والتهيج، واعتقاد أنه قادر على كل شيء، فضلا عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية تحمله على ارتكاب الجريمة. كما أن لها آثارا ضارة بالصحة العامة، وقد تؤدي إلى الخلل في العقل والجنون، نسأل الله العافية والسلامة لهذا كله. فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولا: بالنسبة للمهرب للمخدرات، فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم، لا يقتصر على المهرب نفسه، وأضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها، ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج فيمون بها المروجين.
ثانيا: أما بالنسبة لمروج المخدرات، فإن ما أصدره بشأنه في قراره رقم (85)، وتاريخ 11/11/1401هـ، كاف في الموضوع ونصه كما يلي: "الثاني: من يروجها سواء كان ذلك بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعا وشراء أو إهداء ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونشرها، فإن كان ذلك للمرة الأولى فيعزر تعزيرا بليغا بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية، أو بها جميعا حسبما يقتضيه النظر القضائي، وإن تكرر منه ذلك، فيعزر بما يقطع شره عن المجتمع، ولو كان ذلك بالقتل، لأنه بفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض، وممن تأصل الإجرام في نفوسهم، وقد قرر المحققون من أهل العلم أن القتل ضرب من التعزير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل مثل قتل المفرق لجماعة المسلمين الداعي للبدع في الدين"، إلى أن قال: "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد الكذب عليه. وسأله ابن الديلمي عن من لم ينته عن شرب الخمر فقال: من لم ينته عنها فاقتلوه. وفي موضع آخر قال رحمه الله في تعليل القتل تعزيرا ما نصه: "وهذا لأن المفسد كالصائل وإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل" اهـ.
ثالثا: يرى المجلس أنه لا بد قبل إيقاع أي من تلك العقوبات المشار إليها في فقرتي (أولا، وثانيا) من هذا القرار، من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية، وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى براءة للذمة واحتياطا للأنفس .
رابعا: لا بد من إعلان هذه العقوبات عن طريق وسائل الإعلام قبل تنفيذها إعذارا وإنذارا.
هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
----------------
قرار هيئة كبار العلماء رقم: 138
هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
7/6/1434 هـ
- التصنيف: