أعظم الفساد في البلاد الجهر بالإلحاد!
من المفزع أن فكر الإلحاد بالاستهزاء بالله وآياته ورسوله قد طفح في بلاد المسلمين على بعض صفحات الشبكة المعلوماتية بجرأة، وفي بعض الصحف بدرجة دون ذلك، وهذا لم يحدث عن مجرد تفكير ووسواس ألقاه الشيطان، بل له أسباب كثيرة تفزر بذرة الإلحاد من صحف وكتب وقنوات ومواقع ولقاءات مع مصابين بمرض النفاق، من الشك والتكذيب.
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فإن الإيمان بالله وتوحيده أصل من أصول الإيمان، وهو يتضمن الإيمان بوجوده سبحانه وربوبيته وإلوهيته وأسمائه وصفاته، وتفرده في ذلك، وتنزيهه سبحانه عن كل نقص وعيب وتشبيه، ومما يضاد الإيمان بالله وتوحيده: (الشركُ في عبادته وتعطيل أسمائه وصفاته، وتشبيهه بخلقه في ذاته وأسمائه وصفاته)، كقول المشبه: (له سمع كسمعي وبصر كبصري ويد كيدي)، وكل من الشرك والتعطيل والتشبيه من ضروب الكفر والإلحاد، لأنها تناقض حقيقة الإيمان بالله، وأعظم منها كفرًا: (الاستهزاء بالله بذاته وصفاته وأفعاله)، لأن المستهزئ قاصد للسب والتنقص، بخلاف المشرك والمعطل والمشبه؛ فإنهم لم يقصدوا التنقص لله، بل قصدوا التقرب إليه وتنزيهه، ولكنهم ضلوا ضلالًا بعيدًا، ولهذا لم يذكر الله الاستهزاء به وسبه إلا عن اليهود والمنافقين، كما قال تعالى عن اليهود: {لقد لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181]، وقال سبحانه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة:64]، وقال عن المنافقين: {قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا۟ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ} [التوبة:65-66].
والمستهزئ بالله قد يكون جاحدًا لوجوده في قرارة نفسه، وقد يكون مقرًا بوجوده، وهو مع ذلك يستهزئ به ويسبه ويتنقصه، ومن الجاحدين لله، من يجحده بلسانه وهو مقر بقلبه، كما أخبر الله عن فرعون وقومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل:14]، وأخبر الله عن موسى أنه قال لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء:102]، هذا مع قول فرعون: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} [النازعات:24]، {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي} [القصص:38]، فهو متظاهر بالجحد، والجاحد لله والمستهزئ كل منهما أكفر من الآخر من وجه، ومن المعلوم أن جحد وجود الله كفرٌ ما بعده من كفر، وبهذا يعلم أن سب الله والاستهزاء به وجحد وجوده أعظم أنواع الكفر والإلحاد.
ومن المفزع أن فكر الإلحاد بالاستهزاء بالله وآياته ورسوله قد طفح في بلاد المسلمين على بعض صفحات الشبكة المعلوماتية بجرأة، وفي بعض الصحف بدرجة دون ذلك، وهذا لم يحدث عن مجرد تفكير ووسواس ألقاه الشيطان، بل له أسباب كثيرة تفزر بذرة الإلحاد من صحف وكتب وقنوات ومواقع ولقاءات مع مصابين بمرض النفاق، من الشك والتكذيب: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة:10] وفي قراءة سبعية: {يُكَذِّبون}.
وليس هذا الفكر بغريب في أكثر البلاد الإسلامية، ولكنه غريب ومروع أن يظهر في هذه البلاد المملكة العربية السعودية، ويجهر به كتاب ومتحدثون، ثم يجدون من ينافح عنهم، ويلتمس لهم أنواع التأويل، مما لا يحتمله الكلام، ولا يخطر ببال صاحب المقال.
وهذا يشعر باستفحال مرض الردة عن الإسلام حتى بلغ الأمر ببعض الكتاب في صحفنا أن يجادل في حد الردة، وكأنه يدافع عن أولئك الملحدين المجترئين على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بكلمات الكفر الموجبة لردتهم، وهذا نص كلامه الفاجر الجائر: "من أجل ذلك فليت الدول العربية ورجال التشريع والقوانين فيها وأهل الفكر وأرباب التربية، يجتمعون على كلمة سواء في تجريم إصدار فتاوى الردة وإباحة الدم والتكفير، باعتبارها تدخلا في جرائم الكراهية والتحريض الديني وضرب السلم الاجتماعي والاستقرار الأهلي" (الشرق الأوسط - الثلاثاء 16 ر بيع الأول 1431هـ 2 مارس 2010 العدد 11417).
وهذه نماذج من كلمات الكفر الموجبة لردة أصحابها ومحاكمتهم ليتوبوا أو تضرب أعناقهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» (صحيح البخاري:6922)، فهذا حد الردة عن الإسلام:
1. قال أحدهم: "ما بال إلهكم إله عاجز لا يُحسن الدفاع عن نفسه".
2. وقال آخر: "إن قُدرة الإله على البقاء ستكون محدودة لولا وجود الحمقى".
3. وقال أخر: "وقال آدم للإله: يا خي نبي بنات، فخلق الله حواء".
4. وقال أخر عن الله جل جلاله: "يغضب لا كالملوك بل كطفلٍ حانق".
5. ومن أخر ذلك قول التي شبهت صوت المغني بصوت الله، وفي ذلك من الجهل والاستخفاف بعظمة الله ما تنكره جميع فطر المسلمين، ولها من هذا النوع وأسوأ منه رصيد.
وهذا الفكر الإلحادي يصادم عقيدة التوحيد، وإن من الفضيحة أن يجهر هؤلاء المخذولون بفكرهم وكفرهم في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، التي ينظر إليها المسلمون نظرة الإكبار والإعزاز؛ لأنها تعتمد تحكيم الشريعة وحماية العقيدة، ويشيد ولاة أمرها بذلك..
ولهذا فإننا نطالب باتخاذ الحلول التي تقمع هذا التوجه الضال، وتجتث جذوره، وتوقف مده؛ فإنه لم يتنام إلا حين أمن أصحابه العقاب.
نسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للأخذ على أيدي هؤلاء المفسدين، وأن يحفظ على هذه البلاد أمنها ودينها وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
- التصنيف: