جرح اللسان

منذ 2013-10-06

ينظر كِلا الزوجين إلى العلاقة الزوجية كمصدر للاطمئنان والهدوء والألفة، لكنه يفاجأ بأن شريك الحياة لا يتصرّف بالطريقة التي يتوقعها، وعندما يرى ذلك، قد يتفوه بألفاظ ويفعل أشياء لم يتوقع أن يفعلها قط، حينها يشعر أن الأرض تهتز تحت قدميه، ومن هنا تأتي أهمية أن نعرف: لماذا وكيف يختلف عنا شريك حياتنا؟


ينظر كِلا الزوجين إلى العلاقة الزوجية كمصدر للاطمئنان والهدوء والألفة، لكنه يفاجأ بأن شريك الحياة لا يتصرّف بالطريقة التي يتوقعها، وعندما يرى ذلك، قد يتفوه بألفاظ ويفعل أشياء لم يتوقع أن يفعلها قط، حينها يشعر أن الأرض تهتز تحت قدميه، ومن هنا تأتي أهمية أن نعرف: لماذا وكيف يختلف عنا شريك حياتنا؟

فهذه هي الخطوة الحاسمة على طريق الوقوف بالعلاقة الزوجية على أرض راسخة.

ما أكثر ما يضايقك في شريك حياتك؟

عندما نسأل الكثير من الأزواج حول أكثر ما يضايقك في شريك حياتك أو شريكة حياتك، يكون هناك رد ثابت يتعلق بما يمكن تسميته بـ "العبارات السلبية المطلقة" ذلك أن "هذه العبارات القاسية تميل إلى تحجيم شريك الحياة ووضعه في إطار معين بتعريف شخصيته بطريقة ضيقة الافق للغاية، والعبارات المطلقة هي تلك التي تستخدم عبارات مثل: "دائمًا، أبدًا، لا شيء، لا قيمة له... وهكذا، وتتضمن أمثلة العبارات المطلقة هذه: إنك لا تقضي وقتاً معنا مطلقاً، إنك لا تستمع مطلقاً لما أقوله، إن مساهمتك لا قيمة لها وهكذا... إلى آخر هذه العبارات التي تصنف الشخص وتعرفه أو تشرح مساهمته أو مساهمتها بطريقة محدودة ومطلقة" (لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، د. ريتشارد كارلسون، وكريستين كارلسون، ص: [290-291]، بتصرّف).

لا تطلق الألفاظ ثم تغمض عينيك:

قد يكون كل ما تقوله عن الشريك صحيحاً ودقيقاً وأنت في حالة الامتعاض وعدم الثقة، ولكن لا يكون من اللائق أن تلومه أو تلومها على عجزك عن الشعور بالحب والاستجابة له، بل الواجب "عندما تكون منزعجاً من شريكك أو شريكتك، أن تختلي بنفسك بعض الوقت، لتسأل نفسك ما يمكن فعله حتى تشعر براحة أكثر" (معجزات عملية للمريخ والزهرة، جون جراي، ص: [271]، بتصرُّف).

وأن تعلم أن "الألفاظ مسدسات مشحونة بالرصاص، فإذا اختار أحد الزوجين أن يطلقها، فيجب أن يصوبها إلى أهداف، لا أن يطلق اللفظ كما يطلقه طفل على غير هدى مغمضاً عينيه، مكتفيا بلذة سماع الانفجار" (مستفاد من علم النفس والأدب، د. سامي الدروبي).

كلمات أم لكمات:

من المعتاد أن تخرج المناقشات الأسرية عن اطارها إذا ما أخطأ أحد الطرفين أو كلاهما، وسب الآخر ونعته مثلاً بـ غبي أو مغفل فقد يحدث في إحدى المشاحنات بين زوجين أن يعترض الزوج -مثلاً- على شيء قالته زوجته فيقول: "إن هذا بالتأكيد غباء"، وربما أضاف أيضاً: "أنا لا أعرف ما الذي يفترض أن يكون معنى ما قلتيه؟" (أنا لا أقول ذلك إلا لأني أحبك، ديبورا تانين، ص: [106]).

ويعرف كِلا الزوجين في مثل هذه الحوارات أنه يصعد من غضب الطرف الآخر؛ ولذلك تصبح الكلمات في مثل تلك الحوارات أكثر إيذاء من اللكمات، بل لا نبالغ إن قلنا: "إن الكثير من الأزواج يحفروا قبور سعادتهم الزوجية تدريجياً بواسطة سلسلة من الحفر الصغيرة، التي قد لا يؤبه لها في أول الأمر" (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي، ص: [256]، بتصرُّف يسير)، والتي لا تعدو أن تكون مجموعة من الكلمات، ذلك أن الكلمة الجارحة يمكن أن تحطم الكثير من إشارات مرور الحب بين الزوجين.

وكما يقول المثل الإنجليزي: "العصا والأحجار يمكن أن تكسر عظامي، ولكن الكلمات تحطم قلبي".

انتبه لنبرة صوتك:

إن من الأهمية بمكان أن ندقق في اختيار الكلمات التي نتفوه بها، ونُحسِن استخدام نبرة الصوت في النطق بها فإن نبرة الصوت أهم من الكلمات "فالكلمات وحدها لا تضيف شيئاً إلى نظرة أعيينا ونبرة صوتنا، وهي لا تظهر المشاعر الحقيقية، جرّب أن تقول كلمات مثل "أنا أحبكِ" بنبرة شريرة ماكرة إلى طفل صغير ستجده يجري من أمامك مذعوراً، وبالعكس جرب كلمات مثل: "أيها الطفل الشرير"، ولكن بنبرات صوت توحي بالحب، وراقب رد الفعل ومدى التجاوب معك. إذا كان الصوت والنظرة يعكسان الاحترام، والتقدير، أو حتى لمسة حنان وإعجاب، فإنها ستذيب كل المشاعر السيئة، ولأن الشكوى كل يوم تبعدك عمن تحب، فاجعل في يومك منطقة حرة عن الشكوى، ولا تُكثِر الأسئلة المتعلقة بسلوك الطرف الآخر، وكأنك تجري له امتحاناً "قل لي لماذا فعلت كذا؟" (النساء لا يسمعن ما لا يقوله الرجال، د. وارين فاريل، ص: [34]، بتصرُّف).

ومع عدم الشكوى لا بد أن يحرص كِلا الزوجين ألا يلح في طلب الكثير من شريك حياته، حتى لا يشعر شريكه بالتوتر بسبب طلباته التي لا تنتهي، فربما نفد صبره وأحس بالامتعاض الشديد، وتساءل في نفسه: "ما الذي يعطيه الحق أن يكلمني هكذا؟"

إن الذين يلحون في طلب الكثير غالبا ما يجد من حولهم صعوبة بالغة في البقاء معهم فضلا عن حبهم "إن الكلمات المؤلمة هي السرطان الذي يقضي على الحب وبرغم أن هذه حقيقة بديهية، إلا أننا جميعاً -وبلا استثناء- أكثر تلطفاً مع الغرباء منا مع شريك حياتنا، إننا مثلاً لا نقاطع الغرباء لنقول إننا سمعنا ما يقوله آلاف المرات" (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي، ص: [273]، بتصرّف).

جرح السنان؛ جرح اللسان:

إننا مع طول العشرة مع شريك حياتنا وتكرار المشاكل اليومية نبدأفي استخدام ألفاظ جارحة، ثم تتطور إلى إهانات متكررة، وكما قيل:



جراحات السنان لها التئام *** ولا يلتئم ما جرح اللسان


فهذه الإهانات، وتلك الألفاظ تزرع الكراهية، وتحرم كِلا الزوجين مت التصرف الطليق مع شريك حياته، لأنه وقتها يكون مقيدا بقيود العناد.

ماذا بعد:

- لا تستخدم العبارات السلبية المطلقة مع شريك الحياة مثل "دائماً، أبداً، لا شيء، لاقيمة له" مثال: إنك دائماً ما تقول الشيء الخطأ.

- من الخطأ أن تنعت شريكك بـ"غبي أو مغفل" فهذا يصعد من غضب الطرف الآخر.

- انتبه لنبرة صوتك، وأحسن استخدام نبرة الصوت مع نظرة العين.

- الكلمة الطيبة صدقة كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم والكلمة السيئة ألمها أشد من جرح السنان
.


أم عبد الرحمن محمد يوسف
 

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 2
  • 1
  • 3,859

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً