ماذا تفعل المرأة من الأعمال الصالحة إذا أصابها العذر الشرعي؟

منذ 2013-10-07

ينبغي على المرأة المؤمنة أن ترضى بما كتبه الله، ففي الصحيحين أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَل على عائشة وهي تبكي "لأنها حاضت أيام الحج" فسلّاها وعزّاها وقال: «إنَّ هذا أمرٌ كتَبه اللهُ على بناتِ آدَمَ» ثم أخبرها بما تفعله في حجها ومالا تفعله.


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلى وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد:

1- فينبغي على المرأة المؤمنة أن ترضى بما كتبه الله، ففي الصحيحين أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَل على عائشة وهي تبكي "لأنها حاضت أيام الحج" فسلّاها وعزّاها وقال: «إنَّ هذا أمرٌ كتَبه اللهُ على بناتِ آدَمَ» ثم أخبرها بما تفعله في حجها ومالا تفعله.

2- من البشائر التي تسرُّ المؤمن والمؤمنة أن الإنسان إذا كان معتاداً على عملٍ صالح ثم تركه لعذرٍ فإن الله عز وجل يُعطيه أجر ذلك العمل ولو لم يعمله وهذا من فضل الله، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً» (رواه البخاري).

وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجع من غزوةِ تبوكَ، فلما دنا منَ المدينةِ قال: «إنَّ بالمدينةِ أقوامًا، ما سِرتُم مسيرًا، ولا قطعتُم واديًا إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهم بالمدينةِ؟ قال: «وهم بالمدينةِ، حبسهُمُ العذرُ» (رواه البخاري).

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ كتب الحسناتِ والسَّيِّئاتِ ثمَّ بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنةٍ فلم يعمَلْها كتبها اللهُ له عنده حسنةً كاملةً» (متفق عليه).

وهذا كله مصداقٌ لما علّمناه ربنا من أسمائه الحسنى وصفاته العُلى، فإنه سبحانه الغني الكريم، الرحمن الرحيم، البر الحليم، ذو الفضل العظيم، ذو الجلال والإكرام سبحانه وبحمده

3- يجوز للمرأة الحائض باتفاق العلماء أن تعبُد ربها بالدعاء والذِكر، فعلى المرأة المؤمنة أن تملأ وقتها بالدعاء وبذكر الله بأنواع الذكر كالتسبيح والهليل والتكبير والتحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن استعانت في ذلك بكتب الأذكار كحصن المسلم وكتاب الدعاء من الكتاب والسنة فحسن، ولا مانع من الاستعانة بالسُبحة والعدّادات اليدوية لعد التسبيح، فقد ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يعدون التسبيح بالحصى، لكن عدّ التسبيح بالأنامل "وهي الأصابع" أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات» (إسناده حسن).

4- يجوز للمرأة الحائض "ومثلها النفساء" أن تقرأ القرآن، وهذا مذهب الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد اختارها جمع من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال رحمه الله كما في مجموع الفتاوى:

"لَيْسَ فِي مَنْعِهَا مِنْ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ أَصْلًا، وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ يَحِضْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِنَّ كَالصَّلَاةِ لَكَانَ هَذَا مِمَّا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَتَعْلَمُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقُلُونَهُ إلَى النَّاسِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَهْيًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُجْعَلَ حَرَامًا، مَعَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمِ" (مجموع الفتاوى، [26/191]).

وهذا القول: "أعني جواز قراءة القرآن للمرأة الحائض"؛ هو اختيار جمع من المعاصرين منهم الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله.

ومما ينبغي التنبيه إليه: أن مسّ المصحف لا يجوز إلا للمتطهر، لذا فإن على المرأة الحائض أن تلبس قفازاً أو تُحرِّك المصحف بقلم أو نحوه أو تقرأ من الأجهزة أو من المصاحف المشتملة على تفسير القرآن، فإن مسّها جائز.

5- ومن الأعمال الصالحة قراءة الكتب النافعة التي تُفيد العلم وتزيد الإيمان وتُقرِّب من الله لا سيما كتب السُنة، ومن أجلّها وأفضلها وأعظمها بركةً ونفعاً صحيح البخاري وصحيح مسلم ورياض الصالحين للنووي وغيرها كثير ولله الحمد.

6- الأعمال الصالحة في العشر الأواخر لا تقتصر على الذِكر والتلاوة والصلاة، بل هي أعم من ذلك، فالصدقة وصلة الرحم وزيارة المرضى وخدمة الناس احتساباً للأجر، والإعداد للعيد بالمسابقات النافعة التي تُدخِل البهجة وتحفظ الوقت وتزيد العلم والإيمان، كل ذلك من الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله.

7- ومن أفضل الأعمال في هذه العشر خدمة الصائمين والمعتكفين ورواد المساجد، فإن تيسر للمرأة أن تشارك في تفطير الصائمين أو خدمة المعتكفين بأي أنواع الخدمة ككيّ ملابسهم ونحو ذلك فهي على خيرٍ وأجرٍ وبر.

هذا ما تيسر في هذه العجالة، ومن نظر وجد المزيد، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

المصدر: صيد الفوائد
  • 17
  • 2
  • 27,886

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً