مكانة التوحيد في حياة المسلم

منذ 2013-10-30

إنّ أعظم المقاصد وأجلّ الغايات وأنبل الأهداف توحيدُ ربِّ الأرض والسماوات والإقرار له جلّ وعلا بالوحدانية، وإفراده جل وعلا بالذّل والخضوع والانكسار، وإسلام الوجه له خضوعاً وتذللاً رغباً ورهباً خوفاً ورجاءً سُجوداً ورُكوعاً، وإخلاصُ الدّين له جلّ وعلا، والبراءةُ من الشرك كلِّه قليله وكثيره دقيقه وجليله.

 

إنّ أعظم المقاصد وأجلّ الغايات وأنبل الأهداف توحيدُ ربِّ الأرض والسماوات والإقرار له جلّ وعلا بالوحدانية، وإفراده جل وعلا بالذّل والخضوع والانكسار، وإسلام الوجه له خضوعاً وتذللاً رغباً ورهباً خوفاً ورجاءً سُجوداً ورُكوعاً، وإخلاصُ الدّين له جلّ وعلا، والبراءةُ من الشرك كلِّه قليله وكثيره دقيقه وجليله، فهذه هي الغاية العظمى التي خُلق الخلق لأجلها وأُوجدوا لتحقيقها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وهي الغاية التي أرسل الله جلّ وعلا لأجلها رسله الكرام وأنزل كتبه العظام: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل:36]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].

وبالتوحيد يحيا العبد حياة حقيقية ملؤها رضى الرحمن والفوز بالكرامة والإنعام، وبدون التوحيد يحيا حياة بهيمة الأنعام: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44]. إنّ فاقد التوحيد ميّت ولو كان يمشي على الأرض، ومحقّق التوحيد هو الذي يحيا الحياة الحقيقية، يقول الله جلّ وعلا: {أَومَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام:122]، أي: أحييناه بالإيمان والتوحيد، ويقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24].

وبالتوحيد أمن الأوطان وراحة الأبدان: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:82]، ويقول جل وعلا: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:55].

وبالتوحيد سعادة الإنسان وطمأنينته، يقول الله جل وعلا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل:97]، ويقول جل وعلا: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124]، ويقول جل وعلا: {طه . مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:1-2]، أي: إنما أنزلناه عليك لتسعد به ويسعد به من اتّبعك.

وبالتوحيد تنزاح عن القلب الأوهام وتنطرد الوساوس والأفكار الرديئة، ويحصل للقلب طمأنينته وراحته وهدوؤه وسكونه، يقول الله جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ} [الناس:1-3]، وهذا توحيد الله: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس . مِنَ الْجِنَّةِ والنَّاسِ} [الناس:4-6].

وبالتوحيد تنطرد الشياطين ولا تطيق البقاء في مكان يصدع فيه بالتوحيد، وإذا سمع الشيطان الأذان ولى وله ضراط. والقرآن كلّه توحيد وتمجيد وتعظيم لله جل وعلا، وآية الكرسي هي آية التوحيد وبيان براهينه وحججه ودلائله وبيناته، وإذا قرأ المؤمن آية الكرسي إذا آوى إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.

وبالتوحيد يسلم العبد -بإذن الله- من كيد الأشرار من السحرة والمشعوذين: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38]، {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47].

وبالتوحيد ينال العبد الخيرات كلِّها وسعادة الدنيا والآخرة، فإن الله جل وعلا قضى في حكمه العظيم أنّ السعادة والنعيم إنما يكون لأهل الإيمان والتوحيد في دنياهم وفي قبورهم وفي أخراهم؛ {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار:13].

فإنَّ توحيد الله جل وعلا هو أولى أمر وأعظم أمر ينبغي أن يذكّر به الناس، قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ . وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:55-56].

والعبد يحتاج إلى تقوية إيمانه وتجديد إسلامه وتقوية صلته بربِّه جل وعلا، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليَخْلَقُ في جوف أحدكم كما يَخْلَقُ الثوب»، وفي خضم الفتن الصارفة والأهواء الجارفة والفتن العاصفة يحتاج الناس إلى التأكيد على التوحيد ويحتاج الصغار إلى أن ينشئوا عليه تنشئة عظيمة متينة: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13].

نسأل الله جل وعلا أن يحينا موحِّدين لله مخلصين الدّين له مؤمنين به جل في علاه، معظمين لجنابه، وأن يعيذنا أجمعين من الشّرك كله دقيقه وجليله وقليله وكثيره.
 

 

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
 

  • 44
  • 16
  • 35,516

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً