الثورة السورية و(الإرهاب)! (خدمات إعلام ما بعد البيع)!
أسطورة القاعدة في سوريا ليست وليدة السنة الأخيرة؛ حيث اندفع شباب مسلمون من هنا وهناك، للذود عن السوريين الذين تواطأ العالم على الفتك بهم، وجاء الحقد الرافضي من كهوف الكراهية المختزنة، فكيف لا يهب مسلمون لنجدة إخوانهم العُزَّل المستضعفين؟
قلما تعثّر على عربي لم يسمع بحكاية أبي الطفيليين: أشعب؛ عندما أراد التخلص من أولاد مشاكسين أضجروه، فقال لهم: "إن في دار فلان وليمة دسمة". هرول الأطفال إلى المكان الذي حدده أشعب من بنات خياله، ثم قال لنفسه: "وماذا إذا كان الأمر صحيحاً؟"، فشمّر عن ثوبه وأخذ يركض نحو الدار التي دفع بالأولاد نحوها!
هذه القصة الرمزية تصلح اليوم لقراءة أساطير الغرب عن الثورة السورية، حيث يجري تضخيم العنصر الجهادي في خريطة المقاومة السورية لحِلف المجوس الجدد، الذي لا يكتم نيته أن يستأصل السوريين -المسلمين تحديداً- إذا استعصى عليه تركيعهم!
فعلى الرغم من الاعتراف الأمريكي المتأخر نحو ثلاث سنوات، -تم اضطراراً في الرياض قبل يومين فحسب-، بوجود مرتزقة إيرانيين "رسميين" يشاركون طاغية الشام في ذبح الشعب السوري، فإن الضغوط الأمريكية لا تُسَلَّط إلا على دولتين عربيتين تقفان مع جهاد السوريين للتحرر من الاحتلال الصفوي، وعلى تركيا.
السعوديون قالوها بصراحة لجون كيري: "إن ملالي قم يحتلون سوريا حالياً، فلم تعد القضية قضية شعب ثار على مستبد مجرم فحسب".
والأمريكان الذين تلاحق طائراتهم بلا طيار مسلمين تتهمهم بـ"الإرهاب" في أنحاء العالم، تعاموا عن قطعان الرافضة المتدفقين على الشام من إيران ولبنان والعراق واليمن.
حتى الصهاينة الذين قامت أكذوبة ممانعة نصر اللات على العِداء المزعوم لهم، يُدمِّرون كل فترة أهدافاً عسكرية لعميلهم الأسدي خشية وقوعها في يد الأحرار مستقبلاً، حتى هؤلاء لم يضربوا مرتزقاً واحداً من أذناب حزب اللات والعزى، ولو شاؤوا لفتكوا بهم بالجملة على الطريق بين دمشق وبيروت!
أسطورة القاعدة في سوريا ليست وليدة السنة الأخيرة؛ حيث اندفع شباب مسلمون من هنا وهناك، للذود عن السوريين الذين تواطأ العالم على الفتك بهم، وجاء الحقد الرافضي من كهوف الكراهية المختزنة، فكيف لا يهب مسلمون لنجدة إخوانهم العُزَّل المستضعفين؟
المضحك المبكي في الخرافة اليهودية الصليبية أنها اتكأت على أكاذيب النظام الأسدي الذي تشدق أوباما منذ بداية الثورة بأنه فقد شرعيته!
فأبواق الأسد وحلفائه المجوس الجدد دأبت على اتهام الشعب السوري بأنه يتبع تنظيم القاعدة، منذ انطلاق المظاهرات السلمية المحدودة في درعا، في الأيام الأولى للاحتجاجات الشعبية التي قوبلت بالقتل الجماعي الممنهج.
فكيف تصبح القاعدة مسوغاً لإجرام الغرب المستمر بأثر رجعي؟
نحن في موقع المسلم تحدثنا عن الدجل الأمريكي منذ مطلع الثورة، وكان الآخرون -وبينهم سوريون شرفاء- يتهموننا بالتهويل وبأننا نعشق نظرية المؤامرة، لكن الجميع أدركوا الحقيقة بعد سنة وأكثر، وبعضهم تأخر وعيهم سنتين.
غير أن المريب في الأمر هو صفاقة إعلام يزعم أنه يؤيد السياسة السعودية، لكنه غارق حتى أذنيه في مؤامرة التزوير الغربية المكشوفة، وهو موقف غير أخلاقي وغير مهني وغير وطني.
فالسعودية التي ظلت تنتقد في الكواليس سياسة البيت الأبيض إزاء محنة الشعب السوري وجدت نفسها مضطرة أخيراً إلى التغلب على الاعتبارات الدبلوماسية والجهر بسخطها من الخذلان الأمريكي المتعمد لآلام السوريين.
فمنذا الذي يُصدِّق وسائل إعلامٍ تدّعي أنها تدافع عن السياسة السعودية، بينما تقف في موقف إستراتيجي مع سياسات الغرب بصرف النظر عن مدى اتفاقها أو اختلافها مع سياسة الرياض الخارجية؟
مع ملاحظة أن هذا التناقض الممجوج بين مزاعم هذا الإعلام التغريبي المنافق وبين الواقع، تكرّر في أكثر من محطة مفصلية، منذ الغزو الصليبي للعراق في عام 2003م حتى الوقت الحاضر.
مهند الخليل
- التصنيف:
- المصدر: