أغبياء المواقف الحساسة
كنت طوال حياتي شديد الوسوسة فيما يتعلّق باحترام مشاعر الآخرين، فتجدني أقوم بأمور مبالغ فيها كي لا أرتكب تصرفاً يجرح مشاعر شخصٍ ما، ويعود هذا التصرُّف إلى أنني أشعر بحساسية بعض الأحيان من عدم وجود من يُظهِر تعاطفه معي في بعض المواقف، ولكن هناك أشخاص أغبياء حقاً وبشهادةِ تقدير في مجال الغباء هذا.
كنت طوال حياتي شديد الوسوسة فيما يتعلّق باحترام مشاعر الآخرين، فتجدني أقوم بأمور مبالغ فيها كي لا أرتكب تصرفاً يجرح مشاعر شخصٍ ما، ويعود هذا التصرُّف إلى أنني أشعر بحساسية بعض الأحيان من عدم وجود من يُظهِر تعاطفه معي في بعض المواقف، ولكن هناك أشخاص أغبياء حقاً وبشهادةِ تقدير في مجال الغباء هذا.
هذا الغباء يتلخَّص بعدم تقدير موقف الشخص المقابل، فمثلاً: عندما كان الشعب التونسي يتظاهر ويطلب حريته من نظام ابن علي، وكنت أجلس مع بعض الأصدقاء أحدهم تونسي، جاء صديق آخر ففتح جهاز الكمبيوتر الشخصي له، وقام بتشغيل بعض الأغاني ولم يناقش، وبدأ يستمع من دون إظهار أيِّ شكلٍ من التعاطف مع الصديق التونسي الخائف على وطنه وأهله.
مثل هذا السلوك أضعه في قمة هرم الغباء البشري؛ ففيه أنت تخسر احترامك من قِبل الآخرين، وثم تفقد علاقات الصداقة، وتخسر كذلك من يتعاطف معك في حال كنت في ذات الموقف، مثل هذا السلوك يجعلني أبغض تصرُّفك وإنْ لم أكن صاحب علاقةٍ مباشرةٍ به، ويجعل كل من يشاهدك يستسخف ما تقوم به.
هذا السلوك هو أحد الصور من غباء المواقف الحساسة، وهناك مواقف أخرى يقفز فيها أغبياء المواقف الحساسة إلى القمة، ومن ذلك مثلاً: شخص يسألك عن حدثٍ مُعيّن يخصك، وبعد أن تُخبِره بكل شيءٍ لا يبدي أيَّ تعليق، وكأنه غير مهتم ولم يسأل، ومن ذلك شخص يأتي إلى رجل تعرَّض لموقفٍ صعب مثل الإقالة من عمله، فيبدأ بالكلام عن نجاحه في العمل، وقدراته الفائقة في الحفاظ على وظيفته، ومواقف أخرى كثيرة يرفض فيها البعض إظهار التعاطف أو الاهتمام ولو مجاملة، هذا السلوك المتحجِّر هو دليل غباء مُطلَق!
يقول سري تشينومي: "التعاطف تصرُّف وليس تفكير"، وهي رسالة واضحة للجميع بأن التعاطف صفةٌ نبيلةٌ، وأن التعاطف الداخلي لا يكفي ولا بدّ من إظهاره، ويجب أنْ نذكِّر بأنّ عدم التعاطف هو صور من صور الغباء الإنساني.
بتصرُّف يسير.
محمد عواد
- التصنيف: