التقيد بأنظمة المرور

منذ 2013-11-23

التقيد بأنظمة المرور -التي رُتِّبَت لمصلحة الجميع ومن ذلك الإشارات الضوئية- أمر واجب، لما يترتب على عدم التقيد بها من أضرار في النفس، وما دون النفس في الأطراف والنافع، وكذا في الأموال والممتلكات


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

فإن شرائع الإسلام استوعبت شتى جوانب الحياة وشؤونها، وانتظمت كل ما يعرِض المرء من مهده إلى لحده، فلم تدع مجالاً في السلوك العام أو الخاص إلا وجاء فيه بأمر السداد؛ فقد دخلت توجيهات الإسلام وأحكام الشريعة في تنظيم المجتمع في دقيقه وجليله، في أفراده ومجموعه، في شأنه كله، ولا تزال مدونات أهل الإسلام في الفقه والأخلاق مشحونة بالحكم والأحكام في فكرٍ أصيل، ونظرٍ عميق، في فهم شؤون الحياة وسياسة المجتمع.

وإن مما يظهر فيه شمول هذا الدين وجلاء حكمه وأحكامه ما أوضحه القرآن والسنة، وآثار الأئمة من آداب المرور في الطريق وأحكامه، وحقوق المارة، وأدب الجماعة، قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} [الفرقان:63].

وقال تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء:37].

وللطريق آداب كثيرة، منها: ما ثبت في السنة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس في الطرقات»، قالوا: "يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدّث فيها"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: "وما حقه"؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (متفق عليه).

ومن آداب المرور الواجبة ما رتب من أنظمة السير التي قصد منها حفظ الأنفس، والأموال والممتلكات.

وقد حرّم الله تعالى، وكذا رسوله صلى الله عليه وسلم الاعتداء على النفس المعصومة، وكذا المال المعصوم، وأجمع المسلمون على ذلك.

قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء من الآية:29]، وقال تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة من الآية:195]، وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الأنعام من الآية:151].

فالتقيد بأنظمة المرور -التي رُتِّبَت لمصلحة الجميع ومن ذلك الإشارات الضوئية- أمر واجب، لما يترتب على عدم التقيد بها من أضرار في النفس، وما دون النفس في الأطراف والنافع، وكذا في الأموال والممتلكات.


وروى ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (متفق عليه).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً» (رواه البخاري)، وروى جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا...» (متفق عليه).

وثبت في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخَّره فشكر الله له فغفر له».

فإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى عن الطريق، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمَّد إيذاء الناس في أنفسهم وأموالهم أثناء مرورهم في الطريق.

فالواجب على المسلم أن يتقيَ الله عز وجل في نفسه وإخوانه، وأن يشكر الله عز وجل على نعمة هذه المراكب، وأن يتقيد بما وضع من نظام قصد منه المصلحة، وأن لا يجعل من هذه المراكب سبب سوء له ولغيره.


وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه٬ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

  • 7
  • 0
  • 5,392

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً