أحكام سجود السهو

منذ 2013-11-24

هما سجدتان يسجدهما المصلي؛ لجبر الخلل الحاصل في صلاته سهواً.

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وعمود الدين، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، وأول ما يُحاسَب عليه العبد فمن رحمة الله عز وجل بعباده أن شرع لها جوابر تجبر النقص والخلل الذي يطرأ عليهم على صلاتهم، ومما شرّعه الله لعباده جبراً لهذا النقص، سجود السهو.

تعريف سجود السهو:

السهو والنسيان والغفلة ألفاظ مترادفة، معناها: ذهول القلب عن معلوم، وقيل: الناسي إذا ذكَّرته تذكّر بخلاف الساهي.

واصطلاحاً: سجدتان يسجدهما المصلي؛ لجبر الخلل الحاصل في صلاته سهواً.

أسباب سجود السهو:

يُشرع سجود السهو لأحد ثلاثة أمور:

أولاً: إِذا زاد في الصلاة سهواً.

ثانياً: إِذا نقص منها سهواً.

ثالثاً: إِذا حصل عنده شك في زيادة أو نقص.

فيسجد لأحد هذه الثلاثة حسبما ورد به الدليل، لا كل زيادة أو نقص أو شك.

ويُشرَع سجود السهو إِذا وُجِدَ سببه، سواءً كانت الصلاة فريضة أو نافلة؛ لعموم الأدلة.

ضابط الصلاة التي يُشرَع فيها سجود السهو:

يُشرَع سجود السهو لكل صلاةٍ ذات ركوع وسجود.

فخرج بذلك صلاة الجنازة، فلا سجود للسهو فيها، وكذا لا سجود إذا سها في سجود التلاوة، أو السهو.

أحوال سجود السهو:

الحال الأولى: الزيادة في الصلاة.

وهي إما زيادة أفعال أو زيادة أقوال:

أولاً: زيادة الأفعال.

إذا كانت زيادة من جنس الصلاة؛ كالقيام في محل القعود، والقعود في محل القيام، أو زاد ركوعاً أو سجوداً، فإِذا فعل ذلك سهواً فإنه يسجد للسهو وجوبًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته؛ فليسجد سجدتين» (رواه مسلم).

مسألة: لو زاد ركعةً سهواً ولم يعلم إلا بعد فراغه منها:

فإنه يسجد للسهو، أما إن عَلِمَ في أثناء الركعة الزائدة فإنه يجلس في الحال، ويتشهّد إن لم يكن تشهّد، ثم يسجد للسهو ويُسلِّم.

وإن كان إماماً؛ لزم من عَلِمَ من المأمومين بالزيادة والنقص تنبيهه بأن يُسبِّح الرجل وتُصفِّق المرأة، ويلزم الإِمام حينئذ الرجوع إلى تنبيههم إذا لم يجزم بصواب نفسه؛ لأنه رجوع إلى الصواب.

ثانياً: زيادة الأقوال.

كالقراءة في الركوع والسجود، وقراءة سورة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية والثلاثية من المغرب، فإذا فعل ذلك سهواً؛ استحب له السجود للسهو.

وأما إن كانت الأفعال والأقوال المزادة ليست من جنس الصلاة، كالأكل والشرب والحركة الكثيرة والكلام، فلا يُشرَع لها سجود السهو، لكن إن كانت عمدًا أبطلت الصلاة، وسهواً لا تبطلها.

الحالة الثانية: النقص

إذا نقص من الصلاة، بأن ترك منها شيئاً فلا يخلو:

1- نقص الأركان:

فإن كان المتروكُ ركناً، وكان هذا الركن تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته، ولا يُغني عنه سجود السهو.

وإن كان ركناً غير تكبيرة الإحرام؛ كركوع أو سجود ونحوهما، وذكر هذا المتروك قبل أن يصل إلى موضعه في الركعة التي تليها عاد وجوباً فأتى به وبما بعده، وإن ذكره بعد أن وصل إلى موضعه من الركعة التي تليها لغت الركعة التي تركه منها، وقامت التي تليها مقامها.

وإن لم يعلم بالركن المتروك إلا بعد السلام؛ فإنه يَعتبره كترك ركعةٍ كاملة، فإن لم يَطل الفصل، وهو باقٍ على طهارته؛ أتى بركعة كاملة وسجد للسهو، ويسجد بعد السلام، وإن طال الفصل، أو انتقض وضوؤه، استأنف الصلاة من جديد؛ إلا أن يكون المتروك في الركعة الأخيرة فإنه يأتي به وبما بعده ويُسلِّم ويسجد للسهو ما لم يطل الفصل أو ينتقض وضؤوه كما سبق.

2- نقص الواجبات:


وإن كان المتروك واجباً كتسبيح الركوع أو السجود ونحوهما:

أ- فإن ذكره قبل أن يتلبّس بالركن الذي يليه رجع وأتى به، ثم سجد للسهو بعد السلام؛ لأنه زاد في الصلاة.

ب- وإن ذكره بعد أن تلبّس بالركن الذي يليه سقط، ويسجد للسهو قبل السلام وجوباً؛ لأنه نقص.

3- نقص السنن:


وإن كان المتروك سنة، فإن كان من عادته الإتيان بها استحب له السجود قبل السلام، وإلا فلا.

الحالة الثالثة: الشك في الصلاة.

ولا يخلو:

1 - أن يغلب على ظنه شيء فإن غلب على ظنه شيء عمل به، وسجد للسهو بعد السلام؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «فليتحرّ الصواب فليُتِمَ عليه» (متفقٌ عليه).

2 - أن لا يترجّح عنده شيء، فيبني على اليقين، ويأتي بالناقص.

مثال ذلك: إذا شكَّ في عدد الركعات؛ بأن شكَّ أصلَّى ثنتين أم ثلاثاً مثلاً فإن ترجَّح له شيءٌ عمل به وبنى عليه، وإلا فإنه يبني على الأقل؛ لأنه المتيقِّن، ثم يسجد للسهو قبل السلام؛ لحديث أبي سعيد: «إذا شكَّ أحدكم في صلاته، فلم يدرِ أصلّى ثلاثًا أو أربعًا، فليطرح الشك، وليبنِ على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن حكم سجود السهو».

حكمه الوجوب، إذا كان عمدُه يُبطل الصلاة، وإلا لم يجب.

فمثلاً: زيادة ركعة سهواً، عمدٌ ذلك يُبطل، فسهوه يوجب السجود.

محل السجود:

أ- قبل السلام:

إن كان عن نقص كما لو نقص تسبيح الركوع أو السجود، كما في حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه: "لمّا ترك التشهّد الأول سجد صلى الله عليه وسلم قبل السلام" (متفقٌ عليه).


أو شك ولم يترجّح له شيء كما في حديث أبي سعيد السابق.

ب- بعد السلام:

إن كان عن زيادة كما لو زاد ركوعاً، أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "لمّا زاد سلاماً في الصلاة سجد بعد السلام" (متفقٌ عليه).


أو شك وترجّح له شيء كما لو شك هل صلّى ثلاثاً أو أربعاً وترجّح له أنها ثلاث فيأتي بركعة ويسجد للسهو بعد السلام، لحديث ابن مسعود السابق.

سهو المأموم:

أ- إن كان المأموم غير مسبوق، فسهوه يتحمّله الإمام، فلا يسجد للسهو.

ب- وإن كان مسبوقاً، سجد بعد قضاء ما فاته.

صفة سجود السهو

صفته كصفة سجود الصلاة.

لا ينظر المُصلّي للشك في ثلاثة مواضع:

1- إذا كثر مع الإنسان.

2- وإذا كان مجرد وهم.

3- وإذا كان بعد الفراغ من العبادة.

مسألة:

من سها مراراً كفاه سجدتان.

وإذا اجتمع سجود قبل السلام وآخر بعده، سجد قبل السلام.

والله أعلم.

 

  • 62
  • 1
  • 71,744

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً