قصة جراح

منذ 2013-11-27


من فناء الأمة، وزوايا الغُمّة، نزفت عدّة جراح، تنافست بضوضاء
أيُّ جرحٍ منا أكثر يُراق!!

* نادى كبيرهم: ليس مثلي في الألم يُطاق
عمري من عمر شجر الزيتون في (حيفا) و(يافا) يُقاس
أنا جرحٌ قد نزف آلاف المرات
لم يضمده قاصٍ ولادان، أنا جرح فلسطين، حبيبة الأوطان

* تقدّم الثاني يئن: آهٍ يا صاح، أنا من طال بروج العِضال
أنا جرحٌ لم يلق رأفة ولا رحمة ولا وصال
في(قندهارٍ) أنا، في (كابول) استقبلتني الأشلاء وصفّقت (هِرَات) على قعقعاتِ الرصاص
من مثلي في جمع جماجم الأبرياء والأولياء، من مثلي في اصطياد هاماتِ الشهداء

استهزأ الثالثُ بهما مترنحاً.. هيهات، هيهات ياجراح
ها أنا جرحٌ قد طاله طعن النبال، فاستأنف مزاحماً مخترقًا عُباب النّزال، مصارعاً جلمودَ الطغيان
أنا من ذبحوني من الوريد إلى الوريد، أنا من طاف بي الأشاوش يقاتلون التتار
أنا من تقدّست أعشاشي ببنادقِ الفرسان، أنا (غروزني) أنا (البوسنة) أنا عيون الشيشان
جراحي في القلب تليدة، قد تآكلت من زحام الأرحام المبتورة وقد حملت جرائم الأوغاد، وأدران العملاء
لن تجدوا مثلي صديقاً للدماء، دماء العذارى والأبرياء
دماء الشيب حين تلتصق بالجدار ويُكتب بقطراتها (الشيشان)

مهلاً، مهلاً.. فأنا مثلكَ يئنُ ورغم أنينه يُهان
أنا عِرقٌ ينبض الوطن العربي بتاريخي ومجدي وعزّتي ونخوة الأجداد
أنا العراق التي بُترتْ وهي الحرة، لم تركع يوماً لمحتل مجوسيّ أو يهودي فتّان
أنا واحة الرافدين التي أمطرها قاتلي بوابل من دماء، وأثخن صدري سهام الذّل والهوان
قد دنّسَ طُهري ربيب الأمريكان حتى طال جرحي شقيقتي ديار الشام
أما سمعتم بجرحي!!
إنه جرح الحضارات
جرحٌ ما زال يسقي الزوار آلاف الويلات
أنا جرحٌ قد تفنن به أصحاب العدوان
شربوا كأس هزيمتي واحتفلوا بأسري
والعرب كلهم نيام
...
اصمتْ، اصمتْ يا جاري، وانظر لحالي
فأنا سورية اليوم قد سابقتُ صهوة الجراح بجرحي
وعلا نزفي نياط الأمة فتصدّعت منه جبابرة الطغيان
أنا وليدة جراحكم التي صُبّتْ في جسدي
فكبلتني أغلالاً هِتْلَرية نازية
لأني طالبتُ بالحرية.. بالحياة

أنا من جُيّشت الجيوش نحوي، وفُقِئت عيني وبُترت ذراعي لأني حملتُ راية السلام
هذه جراحي أثأرُ بها لطفلي الذي اغتالته أسود البراري حين رفضَ الإذعان لسجّاني وجلادي
درعا درعي.. وحماةُ حصني
حمصُ أنشودتي وحلب أملي
دمشقُ أمي والميادين والرستن وأنخل واللاذقية أبنائي
ها هي اليوم تنتفض فرحة، تنتشي لذة الإصرار والإقدام
لِنَيل عزتها وكرامتها، لدحر جحافل الطغيان

أنا جرحٌ قد رسم نصراً وكتب ببيارق الصبر شعراً
أنا حصاد الإباء، أنا سورية الحرة
جرحٌ لا ينطق إلا صدىً فيه أنغام الحرية
وإن قطّعوني وإن حرقوا أرضي وإن مزقوا نعشي
وإن عذبوني وجلدوني، سأبقى سنا لأوطاني
وسأبقى أسطورة الزمانِ

إني قلبكم يا جراح
فلا ترثوني وإن أصبحتُ شظايا وأشلاء
لأن أشلائي ستمدّكم بالثبات
وشظايا رُفاتي ستلدُ لكم أجيالاً تلو الأجيال
هي تباشير النصر والحرية
هي وقود الثوار.

 

همسة بنت صادق
 

  • 0
  • 0
  • 2,260

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً