دعوة عامة للشواء في مضيف دولة القانون

منذ 2013-11-28

شاهد الكثير من الناس العملية البشعة التي قام بها نفر من الرعاع الضالين ممن يسمون أنفسهم أتباع آل البيت بقتل أحد العراقيين وتعليقه على عمود كهرباء ثم أضرموا النار تحته. وقد أثار هذا الفعل الشائن الكثير من المشاهدين الذين لا يرتضون هذه الطريقة البربرية في القتل التي تتعارض مع قوانين السماء والأرض، سيما أنها تمت خارج إطار القانون وأمام أنظار الشرطة المسؤولين عن تنفيذ القانون والعدالة كما يفترض.


شاهد الكثير من الناس العملية البشعة التي قام بها نفر من الرعاع الضالين ممن يسمون أنفسهم أتباع آل البيت بقتل أحد العراقيين وتعليقه على عمود كهرباء ثم أضرموا النار تحته. وقد أثار هذا الفعل الشائن الكثير من المشاهدين الذين لا يرتضون هذه الطريقة البربرية في القتل التي تتعارض مع قوانين السماء والأرض، سيما أنها تمت خارج إطار القانون وأمام أنظار الشرطة المسؤولين عن تنفيذ القانون والعدالة كما يفترض.

وأشبه بأفلام الهنود الحمر في حفل الشواء البشري، فقد التفوا حول الناصبي على شكل حلقة يرجمون الميت بالحجارة، وفي الوقت الذي كان يتخلل حفل الشواء الهندي طلاسم وهوسات غير مفهومة فإن أتباع آل البيت كانوا يرددون (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد) كأنهم ثاروا على الفاسدين من الحكام الذين دمروا وطنهم، وسرقوا ثرواتهم، وانتهكوا عرضهم، وهجَّروا الملايين منهم داخل وخارج العراق.

القتيل المشوي المرجوم لا نعرف عنه شيئاً! ولا كيف تم تجريمه عن حادثة التفجير التي حصلت في جسر ديالى؟ ولا نفهم كيف توصل جمهور الرعاع إلى الاكتشاف بأنه إرهابي -على حد زعمهم- في الوقت الذي فشلت فيه التحقيقات الجنائية من التوصل إلى الفاعل الحقيقي كما جرت العادة. كما أن السرعة التي توصل فيها الرعاع لمعرفة الجاني تضعنا أمام معادلة صعبة، فهل لدينا هذا العدد الهائل من أبناء شرلوك هولمز، وهناك مئات الألوف من الجرائم فاعلها مجهول؟ ربما هولمز نفسه لا يتوصل إلى معرفة الجاني بهذه السرعة الخارقة.

ربما كان المخبر السري يقف وراء هذا العملية السادية! فالمخبر السري هو شبه إنسان باع شرفه وضميره ودينه للحكومة الآثمة لقاء مبلغ من المال، وبالطبع من شروط عمل المخبر السري في العراق الصفوي الجديد أن يكون من أتباع آل البيت، وأن يكون جاهلاً، منافقاً، طائفياً حاقداً حتى الثمالة كي يصح عمله ويحلل راتبه المعجون بدماء ضحاياه، أو ربما توصل الرعاع إلى كشف الجريمة باستخدام طلاسم التحفة الرضوية، وغيرها من الكتب المنسوبة للأئمة التي تساعد أتباع آل البيت على كشف الجاني.

لسنا بصدد الدفاع عن الإرهابيين، ومعاذ الله أن يجرؤ أحد للدفاع عنهم، بغض النظر عن انتمائهم الديني والمذهبي والقومي. الإرهابيون الذين يسفكون دماء الناس الأبرياء في الشوارع والأسواق والمقاهي أوغاد سفلة لا يستحقون الرحمة، وإنما الموت غير مأسوف عليهم. شرط أن يتم ذلك وفق القانون، وفي محكمة عادلة ونزيهة غير مسيسة، وأن تتحذ الإجراءات الأصولية من خلال التحقيقات لتثبيت التهمة على الجاني، وبعدها يقول القضاء كلمته الأخيرة التي ستكون مقبولة عند الجميع، أما أن يقوم الناس كل حسبما يرتأي بتطبيق القانون بطريقته الخاصة! فهذا ما لا يمكن السكوت عنه.

ولم يغب عن بالنا بعد المحاكمات التي قام بها جيش المهدي (تحقيقات وراء السدة) بحق الناس، وتنفيذ حكم الإعدام بهم ودفنهم خلف السدة، وهو ما نوه عنه المالكي أكثر من مرة، عندما اشتدت الأزمة بينه وبين مقتدى الصدر، وكانت وسيلة تهديد رادعة رضخ لها الصدر، وتراجع بسببها عن بعض مواقفه المعارضة للمالكي؛ لأنه يدرك جيداً حجم جرائمه، مع أن سكوت المالكي (رجل الفايلات) عن هذه الجرائم يعد بحد ذاته جريمة وفق قانون دولة القانون. سبق أن نوه المالكي في كلمتة الأسبوعية (يوم الأربعاء) بأن بعض رجال الأمن والشرطة يرتكبون أخطاءً وربما عن قصد! مع أن المالكي يعتبر قتل الناس وسرقتهم أخطاء! لكن كان الأجدر به أن يحذف كلمة (قصد) ويضع محلها كلمة (بتوجيه) لأنه من غير المنطقي أن يجرؤ أي من رجال الشرطة والأمن في التجاوز على المواطنين لحد القتل، إذا لم يكن متيقناً من الحصانة التي تؤمنه من العقوبة.

وهذا الكلام عليه شواهد كثيرة، أليس الضباط والشرطة الذين ارتكبوا جرائم القتل ضد المتظاهرين في الموصل والحويجة والأنبار ما زالوا أحراراً دون أن يطالهم القانون، أليس القادة الأمنيون الذين عبثوا بأمن الناس يرفضون المثول أمام ما يسمى بممثلي الشعب للمساءلة، بدعم وحماية رئيس الوزراء نفسه. ثم كيف نبرر وجود رجال الشرطة أمام حفل الشواء البشري وهم يحمون الرعاع، ويبعدونهم عن النار كي لا يصيبهم ضررها، أو يمسهم حجارة الراجمين؟

وإذا كان المقتول مجرماً! أليس هؤلاء الرعاع بمجرمين أيضاً؟ أليس الشرطة التي تحمي الرعاع بمجرمين أيضاً، ماذا سيقول المالكي والأسدي وزير الداخلية وكالة عن هؤلاء الشرطة؟ هل هم أيضاً متلبسون بلباس الشرطة؟ هل هم من أزلام النظام السابق أم من تنظيم القاعدة؟ هل سيقلب الأسدي الحكاية مدعياً بأن العملية تمت في الفلوجة وليس في جسر ديالى، وأن المشوي كان من أتباع آل البيت، وشعارات (اللهم صلي على محمد وآل محمد) التي صاحبت الحفل قيلت للتمويه؟ وهل سيبررها ممثل المرجعية صدر الدين القبانجي بأنه يجوز شوي البشر؛ لأن الإمام علي مارس العملية؟ ويستشهد بأقوال مراجعهم كالكشي عن حادثة ابن سبأ، فقد روى بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إنه لما ادعى ذلك استتابه أمير المؤمنين عليه السلام فأبى أن يتوب فأحرقه بالنار" (اختيار معرفة الرجال/107). أو قول الشيخ هاشم البحراني: "ابن سبأ هذا هو الذي كان يزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام إله فاستتابه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه" (الحدائق الناضرة 8/115). في حين ورد الحديث النبوي الشريف: «إنه لا ينبغي أن يُعذِّبَ بالنارِ إلا ربُّ النَّارِ» (صحيح الجامع).

والحرق بعد القتل ليست حالة مستحدثة عند أتباع أهل البيت، فمختار العصر المالكي لا يختلف عن جده المختار الثقفي! فقد قطع قائده الأشتر أيدي وأرجل أبحر بن كعب وأحرقه بالنار، وقتل أبو الأشرس وكان من أعيان جيش عبيد الله بن زياد وحزَّ رأسه وأرسله إلى المختار فأحرقه، وقتل المختار أسود الأوسي وأحرق جسده بالنار، كما قتل المختار أسود بن حنظلة من بني نهشل، وأحرق جسده بالنار.

الحق أن حفلات الشواء البشري لم يعرفها العراقيون إلا في العهد الديمقراطي الأغبر، وكان جيش المهدي أول من مارسها بشوي طفل من النواصب وإرساله إلى أهله، ثم تطور أسلوبهم باختراع ما يسمى بـ(تنور الزهرة) وهو تنور نسب لفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم يتم فيه إحراق النواصب بحفل جماعي وتكبير (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد)، وبعدها يحتفل القتلة بالمناسبة (فرحة الزهرة) فهل كانت الزهرة دموية لهذه الدرجة؟ وانتهينا مؤخراً بوسيلة جديدة تعلق فيها الجثث على أعمدة الكهرباء، وتحرق بنفس تكبيرة لا إله إلا الله! وهذه المرة بإشراف ومشاركة حكومة دولة القانون.

بلا شك أن هذا الفعل الآثم سيترك أثراً سلبياً عند الجميع، سواء كانوا من أتباع آل البيت، أو أهل السنة، وبقية شرائح الشعب، فأهل السنة سيعتبرون هذا الأسلوب هو تعبير واضح على كراهية الشيعة والحكومة الشيعية لهم، ويذكرهم بالدريل الكهربائي الذي كان أتباع الصولاغي يعذبون به أهل السنة، ومنذ تلك الفترة المظلمة عام 2006 لم يتغير شيئاً! فالكراهية والحقد الأعمى ما يزالان يعشعشان في عقول الحمقى والجهلة من أتباع اهل البيت، ولا يغير الله قوماً حتى يغير ما في أنفسهم.

كما أن هذا الأسلوب سيكون له رد فعل مباشر من قبل بعض المتطرفين السنة لكي يمارسوا نفس الأسلوب على اعتبار العين بالعين والبادئ أظلم. بل إن هذه الأفعال الشاذة ستجعل البعض يؤيد تنظيم القاعدة الإرهابي، أو ربما يتعاون معهم، أو على أقل تقدير يُسهل لهم الأمر، أو يسكت عن أعمالهم أو يباركها، علماً أن الظرف الحالي لا يسمح بأن تمضي الأمور على هذا النحو مع استمرار حملات المداهمة والتصفية التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة الطائفية لاستهداف المكون السني فيما يسمى بحزام بغداد فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب. سيما أن القاعدة سوف تستغل هذه الجريمة لدعم منهجها المعلن في حماية أهل السنة، وهي الحجة التي تحاول أن تمرر بها جرائمها.

إن هذا الفعل البربري سيجد صداه عند أهل القتيل أيضا، فالعراقي لا ينسى ثأره مهما طال الزمن، ولو فرضنا بأن أخ أو ابن القتيل قد شاهد ما حدث؛ فهل من المتوقع أن لا يقوم بعمل ثأري يمكن أن تنتج عنه ضحايا أكثر، أو ينتمي للقاعدة التي ستفتح له ذراعيها وتزكيه بحزام ناسف. كما أن هذه العملية سيكون لها صدى إعلامي عربي ودولي بتثبيت حقيقة مظلومية أهل السنة، وعند العراقيين سيكون صداها أشد، وهذا ما نتوقعه في الاعتصامات القادمة، حيث ستؤجج من مشاعر المتظاهرين وكراهيتهم للحكومة وأتباع آل البيت، وربما ستتخذ التظاهرات منحىً جديداً يهدد الجميع، سيما أنها منذ أشهر تراوح في مكانها، ولو بقيت مائة عام على هذا الوضع لما تغير شيئاً.

وعند أتباع آل البيت فإن هذا الفعل يؤيد بأنهم فوق القانون، وأن الشيعى بمنأى عن الحساب في ظل دولة القانون، وهناك الآلاف من الشواهد تدعم هذا الرأي، كعصابات جيش المختار، وعصائب أهل الحق، فهؤلاء المجرمون شأنهم شأن غيرهم سوف لا يطالهم القانون؛ لأن القانون كما شهدنا هو مظلة الميليشيات وحاميها، كما أن هذا العمل من شأنه أن يقوي نزعة أهل السنة لتشكيل ميليشات مشابهة للميليشيات الشيعية لتحميهم من جهة، ولكي تثأر لضحاياهم من جهة ثانية، والنتيجة خسارة للطرفين بل خسارة للعراق.

وإن هذه العملية سوف تؤكد بما لا يقبل الشك بأن (تنور الزهرة)، وشواء الطفل الناصبي، وحرق الضحايا ليست أساطير من وحي الخيال الناصبي! فهذه الواقعة تؤكد هذا النهج الوحشي عند البعض، كما أن وجود الأطفال الذي حضروا مشهد الشواء البشري سوف يدعم نزعة الشر في عقولهم، وإن تربوا على مثل هذه القيم الهمجية، فاقرأ على العراق الفاتحة. وأنا لا أفهم كيف يفكر النواب الأشاوس بمنع استيراد أسلحة الأطفال خشية من تأقلمهم مع مظاهر العنف، في حين يهملون هذا الجانب الخطير؟

لقد دعم القائمون بحفل الشواء البشري تنظيم القاعدة دعماً قوياً، وقدموا له دعاية مجانية، وسيقبضون ثمنها عاجلاً أم آجلا؟ من جهة أخرى: إن ترديد الصلوات على آل البيت جعلت الكثير من الناس يحملون الأئمة جريرة ما يرتكبه البعض من أتباعهم من جرائم مسندة بأحاديث منسوبة للأئمة تكفر وتبيح قتل النواصب واغتصاب أملاكهم وأعراضهم، وعندما تشتد الكراهية لآل البيت يوم بعد آخر، من سيكون المسؤول عن تنامي هذه الظاهرة؟ بدلاً من أن يحبوا أهل البيت ويلتزموا بمبادئهم السامية، وقيمهم العليا، وسيرتهم العطرة، أخذوا يزرعون بذور كراهيتهم بين الناس وبدأت تنمو.

لأول مرة مع الأسف الشديد أسمع من يُحمّل آل البيت مسؤولية الجرائم التي يرتكبها أتباعهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين.


علي الكاش
 

  • 0
  • 0
  • 1,401

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً