السلاح السِّري

منذ 2013-11-30

في مصر مثلاً إذا كـانت مليـونية الإرادة الشعبية (29/7/2011م) قد أظهرت أن تعداد الإسلاميين في مصر لا يقل بحال عن (4) أو (5) ملايين، فإن دلالة ذلك (دعوياً) أن كلَّ إسلامي من هؤلاء -ذكراً أو أنثى- لو قام بواجبه الدعوي والتزم بهداية شخص واحد فقط على مدار العام، فإن العدد سوف يتضاعف، وسيصبح الخمسة (عشرةً)، وفي العام التالي سيصبح العشرة (عشريناً)، وهكذا.

 

إنه أقوى سلاح يمكن أن يتسلح به الإسلاميون في صراعهم مع القوى العَلمانية والليبرالية واليسارية... إلخ.
إنه (سلاح) ولكنه (مسالِم) لا يؤذي أحداً ولا يجرح إنساناً، بل يحمل كل الخير للناس.
إنه سلاح متضمَّن في قوله تعالى:{إلَى الْهُدَى ائْتِنَا}[الأنعام:71].
إنه سلاح (الدعوة) إلى الله تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْـخَيْرِ}[آل عمران:104]، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ}[فصلت:٣٣]. وقال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه» (أخرجه الإمام أحمد في مسنده).

إننا نتحدث كثيراً عن السياسة، والبرامج السياسية، والاستراتيجيات، والأحزاب الإسلامية، والانتخابات والرئاسة... إلخ، ولكن تبقى قوة الإسلاميين الأساسية في قدرتهم على اكتساب أتباع جدد؛ وهي قدرة لا تتوفر لغيرهم ولا يقدرون عليها. هل يمكن أن نتخيل جماعة ليبرالية تنطلق بين الناس لتمارس (الدعوة) إلى الليبرالية، فتصاحبهم وتؤاكلهم وتشاربهم وتؤانسهم؟

لا يُعقَل ولا يُفعَل، فهذه خصوصية ليست لأحد إلا لمن يحمل مضموناً إسلامياً في دعوته.

في كثير من الدول العربية -خاصة الثائرة منها- أصبح تعداد أو شعبية كلِّ شريحة أو قِطَاع جماهيري أو قوة سياسية ذا دلالات بالغة الأهمية؛ فأي قوة سياسية إذا أرادت لبرنامجها النجاح فإنه يجب عليها أمران:

الأول: أن تعمل على زيادة شعبيتها، وزيادة أعداد المنتمين إليها.

والأمر الثاني: أن تبرز قوَّتها الجماهيرية بشتى السبل من حين لآخر.

إن العقبة الأساسية التي تواجهها القوى العلمانية: أنها تحمل (مضموناً نخبوياً) لا يصلح أن يسمعه كل أحد، هذا غير تصادُمه مع فطرة الناس وتراثهم؛ لذلك يظل أتباعهم محدودين دوماً، وهذا سر نِقمَتهم على استخدام الدين في الحملات الانتخابية؛ فهم يزعمون أنه ليس من العدل أن يمتلك الإسلاميون (مضموناً جماهيرياً شعبياً) بينما هم يحملون أفكاراً نخبوية.

ليست هذه مراهنة على جهل الجماهير أو قلة ثقافتها؛ بل هي مراهنة على التوافق الفطري بين ما يدعو إليه الإسلاميون وما يؤمن به الناس ويعتقدونه.

سلاح الإسلاميين في غمده:

على الرغم من قوة هذا السلاح وفعاليته في صراعات الإسلاميين؛ إلاَّ أنهم مع ذلك يستخدمونه في أضيق الحدود! نعم! هم يهتمون كثيراً بالدعوة العامة -أي الخطاب الديني الموجه لعموم الناس- ولكن التقصير حادث في مجال الدعوة الفردية التي تتعامل بصورة مباشرة مع المدعو.

ففي مصر مثلاً إذا كـانت مليـونية الإرادة الشعبية (29/7/2011م) قد أظهرت أن تعداد الإسلاميين في مصر لا يقل بحال عن (4) أو (5) ملايين، فإن دلالة ذلك (دعوياً) أن كلَّ إسلامي من هؤلاء -ذكراً أو أنثى- لو قام بواجبه الدعوي والتزم بهداية شخص واحد فقط على مدار العام، فإن العدد سوف يتضاعف، وسيصبح الخمسة (عشرةً)، وفي العام التالي سيصبح العشرة (عشريناً)، وهكذا.

بالطبع هذه رؤية مثالية، ولكنها تُبرِز لنا مستوى التقصير في مجال الدعوة المباشرة، ولك أن تتخيل لو أن نصف هؤلاء أو ثلثَهم أو ربعَهم قام بواجبه الدعوي، ماذا يمكن أن يحدث؟

 

 

أحمد فهمي

 

المصدر: مجلة البيان
  • 1
  • 0
  • 1,924

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً