انطباعات عابرة حول دستور الشعب الآخر!!!

على الرغم من أن هذا الدستور الأبتر الذي صيغ في الخفاء، ودبر له بليل لا يعنيني في شيء، لكني حينما طالعت ديباجته ونصوصه ثارت في نفسي عدة انطباعات عابرة أردت أن أشير إلى طرف منها فيما يلي:

1- الخطاب يظهر من عنوانه والدستور يتجلى من ديباجته، وقد جاءت ديباجة دستورهم ركيكة سمجة، أشبه ما تكون بموضوع تعبير من طالب خائب، يحفظ ولا يفهم، ويصم ولا يبدع، لم يرزق حظا من بلاغة، ولم يؤتَ نصيبا قط من فصاحة أو بيان، ومن الواضح أن الخذلان قد لحق هؤلاء القوم حتى في الأسلوب والصياغة، وصحيح أنك قد تختلف فكريا مع أشخاص مثل طه حسين ونجيب محفوظ وهيكل، لكن لا يسعك أن تنكر ما لديهم من موهبة أدبية وقدرة على الصياغة الرائقة، أما هؤلاء فلا مبنى ولا معنى، ولا شكل ولا مضمون، وإنما فشل تام، وتخبط مهين.

2- تنص تلك الديباجة السمجة على أن مصر مهد الدين، وأن أهلها قد تطلعت قلوبهم إلى السماء قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاثة، ولم يدر من كتبوا هذا العبث أن الأصل في البشرية التوحيد، والشرك طارئ عليهم، وأنه قبل موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم، كان هناك جم غفير من الأنبياء والرسل، وإلا فأين آدم ونوح وهود وصالح ودعوتهم التوحيدية؟ بل أين إبراهيم ويعقوب ويوسف، وهم ممن وفدوا على مصر وأقاموا بها، لكن قاتل الله الجهل وخيب الله أصحابه؟

3- على غرار الحكمة المأثورة (من ثمارهم تعرفونهم)، يمكنك أن تقول (من لجانهم تعرفون دستورهم)، وإلا قل لي بربك ماذا تنتظر من لجنة تجمع بين دخان سيجار عمرو موسى، وبانجو محمود بدر، وخلاعة خالد يوسف، وإباحة سلماوي، وشطحات كمال الهلباوي وتمييع سعد الدين الهلالي، وانبطاح حزب النور.

4- للأسف الشديد حاول الإخوان المسلمون ومعهم سلفيو حزب النور في دستور 2012، أن يمرروا الدستور عموما والمادة 219 خصوصا، فقدموا تنازلات عدة ومنها أنهم أعطوا النصارى المادة الثالثة، والتي صارت الآن ثابتا لا يمس، ومكسبا لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، أما المادة 219 فقد أخذها الغراب وطار، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال: «من أسخط اللهَ في رضا النَّاسِ سخِط اللهُ عليه وأسخَط عليه» (رواه المنذري بإسناد جيد قوي في الترغيب والترهيب).

5- لا ينقضي عجبي من تبريرات حزب النور في المشاركة في هذه اللجنة الباطلة، وأنهم يريدون الحفاظ على الهوية وتقليل الفساد والإبقاء على مواد الشريعة.

وليت شعري أي سذاجة تلك فيمن يظن أن شريعة الله يمكن أن تطبق أو تحكم الناس من خلال دستور ونصوص قانونية في واقع شديد التعقيد والتركيب، ودولة راسخة الفساد والاستبداد، وإلا تصور معي أن الدستور نص صراحة على تطبيق الشريعة فورا وبلا توان أو تردد، فمن الذي سوف يطبقها إذن؟؟

الجواب هو أن شرطة اللواء محمد إبراهيم سوف تقبض على مخالفي الشرع، ونيابة النائب العام هشام بركات ستحقق معهم، ومحامي سامح عاشور سيترافعون عنهم، وقضاء الزند سيحكم عليهم، وقبل ذلك سوف يقوم المشايخ أمثال أحمد الطيب وعلي جمعة وأحمد كريمة وسعد الدين الهلالي ومظهر شاهين بالاجتهاد في استنباط الأحكام، والتي سوف تتولى المحكمة الدستورية العليا التي يترأسها عدلي منصور بالبت في مدى دستوريتها؟!!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.