طوبى لكلِّ أُمٍّ!

منذ 2013-12-16

أهدي هذه الكلمات إلى كلّ أمّ تحمل بين جنبيها مأساتها، وتكتم أحزانها، وتصبر على جراحها، وتؤثر مسئوليّتها على رغباتها، وربّما لم يعلم معاناتها أقرب الناس لها.



أهدي هذه الكلمات إلى كلّ أمّ تحمل بين جنبيها مأساتها، وتكتم أحزانها، وتصبر على جراحها، وتؤثر مسئوليّتها على رغباتها، وربّما لم يعلم معاناتها أقرب الناس لها.

طوبى لكلّ أمّ!

تعيش داخل مشاعر أطفالها، تحبّها أوّلاً، تقدّرها، تعرف دوافعها، تعذرها، تستلذّ متاعبها، تتحمّل تمرّدها، تعالجها بحكمة وصبر، تتمتّع بها، تذكر نفسها يوم كانت مثلها، تمشي معها خطوة خطوة، ترقى بها، تحفّها بدعواتها الضارعة، وتحبّها آخراً.

طوبى لكلّ أمّ!

تجد أسعد لحظات حياتها، وهي بجوار أطفالها، تغفل عنها كلُّ عين، وتهملها كلُّ عدسة مراقبة لاقطة، ولكنّها لا تبالي تلك الأضواء الزائفة، لأنّها تنظر إلى عين الله، التي لا تغفل عنها ولا تنام، ولا تنسى أيّ حركة لها، وهي ترعى طفولتها، وتتقرّب إلى الله بتربيتها.

طوبى لكلّ أمّ!

تهزّ بيمينها سرير طفلها، تحنو عليه، تلاعبه، تغنّي له أعذب ألحانها بأمانيها الواعدة، وتنظر بعينيها إلى مستقبل أيّامه، شابّاً يافعاً، ورجلاً ناضجاً، وفتاة تحمل بين جنبيها جمال الحياة، وامرأة تكتب تاريخ الأمّة بجهادها.

طوبى لكلّ أمّ!

وقفت نفسها على أطفالها، فلا تكل أطفالها في شيء من أمرهم إلى غيرها، ولا تسمح لشيء من المنغّصات أن تعكّر صفو أطفالها، بل أن تغتال براءتهم، أو تزرع العقد والتشوّهات في شخصيّتهم.

طوبى لكلّ أمّ!

تضحّي بصحّتها وراحتها، لتحمي طفولة الإنسان، وترعى نشأته، وتصنع شخصيّته، وتبني غده ومستقبله، لا تمنّ على أحد، ولا تريد جزاءً ولا شكوراً من أحد، إلاّ من خالقها وحده.

طوبى لكلّ أمّ!

أسعدت نفسها بأطفالها، وأسعدت زوجها بأولاده، وأسعدت أسرتها بلمساتها الحانية الودود، في كل جوانب حياتها، النفسيّة، والروحيّة، والجماليّة، وأسعدت مجتمعها بتلك اللبنات السويّة القويّة، فأعطت للحياة جمالها، وكانت مصدر أمن وسعادة، وانسجام ومودّة.

طوبى لكلّ أمّ وعزاء!

لم تجد اليد المساندة، التي تعينها على أداء رسالتها، ولا التقدير المناسب ممّن حولها، فمضت بعزمها تشقّ طريقها، ولم تتخلّ عن مسئوليّتها ووظيفتها، ولم تنقلب على عقبيها، لأنّها تحتسب عند الله أجرها، وترضى أن تكون عين الله وحده معها، تراها وترعاها.

طوبى لكلّ أمّ!


وسحقاً لكلّ طاغية مجرم، فجعها بطفلها وشبابها، أعزّ ما تملك في حياتها، فسكبت دمعها في خلوتها، وصبرت، واحتسبت.

وسكت عن جرائمه الناس، فزاد في آلامها سكوتهم وجحودهم، ثمّ يزعمون لها أنّهم يحبّونها، ويعرفون قدرها.

طوبى لكلّ أمّ!

ولأمّي التي لا أنساها، لأنّها وضعت بصماتها على حياتي، في كلّ جوانبها، ومضت إلى ربّها قريرة العين، راجيةً عفوه ومغفرته، بعدما أدّت رسالتها، وجاهدت قدر استطاعتها جهادها، مع أحد عشر هبة من هبات الله لها.

فاللهمّ اغفر لها، ولوالدي، ولكلّ أمّ بحقّ، كفاء ما قدّمن، ويقدّمن من عطاء وجهاد، لهذه الطفولة التي تحبّها.



عبد المجيد البيانوني
 

  • 1
  • 0
  • 1,561

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً