الطفل الأبكم الذي كان سبباً في هداية والده

منذ 2007-02-09

يقول صاحب القصة، وهو من أهل المدينة النبوية:

أنا شاب في السابعة والثلاثين من عمري، متزوج ولي أولاد .. ارتكبتُ كل ما حرم الله من الموبقات .. أما الصلاة فكنت لا أؤديها مع الجماعة إلا في المناسبات فقط مجاملة للآخرين، والسبب أني كنت أصاحب الأشرار والمشعوذين، فكان الشيطان ملازماً لي في أكثر الأوقات!!

كان لي ولد في السابعة من عمره، اسمه مروان، أصم أبكم، لكنه كان قد رضع الإيمان من ثدي أمه المؤمنة .. كنت ذات ليلة أنا وابني مروان في البيت، كنت أخطط ماذا سأفعل أنا والأصحاب، وأين سنذهب .. كان الوقت بعد صلاة المغرب، فإذا ابني مروان يكلمني (بالإشارات المفهومة بيني وبينه) ويشير لي: لماذا يا أبتي لا تصلي؟! ثم أخذ يرفع يده إلى السماء، ويهددني بأن الله يراك ..

  وكان ابني في بعض الأحيان يراني وأنا أفعل بعض المنكرات، فتعجبتُ من قوله .. وأخذ ابني يبكي أمامي، فأخذته إلى جانبي لكنه هرب مني، وبعد فترة قصيرة ذهب إلى صنبور الماء وتوضأ، وكان لا يحسن الوضوء لكنه تعلم ذلك من أمه التي كانت تنصحني كثيرًا ولكن دون فائدة، وكانت أمه من حفظة كتاب الله .. ثم دخل عليّ ابني الأصم الأبكم، وأشار إليّ أن انتظر قليلاً .. فإذا به يصلي أمامي، ثم قام بعد ذلك وأحضر المصحف الشريف ووضعه أمامه وفتحه مباشرة دون أن يقلب الأوراق، ووضع إصبعه على هذه الآية من سورة مريم: ((يا أبتِ إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليًا)) ثم أجهش بالبكاء، وبكيت معه طويلاً، فقام ومسح الدمع من عيني، ثم قبل رأسي ويدي، وقال لي بالإشارة المتبادلة بيني وبينه ما معناه: صلِّ يا والدي قبل أن توضع في التراب، وتكون رهين العذاب ..

  وكنت - والله العظيم - في دهشة وخوف لا يعلمه إلا الله، فقمت على الفور بإضاءة أنوار البيت جميعها، وكان ابني مروان يلاحقني من غرفة إلى غرفة، وينظر إليّ باستغراب، وقال لي: دع الأنوار، وهيا إلى المسجد الكبير - ويقصد الحرم النبوي الشريف - فقلت له: بل نذهب إلى المسجد المجاور لمنزلنا .. فأبى إلا الحرم النبوي الشريف، فأخذته إلى هناك، وأنا في خوف شديد، وكانت نظراته لا تفارقني ألبتّه ...

ودخلنا الروضة الشريفة، وكانت مليئة بالناس، وأقيمت صلاة العشاء، وإذا بإمام الحرم يقرأ من قول الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدًا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم)) {النور: 21}, فلم أتمالك نفسي من البكاء، ومروان بجانبي يبكي لبكائي، وفي أثناء الصلاة أخرج مروان من جيبي منديلاً ومسح به دموعي، وبعد انتهاء الصلاة ظللتُ أبكي وهو يمسح دموعي، حتى أنني جلست في الحرم مدة ساعة كاملة، حتى قال لي ابني مروان: خلاص يا أبي، لا تخف .... فقد خاف علي من شدة البكاء!!

وعدنا إلى المنزل، فكانت هذه الليلة من أعظم الليالي عندي، إذ ولدتُ فيها من جديد. وحضرتْ زوجتي، وحضر أولادي، فأخذوا يبكون جميعًا وهم لا يعلمون شيئًا مما حدث، فقال لهم مروان: أبي صلى في الحرم. ففرحتْ زوجتي بهذا الخبر؛ إذ هو ثمرة تربيتها الحسنة، وقصصتُ عليها ما جرى بيني وبين مروان، وقلتُ لها: أسألك بالله، هل أنت أوعزتِ له أن يفتح المصحف على تلك الآية؟ فأقسمتْ بالله ثلاثًا أنها ما فعلتْ. ثم قالت لي: أحمد الله على هذه الهداية .. وكانت تلك الليلة من أروع الليالي ..

وأنا الآن - ولله الحمد - لا تفوتني صلاة الجماعة في المسجد، وقد هجرت رفقاء السوء جميعًا، وذقت طعم الإيمان .. فلو رأيتَني لعرفتَ ذلك من وجهي .. كما أصبحتُ أعيش في سعادة غامرة وحب وتفاهم مع زوجتي وأولادي, وخاصة ابني مروان الأصم الأبكم الذي أحببته كثيرًا.

  • 19
  • 1
  • 21,208
  • عادل

      منذ
    [[أعجبني:]] عسي ان تكرهوا شيئا ويجعل اللة فية خيرا كثيرا
  • chabbi hanane

      منذ
    [[أعجبني:]] حسنا...اعجبتني فما وجدت تعليقا يليق بها
  • محب الاسلام

      منذ
    [[أعجبني:]] انك لا تهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء
  • الطيب زيان

      منذ
    [[أعجبني:]] إن الفضل لهدايته بعد الله عز و جل يعود لزوجته التي ربت إبنها على الدين .... اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة قنا عذاب النار
  • ابرااهيم ابوعمر

      منذ
    [[أعجبني:]] كل المقاله غايه فى الروعة وربنا يثبت قلوبنا على طاعتة امين
  • احسان

      منذ
    [[أعجبني:]] طريق التوبه سبحان الله الذي يمهل ولا يهمل الهادي الى الطريق المستقيم اللهم اهدينا يا رب
  • الصامت منير

      منذ
    [[أعجبني:]] لااله الا الله ولاحول ولاقوةالا بالله والله اكبر والحمد لله و سبحان الله
  • جمال عناني

      منذ
    [[أعجبني:]] القصة بأكملها ما شاء الله
  • وليد

      منذ
    [[أعجبني:]] الحمد لله الذى هدانا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله سبحان مسبب الاسباب الذى اذا أراد لشى أن يقول له كن فيكون سبحان الذى هدى الأب عن طريق أبنه اللهم أهدنا جميعاوأحشرنا مع رسولك محمد صلى الله عليه وسلم
  • د/محمد ع الحليم   ((ابو عمرو))

      منذ
    [[أعجبني:]] كل شئ فيها جميل ومؤثر لدرجة انها تجعل القارئ يبكى

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً