علاج السحر

منذ 2014-02-01

السحر كأي مرض من الأمراض، تكون منه الوقاية والتحصُّن قبل وقوعه، وله العلاج بعد وقوعه، وكله من الله سبحانه، الداء والدواء، والعلاج والشفاء، فالداء والدواء والعلاج قد يجريها الله على بعض عباده، ويُطلِعهم عليها، أما الشفاء؛ فلا يكون إلا من الله، فلا شفاء إلا شفاؤه، سبحانه!

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد؛

فالسحر كأي مرض من الأمراض، تكون منه الوقاية والتحصُّن قبل وقوعه، وله العلاج بعد وقوعه، وكله من الله سبحانه، الداء والدواء، والعلاج والشفاء، فالداء والدواء والعلاج قد يجريها الله على بعض عباده، ويُطلِعهم عليها، أما الشفاء؛ فلا يكون إلا من الله، فلا شفاء إلا شفاؤه، سبحانه!

العلاج الإلهي للسِّحر قسمان:

القسم الأول:



ما يُتَّقى به السحر قبل وقوعه ومن ذلك:

1- القيام بجميع الواجبات قدر الاستطاعة، وترك جميع المحرَّمات، والتوبة من جميع السيِّئات.

2- الإِكثار من قراءة القرآن الكريم بحيث يجعل له وِردًا منه كل يومٍ.

3- التحصُّن بالدَّعوات والتعوَّذات والأذكار المشروعة ومن ذلك: «بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء (رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، وانظر: صحيح ابن ماجة: [2/332]).

وقراءة آية الكرسيِّ دُبر كلِّ صلاةٍ وعند النوم، وفي الصباح والمساء (انظر الحاكم وصحَّحه، ووافقه الذهبي: [1/562]).

وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]، والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء، وعند النوم وقول: «لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ مائة مرةٍ كل يوم» (رواه البخاري: [4/95]، ومسلم: [4/2071]).

والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والأذكار أدبار الصلوات، وأذكار النوم، والاستيقاظ منه، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار الرُّكوب، وأذكار دخول المسجد والخروج منه، ودعاء دخول الخلاء والخروج منه، ودعاء من رأى مُبتلىً، وغير ذلك وقد ذكرت كثيرًا من ذلك في حصن المسلم على حسب الأحوال، والمناسبات، والأماكن والأوقات، ولا شكَّ أنَّ المحافظة على ذلك من الأسباب التي تمنع الإِصابة بالسِّحر، والعين، والجانِّ بإذن الله تعالى وهي أيضًا من أعظم العلاجات بعد الإصابة بهذه الآفات وغيرها (انظر زاد المعاد: [4/126]).

4- أكل سبع تمراتٍ على الرِّيق صباحًا إِذا أمكن، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من اصطبح بسبع تمراتٍ عجوةً لم يضُرُّهُ ذلك اليوم سُمٌّ ولا سحرٌ» (رواه البخاري مع الفتح: [10/247]، ومسلم: [3/1618])، والأكمل أن يكون من تمرِّ المدينة ممَّا بين الحرَّتين كما في رواية مسلم، ويرى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن بازٍ رحمه الله؛ أنَّ جميع تمرّ المدينة توجد فيه هذه الصفة لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرَّهُ سَمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ» (رواه مسلم: [3/1618]).

كما يرى رحمه الله؛ أنَّ ذلك يُرجَى لمن أكل سبع تمراتٍ من غير تمرِ المدينة مُطلقًا.

القسم الثاني:



علاج السحر بعد وقوعه؛ وهو أنواعٌ:

النوع الأول:



"استخراجه وإبطاله إذا عُلم مكانه بالطرق المباحة شرعًا وهذا من أبلغ ما يُعالج به المسحور" (انظر زاد المعاد: [4/124]، والبخاري مع الفتح: [10/123]، ومسلم: [4/1917]).

النوع الثاني:



الرُّقية الشرعية؛ ومنها:

أ- "يدقُّ سبع ورقاتٍ من سدرٍ أخضرَ بين حجرين أو نحوهما، ثمَّ يَصبُّ عليها ما يكفيه للغسل من الماء، ويقرأ فيها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم:

1- الفاتحة.

2- آية الكرسي: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255].

3- خمس آيات من سورة الأعراف: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ . وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ . قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ . رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف:117-122].

4- من سورة يونس: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ . فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ . فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ . وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس:79-82].

5- من سورة طه: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى . قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى . فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى . قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى . وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى . فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه:65- 70].

6- سورة الكافرون.

7- سورة الإخلاص.

8- سورة الفلق.

9- سورة الناس.

وبعد قراءة ما ذُكِر في الماء؛ يشرب منه ثلاث مراتٍ، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الدَّاء إِن شاء الله تعالى وإِن دعت الحاجة إِلى إِعادة ذلك مرتين أو أكثر [أو لمدة أسبوع أو أسبوعين]، فلا بأس حتى يزول المرض، وقد جُرِّب كثيرًا فنفع الله به، وهو جيدٌ لمن حُبِس عن زوجته" (مصنف عبد الرزاق: [11/13]، وفتح الباري: [10/233]).

ب- تقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسيِّ، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإِخلاص، والمعوِّذتين؛ ثلاث مراتٍ أو أكثر، مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى (انظر: البخاري مع الفتح: [9/62]، ومسلم: [4/1723]، والبخاري مع الفتح: [10/208]).

ج- التعوذات والرُّقى والدعوات الجامعة:

1- «أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك» (سبع مرات) (رواه الترمذي، وأبو داود: [3/187]، والترمذي: [2/410]، وانظر صحيح الجامع: [5/180] وَ[322]).

2- يضع المريض يده على الذي يُؤلمه من جسده ويقول: «بسم الله» ثلاث مراتٍ، ويقول: «أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذِر» (سبع مراتٍ) (رواه مسلم: [4/1728]).

3- «اللهم ربَّ الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إِلا شفاؤك، شفاءً ولا يُغادر سقمًا" (رواه البخاري مع الفتح: [10/206]، ومسلم: [4/1721]).

4- «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» (صحيح البخاري: [3371]).

5- «أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق» (رواه مسلم: [4/1728]).

6- «أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، وشرِّ عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون» (رواه أبو داود والترمذي، وانظر صحيح الترمذي: [3/171]).

7- «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزُهنُّ برٌّ ولا فاجرٌ من شرِّ ما خلق، وبرأ وذرأ، ومن شرِّ ما ينزل من السماء، ومن شرِّ ما يعرج فيها، ومن شرِّ ما ذرأ في الأرض، ومن شرِّ ما يخرجُ منها، ومن شرِّ فِتن الليل والنهار، ومن شرِّ كلِّ طارقٍ إِلا طارقًا يطرق بخيرٍ يا رحمن» (مسند أحمد: [3/119]، بإسناد صحيح، وابن السني برقم: [637]، وانظر مجمع الزوائد: [10/

127]).



8- «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ» (رواه مسلم: [4/2084]).

9- «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ» (رواه مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه: [4/1718]).

10- «بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ» (مسلم عن عائشة رضي الله عنها: [4/1718]).

11- «بسم الله أرقيك، من كلِّ شيءٍ يؤذيك، من حسد حاسدٍ ومن كلِّ ذي عينٍ الله يشفيك» (سنن ابن ماجة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وانظر: صحيح ابن ماجة [2/268]).

وهذه التعوذات والدَّعوات، والرُّقى يعالَج بها من السحر والعين، ومسِّ الجان، وجميع الأمراض، فإِنها رُقىً جامعةٌ نافعةٌ بإِذن الله تعالى (انظر زاد المعاد: [4/125]، وهناك أنواع من علاج السحر بعد وقوعه، لا بأس بها إذا جُرِّبَت ونفعت. انظر مصنف ابن أبي شيبة: [7/387]، وفتح الباري: [233-334 /10]، ومصنف عبد الرزاق: [11/13]، والصارم البتار، ص: [194-200]، والسحر حقيقته وحكمه؛ للدكتور مسفر الدميني، ص: [64-66]).

النوع الثالث:



الاستفراغ بالحجامة في المحلِّ أو العضو الذي ظهر أثر السِّحر عليه؛ إِن أمكن ذلك، وإِن لم يمكن؛ كفى ما سبق ذكره من العلاج بحمد الله تعالى.

النوع الرابع:



الأدوية الطبيعية، فهناك أدويةٌ طبيعيةٌ نافعةٌ، دلَّ عليها القرآن الكريم والسَّنة المطهرة، إذا أخذها الإِنسان بيقينٍ، وصدق توجهٍ مع الاعتقاد أن النفع من عند الله؛ نفَعَ الله بها إِن شاء الله تعالى، كما أن هناك أدويةٌ مركبةٌ من أعشاب ونحوها، وهي مبينةٌ على التجربة فلا مانع من الاستفادة منها شرعًا ما لم تكن حرامًا (انظر فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين، ص: [139]).

ومن العلاجات الطبيعية النافعة بإذن الله تعالى: العسل، والحبة السوداء (انظر فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين، ص: [140-142]).

وماء زمزم (انظر فتح الحق المبين، ص: [143-144]).

وزيت الزيتون، لقوله صلى الله عليه وسلم : «كُلوا الزيت وادهنوا به فإِنه من شجرةٍ مباركةٍ» (الصحيحة: [379]).

وقد ثبت من واقع التجربة والاستعمال، والقراءة أنه أفضل زيتٍ (انظر: فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين، ص: [142]).

ومن الأدوية الطبيعية: الاغتسال والتنظف والتطيُّب (انظر: فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين، ص: [145]).

والشافي هو الله جل جلاله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 


فؤاد أبو سعيد
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 20
  • 3
  • 82,068

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً