هموم إنتاج الغذاء في العالم وفي الوطن العربي

منذ 2014-02-26

نتذكر دوماً، في هذا المقام، الفكرة التي عبر عنها القس البريطاني مالتوس في عام 1798 والتي أصبحت فيما بعد نظرية تدارسها الباحثون وما يزالون، وذلك عندما بدأت معدلات النمو السكاني في الارتفاع "الحجم السكاني سينمو بمتوالية هندسية بينما الموارد وخاصة إنتاج الغذاء فإنه سينمو على هيئة متوالية حسابية، فالفجوة تتسع بين الإنتاج والحاجة، وأن البشرية سوف تتصارع من أجل الغذاء..".

 

نتذكر دوماً، في هذا المقام، الفكرة التي عبر عنها القس البريطاني مالتوس في عام 1798 والتي أصبحت فيما بعد نظرية تدارسها الباحثون وما يزالون، وذلك عندما بدأت معدلات النمو السكاني في الارتفاع "الحجم السكاني سينمو بمتوالية هندسية بينما الموارد وخاصة إنتاج الغذاء فإنه سينمو على هيئة متوالية حسابية، فالفجوة تتسع بين الإنتاج والحاجة، وأن البشرية سوف تتصارع من أجل الغذاء..".

واليوم فإن الغذاء المنتج عالمياً يعتبر كثيراً جداً يكفي جميع السكان البالغ عددهم حوالي 7.3 مليار نسمة، ولكن مع ذلك يعتبر أكثر من مليار من البشر في عداد الجياع، بسبب طريقة توزيع الغذاء حيث نسمع كثيرا عن إعدام كميات من الغذاء للمحافظة على سعره، أو الكميات المهلكة لعدم استخدامها وإعادتها إلى المزابل وخاصة في الفنادق وفي بيوت الأثرياء، أو الكميات التي تخزن بطريقة غير مناسبة مما يؤدي إلى تعفنها وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي.

وفي تقارير للمنظمة الدولية الأغذية والزراعة صدرت في 2013 تؤكد أن العالم بحاجة إلى زيادة الطعام بنسبة 60% بحلول عام 2050 مقارنة بالإنتاج الحالي لتغذية سكان العالم المقدر بحوالي 9 مليارت نسمة تقريبا، وفي تقرير آخر بأن العالم يهدر حوالي 50% من المنتج من الغذاء في العالم بعدة طرق: التخلي عن حصاد جزء من المنتج، التخزين السيئ، التشدد في الالتزام بتارخ الصلاحية، الإلقاء في المزابل، مما يعني هدر للمياه المستخدمة والجهد البشري، وهدر للطاقة، وضعف التربة، اتساع دائرة العجز الغذائي الفعلي. وفي تقرير آخر يفيد أنه رغم تحسن إنتاج الغذاء وخاصة الحبوب في السنوات الأخيرة، إلا إن الأسعار ثبتت ولم تتراجع عن أسعار 2008 العالية.

ويضيف التقرير بأن البحوث ما تزال تبحث في إمكانيات أكبر لإنتاج الغذاء، ومن بين الوسائل العودة الى الحبوب المنسية كما في ماليزيا.

لقمة العيش يا عرب

في عالمنا العربي المكون من 22 دولة، والذي يبلغ عدد سكانه حوالي 350 مليونا، تتضخم ميزانيات أستيراد الغذاء عاماً بعد عام حتى زادت على ال 80 مليارا من الدولارات في نهاية عام 2012. هذا الوضع هو نتيجة لعدة أسباب من بينها:

 

النمو السكاني الكبير مقارنة بالنمو العالمي المتوسط، وبسبب انكماش الأرض الزراعية بسبب التصحر أو التفتيت الاجتماعي أو الهجوم العمراني، وبسبب الأنماط التقليدية في النشاط الزراعي.

ومن نتيجة كل ذلك الضعف القومي في إنتاج الغذاء المطلوب وخاصة من الحبوب واللحوم والزيوت والسكريات على الرغم من استهلاك كميات هائلة من المياه غير المتجددة في معظمها، وعليه فقد تحولت دول عربية رائدة في الزراعة إلى مستوردة للمنتجات مثل الدولة العربية الكبرى وهي مصر بالإضافة إلى العراق أو المغرب أو الجزائر أو السودان المسماة بسلة غذاء العرب، بينما قدمت السعودية أنجح التجارب في إنتاج الغذاء الاستراتيجي رغم تكلفته العالية، والتي استحقت عليها الجوائز الدولية.

وتزداد معاناة إنتاج الغذاء كثيراً في دول الخليج التي تستقبل سنوياً أعداداً كبيرة من الوافدين، وثانياً بسبب ضعف العوامل الجغرافية أو المقومات البشرية التي يحتاجها الإنتاج الزراعي، وتقدر مجلة الايكونومست قيمة الغذاء المستورد في دول الخليج في عام 2020 بحوالي 53 ملياراً مقارنة بحوالي 36 مليارا في عام 2010. دول الخليج، بناء على الواقع الصعب، اتجهت إلى الاستثمار في أراضي زراعية خارج حدودها، في آسيا وأفريقيا واستراليا، كأحد الحلول لتحقيق الأمن الغذائي، ولكن هذه الخطوة واجهتها انتقادات شديدة كتبت عنها تقارير ودراسات عالمية.

وفي اعتقادي الشخصي بأن سلطنة عمان يمكن التخطيط لها لتكون سلة غذاء الخليج للمقومات الطبيعية والبشرية التي تمتاز بها، ولكنها بحاجة إلى أن تتبنى دول المنطقة لمشروع خطة إقليمية مشتركة.

وختاماً، أملنا أن تتحسن الأمور في الوطن العربي مستقبلا وتتصرف المنظمة العربية للتنمية الزراعية بطريقة أفضل، وإلا فإننا كمجموعة سنفقد بمرور الوقت سيادتنا بسبب الغذاء الذي بدونه لا يمكن لنا الحياة.

نظام عبد الكريم الشافعي

 

  • 0
  • 1
  • 2,916

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً