توظيف أسطورة مهدي الشيعة المنتظر سياسيًا

منذ 2014-03-17

إنه على الرغم من فداحة جريمة من يخترع الأساطير ويُروِّجها ويُوظِّفها لخدمة أغراضه وأطماعه المادية والسياسية، وعظيم عقابه عند الله يوم القيامة؛ إلا أن ذلك لا ينفي جريمة من يُصدِّق تلك الأساطير مع وجود العقل الذي وهبه الله للإنسان ليستخدمه لا ليُعطِله، ومسؤوليته عن ذلك التصديق أمام الله يوم القيامة...

كثيرة هي الشعارات والأفكار والعقائد؛ التي وظَّفها الرافضة في إيران لخدمة أغراضهم المادية والسياسية، ولعلها كانت السبب الأهم في بقاء وجودهم واستمرارهم منذ قيام دولتهم عام 1979م وحتى الآن.

ولعل من أبرز شعاراتهم السياسية المعلنَة منذ عقود من الزمان "الشيطان الأكبر"، والذي تظهر فيه العِداء الشديد لأمريكا و"إسرائيل" والغرب عمومًا، وقد وظَّفت هذا الشعار لخداع العرب والمسلمين من أهل السنة، بينما الحقيقة تقول بأنها على علاقة تاريخية وطيدة وحميمة مع اليهود، وبينهما صفقات أسلحة اكتشف أمر بعضها وما خفي كان أعظم، كما أنها ساعدت أمريكا في احتلال أفغانستان والعراق، وساهمت في قتل ملايين من أهل السنة في كِلا البلدين، ناهيك عن التقارب مع الغرب مؤخرًا عبر اتفاقية المفاعل النووي الإيراني.

وإذا كان شعار "الشيطان الأكبر" قد وُظِّف من قبل إيران لخدمة سياستها الخارجية لخداع شعوب الدول العربية والإسلامية؛ فإن أسطورة مهديهم المنتظر قد وُظِّفت داخليًا لخداع أتباعهم وشعوبهم، من أجل الاستمرار في أخذ الخُمس من أموالهم، ناهيك عن ضمان استمرار طاعتهم المطلقة وولائهم الأعمى لملاليهم باسم المنتظر المزعوم.

ولا يخفى على كل ذي عقل وعلم أن مهدي الشيعة المنتظر أسطورة وخرافة، ولا وجود له في الحقيقة والواقع، فمن المعلوم أن الإمام الحسن العسكري -وهو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الاثني عشرية- قد توفي سنة 260 هجرية ولم يكن له ولد ولا عقب، وأن أحد شيوخ الشيعة -عثمان بن سعيد العمري الأسدي العسكري [المتوفى 180هجرية]- قد ابتدع واخترع أكذوبة وجود ولد للحسن العسكري اسمه "محمد"، وأنه قد اختفى في السرداب وعمره أربع سنوات، وأنه وكيله في جمع المال والإجابة عن أسئلة الناس.

لقد وقع الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري دون ولد في مأزق خطير، واضطرب علماؤهم وتفرَّقوا فيمَن يخلفه فِرقًا كثيرة بلغت عشرين فرقة كما قال المسعودي في مروج الذهب، ورغم أن حقيقة عدم وجود ولد للحسن العسكري مدونة في كتب الشيعة نفسها، كما جاء في (المقالات والفرق، للقمي، ص: 102) : "لم ير له خلف ولم يُعرَف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه" إلا أن حاجة الرافضة لهذه الأسطورة لتوظيفها سياسيًا جعلهم يبتدعونها ويتداولونها حتى الآن.

لقد استخدمت طهران هذه الأسطورة أكثر من مرة مؤخرًا؛ فقد صرَّح أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني "أحمد جنتي" بداية هذا الشهر بأن دولته مهَّدت لظهور المهدي المنتظر، مؤكِدًا على ضرورة الاستعداد للامتثال لأوامره، بل إن وسائل الإعلام الإيرانية أظهرت من أشهر صورة لشخص ادَّعت أنه المهدي المنتظر بالفعل.

وها هو إمام جمعة طهران المؤقت "آية الله محمد إمامي كاشاني" يُوظِّف هذه الأسطورة سياسيًا في خطبة صلاة الجمعة أمس من جديد حيث قال: "عندما يظهر المهدي المنتظر سيضرب رقاب قادة القوى العظمى في العالم"، كما أنه وصفهم بالأوباش، وذلك ردًا على دفاع الدول العظمى عن حقوق الإنسان بإيران، في إشارة لاجتماع كاثرين آشتون مع بعض نشاء الحركات المدنية والنسوية والطلابية خلال زيارتها الأخيرة إلى إيران.

وعلى الرغم من أن الدول العظمى لا تدافع في الحقيقة عن حقوق الإنسان؛ بل على العكس تمامًا فهي التي تعتدي دائمًا على تلك الحقوق، خاصةً إذا كانت تلك الحقوق تتعلَّق بأهل السنة، كما أن إيران غير مكترثة بضرب أعناق قادة تلك الدول العظمى بقدر ما هي منشغلة بقتل أهل السنة في أكثر من مكان، إلا أن مصلحة الطرفين تقتضي هذا التراشق الإعلامي الفارغ.

فمِن مصلحة الدول الغربية وأمريكا أن تظهر دائمًا بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان، كما أن من مصلحة طهران إظهار العداوة الدائمة للغرب وأمريكا واليهود أعداء المسلمين التقليديين، أملًا في الاستمرار في خِداع العالم العربي والإسلامي.

ولعل أكثر ما يستوقف القارئ أمام عبارات ملالي طهران مع كل من يُخالِفهم الرأي أو الفكر، هو اتهامهم بالعمالة والخيانة، وهو تمامًا ما فعله خطيب الشيعة الكاشاني أمس مع كل من التقى "آشتون" -بغض النظر عن نفاق الغرب تجاه مسألة حقوق الإنسان- حيث قال: "هؤلاء سقطوا بهذه اللقاءات والتصرُّفات، ليس في أعين الشعب الإيراني فحسب، بل في أعين العالم أيضًا".

ختامًا:

يمكن القول: إنه على الرغم من فداحة جريمة من يخترع الأساطير ويُروِّجها ويُوظِّفها لخدمة أغراضه وأطماعه المادية والسياسية، وعظيم عقابه عند الله يوم القيامة؛ إلا أن ذلك لا ينفي جريمة من يُصدِّق تلك الأساطير مع وجود العقل الذي وهبه الله للإنسان ليستخدمه لا ليُعطِله، ومسؤوليته عن ذلك التصديق أمام الله يوم القيامة.

 

  • 0
  • 0
  • 2,274

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً