أسرانا في جوانتنامو لا بواك لهم (2)

منذ 2014-03-17

رغم وجود خلافٍ كبير حول إجمالي عدد المسلمين في السجون الأمريكية؛ فإنه يوجد اتفاق عام على أن نسبة المسجونين من المسلمين إذا ما قورنت بعددهم الكلي فإنها تفوق بصورة كبيرة نسبة المسجونين من أي ديانة أخرى إلى عدد معتنقي هذه الديانة.

في حين تخوض الولايات المتحدة الأمريكية حروباً تُزهِق فيها عشرات الآلاف من النفوس البريئة من المسلمين بحجة القضاء على من أسمتهم الإرهابيين فإن تاريخها الدموي يؤكد أنها الإرهابي الأكبر.

ونحن نقوم اليوم بتسليط الضوء على حقيقة واضحة جلية جلاء الشمس في وضح النهار، أن تلك الدولة ما هي إلا امبراطورية دموية، تعيش على اهراق دماء المسلمين في كل مكان تطاله يداها، وفي تلك الحلقة نتنناول في حديثنا أقلية من إخواننا المسلمين سلبتهم السلطات الأمريكية حريتهم، لتتصرف بهم كيفما شاءت وبالطريقة التي تحلو لها، هذه الأقلية هم المسلمين القابعين خلف القضبان في السجون الأمريكية، ولمعرفة حجم مشكلة السجون في الولايات المتحدة يجدر بنا أن نشير إلى أن الولايات المتحدة تشكل 5% فقط من سكان العالم، لكن لديها 25% من سجناء العالم.

هذا وتأوي السجون الأمريكية خلف أسوارها ما يقرب من 2.3 مليون شخص حاليًا، وهي النسبة الأعلى لعدد المساجين مقارنة بعدد السكان في كل دول العالم، ويمثِّل هذا الرقم مؤشرًا خطيرًا لكونه يعكس حقيقة أن هذه النسبة العالية من السجناء تزايدت على مدى العقود الثلاثة الماضية فقط، ففي عام 1972م كانت النسبة 160 سجينًا فقط مقابل كل 100 ألف مواطن، إلا أن هذه النسبة تبلغ الآن ما يقرب من 790 لكل 100 ألف نسمة.

ويعتقد أن ذلك النمو الكبير في عدد المسجونين بالولايات المتحدة يرجع إلي تبني كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي سياسات متشددة جدًا مع مقترفي الجرائم، دون النظر إلى حجم تلك الجرائم، وقد أدت هذه السياسات إلى زيادة نسبة المسجونين منذ السبعينات بنسبة 400%.

وما يدعو للتعجب أن يصبح الإسلام جزءًا هامًا من ثقافة السجون الأمريكية في العقود الثلاثة الأخيرة، وتبلغ نسبة المساجين المسلمين في السجون الفيدرالية نسبة 6% من إجمالي 150 ألف سجين، هذا على الرغم من أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة لا يتجاوز 2.5% من إجمالي عدد السكان.

ورغم وجود خلافٍ كبير حول إجمالي عدد المسلمين في السجون الأمريكية؛ فإنه يوجد اتفاق عام على أن نسبة المسجونين من المسلمين إذا ما قورنت بعددهم الكلي فإنها تفوق بصورة كبيرة نسبة المسجونين من أي ديانة أخرى إلى عدد معتنقي هذه الديانة.

إخوتي أخواتي؛ لقد أطلت عليكم في تقدمة هذا الموضوع قبل أن نخوض في صلبه، وذلك لأهمية أن نعرف حقيقة من تدّعي أنها راعية الحرية في العالم، ولنعلم أن تلك الدولة أكثر من يتوق للعبودية والدموية. ونحن في حلقة اليوم نتناول أحد أهم السجون الأمريكية، وأكثرها خزياً في وجه راعية الحرية، ألا وهو سجن أو معتقل جوانتنامو؛ فهيا بنا.

مقاطعة جوانتانامو هي إحدى مقاطعات كوبا الشرقية التي أخذت شهرتها بسبب وجود قاعدة جوانتانامو التابعة للبحرية الأمريكية في خليج جوانتانامو، ومن أشهر مدنها هما مدينتي جوانتانامو وهي عاصمة هذه المقاطعة وباراكوا.

أما قاعدة جوانتنامو؛ هي قاعدة عسكرية أمريكية، أُنشئت سنة 1903م، ومنذ عملية خليج الخنازير في فترة الستينيات من القرن العشرين، وقد عززت القوات الأمريكية تواجدها في جوانتنامو، وأكثر الحوادث شهرة، حادثة اعتقال أشخاص مسلمين من أفغانستان وباكستان ودول أخرى من أنحاء العالم عربية وأجنبية إلى معتقل جوانتانامو.

معتقل جوانتانامو: يقع معتقل جوانتانامو في خليج جوانتانامو وهو سجن سيء السمعة، بدأت السلطات الأمريكية باستعماله في سنة 2002م، وذلك لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين بحسب زعمها، ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، وذلك في أقصى جنوب شرق كوبا، حيث تبعد 90 ميل عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول أن معتقل جوانتانامو الأمريكي يمثِّل همجية هذا العصر، وحتوي هذا المعتقل على 532 معتقل من دول مختلفة.

ولقاعدة جوانتنامو قصة طريفة؛ ففي فبراير 1903م، قامت كوبا ممثلة برئيسها طوماس بتأجير الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة جوانتانامو بمقابل 2000 دولار أمريكي، في عهد الرئيس ثيودور روزفلت، كان ذلك امتناناً من الرئيس الكوبي للمساعدة التي قدمها الأمريكيون لتحرير كوبا.

احتج الثوار الوطنيون على ذلك القرار، وعلى إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات اعتراضاً على قرار الإيجار.

وعلى الرغم من ذلك ترسل الولايات المتحدة الأمريكية شيكاً بقيمة 2000 دولار سنوياً إلى حكومة كوبا.

وفي أزمة صواريخ كوبا في أكتوبر عام 1968م لغم فيديل كاسترو القاعدة لمحاولة إجلاء الأمريكان، لكن الرئيس جون كندي رفض التدخل في القاعدة وأكد حقه في استئجارها.

ويعتبر مراقبون أن معتقل جوانتانامو تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق ويتم معاملة المعتقلين بقساوة شديدة مما أدّى إلى احتجاج بعض المنظمات الحقوقية الدولية إلى استنكارها والمطالبة لوقف حد لهذه المعاناة واغلاق المعتقل بشكل تام.

سرّب موقع ويكيليكس المنادي بشفافية المعلومات 779 وثيقة تتعلق بسجن غوانتانامو والمعتقلين فيه تغطي الفترة ما بين (2002-2008)م.

هذا وقد كتب كاتب كتاب "ملفات غوانتانامو"؛ قصص 774 معتقلاً في سجن أميركاً غير القانوني"، وكتب مقدمة رافقت نشر الملفات على الموقع قال فيها: "إن الوثائق تسلط الضوء على الحقيقة في أحد الرموز المكروهة لعهد إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وهي معلومات لم تنشر على الملأ من قبل ولم تطّلع عليها وسائل الإعلام".

وقد قال أيضاً في مقدمته: "إن الوثائق تحتوي على تفاصيل دقيقة تتعلق بمعظم معتقلي جوانتانامو ضمن توصيات لجنة العمل المشتركة في السجن التي ألفتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2009م".

هذا وتحتوي المذكرات التي كتبتها لجنة العمل على دراسة وتوصيات بشأن بقاء المعتقلين أو ترحيلهم إلى جهة ثالثة. كما تحتوي على تقييمات للحالة الصحية للمعتقلين وصور تنشر للمرة الأولى.

يقول إن الوثائق تحتوي أيضاً على معلومات عن 201 سجين كانوا أول مجموعة أطلق سراحها من غوانتانامو بين (2002-2004)م، تشتمل على محاكماتهم ومحاضر التحقيق والمعلومات الاستخبارية التي اعتقلوا على أساسها والإجراءات التي اتخذت بحقهم. هذا بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالمعتقلين الذين أُطلق سراحهم بعد 2004م إلى الوقت الحاضر وبضمنهم سبعة معتقلين توفوا في السجن.

تبين الوثائق -بحسب كاتب الملفات- أن معظم الحالات اشتملت شهادات من سجناء ضد سجناء آخرين، وهي تعتبر غير قانونية لأنها أخذت إما تحت التعذيب في جوانتانامو أو أي سجون سرية أخرى تابعة للمخابرات الأميركية في بلدان أخرى. كما أن هناك شهادات زورٍ أدلى بها أحياناً سجناء كانوا يطمعون بمعاملة أحسن من قبل سجانيهم.

هذا وتُبين الوثائق المسربة كم دولة عدا الولايات المتحدة أرسلت ضباط مخابراتها للتحقيق مع معتقلي غوانتانامو، وتتضمن الصين وروسيا وطاجيكستان واليمن والمملكة العربية السعودية والأردن والكويت والجزائر وتونس. تبين الوثائق أن شهادات المعتقلين تغيرت في مناسبات عديدة أمام محققين ينتمون إلى بلدانهم الأصلية.

فمثلاً هناك معتقل سعودي قال بداية للمحققين الأميركيين أنه سافر إلى أفغانستان للالتحاق بمعسكر تدريب ممول من ليبيا. لكن المسؤول الأميركي أضاف أن "المعتقل غيّر روايته إلى رواية ذات مسؤولية جنائية أوطأ عندما جاء الوفد السعودي وحقق معه".

بينت ملفات سرية عن سجن جوانتانامو سربها موقع ويكيليكس أن السبب الرئيس وراء اعتقال مصور الجزيرة سامي الحاج لمدة ست سنوات في سجن جوانتانامو هو لمعرفة معلومات عن طريقة عمل القناة.

بينت الوثائق أن اللجنة المشتركة التي شكلتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2009م كتبت في نتائج تحقيقاتها أن الوثائق تبين السبب الرئيس لاعتقال سامي الحاج هو للتحقيق معه بشأن طريقة عمل الشبكة التلفزيونية من حيث "برامج التدريب ومعدات الاتصالات وعمليات جمع الأخبار في الشيشان وكوسوفو وأفغانستان".

كما تفيد نتائج التحقيقات بأن المحققين الأميركيين سعو إلى معرفة اتصالات الشبكة بما يسمونه "المجمعات الإرهابية" -بحسب زعمهم- التي يعتقد المحققون الأميركيون أن للقناة علاقة بهم.

وفي الوقت الذي أصرّ الحاج خلال التحقيقات على أنه مجرد صحفي قالت التحقيقات إن ملفه في المعتقل احتوى على إدّعاءات بأنه ساعد الجماعات الإسلامية في الحصول على أسلحة ومعدات قتالية ومبالغ نقدية. كما عثر في ملفه على ادّعاء من دولة الإمارات العربية بأنه عضو في تنظيم القاعدة.

يذكر أن سامي الحاج قد أُطلق سراحه من سجن جوانتانامو وعاد للعمل في شبكة الجزيرة عام 2008م بعد أن عجز المحققون الأميركيون أن يثبتوا صحة ادعاءاتهم ضده.

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,692

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً